«فضيحة سيغنال»..هل فقدت أمريكا سيطرتها على أسرارها العسكرية؟

عاصفة من الجدل في الأوساط السياسية والأمنية الأمريكية أثارها اجتماع سري لكبار مسؤولي إدارة الرئيس دونالد ترامب
وأمس الإثنين، كشف تقرير صادم لمجلة "ذا أتلانتيك" أن كبار مسؤولي إدارة ترامب - بمن فيهم نائب الرئيس ووزير الدفاع - ناقشوا خططا عسكرية حساسة عبر مجموعة دردشة مشفرة على تطبيق "سغنال"، بمشاركة صحفي "عن طريق الخطأ".
وتسبب هذا التسريب في مخاوف عميقة بشأن سلامة المعلومات السرية، وأثار تساؤلات خطيرة حول التزام الإدارة بالبروتوكولات الأمنية المعتمدة.
وكتب النائب بات رايان (ديمقراطي من نيويورك)، وهو من قدامى المحاربين في الجيش وعضو في لجنة القوات المسلحة، على حسابه في "أكس": "كلمة واحدة فقط تصف هذا: كارثة". مضيفا "إذا لم يعقد الجمهوريون في مجلس النواب جلسة استماع فورا حول كيفية حدوث ذلك، فسأفعل ذلك بنفسي".
ووصف أحد مساعدي الكونغرس الديمقراطيين، صحيفة "بوليتيكو" الأمر بأنه "كابوس أمني عملياتي".
وفي تقرير نشرته مجلة "ذا أتلانتيك"، كشف رئيس تحريرها جيفري غولدبرغ، أنه أُضيف عن طريق الخطأ إلى محادثة جماعية عبر تطبيق "سيغنال"، حيث كان كبار مسؤولي إدارة ترامب يناقشون تفاصيل خطط شن ضربات جوية ضد مليشيات الحوثي في اليمن.
تضمنت المحادثة، التي شارك فيها وزير الدفاع بيت هيغسيث، ونائب الرئيس جي دي فانس، ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، ومدير وكالة المخابرات المركزية جون راتكليف، تفاصيل عملياتية دقيقة تتعلق بالأهداف والأسلحة وجدولة الهجمات.
صدمة
داخل البنتاغون، سادت حالة من الصدمة إزاء استخدام تطبيق غير آمن لمناقشة مسائل بهذا القدر من الحساسية، حيث وصف مسؤول دفاعي هذه الخطوة لصحيفة "بوليتيكو" بأنها "لا تُصدق على الإطلاق".
وأعرب خبراء الأمن القومي عن استغرابهم من عدم استخدام المسؤولين لنظم الاتصالات السرية المخصصة لهذه المناقشات، مؤكدين أن هذا الخطأ يعكس إما ضعفا في الأمن السيبراني داخل وزارة الدفاع، أو إهمالا فادحا من المسؤولين المعنيين.
وأفادت مصادر، صحيفة "بوليتيكو" أن عدة معلومات حساسة، ربما تكون مصنفة سرية، تم تداولها في هذه المحادثة، بما في ذلك كشف هوية ضابط استخبارات نشط، وهي معلومة عادة ما تُبقى طي الكتمان.
وفي أول تعليق له، نفى الرئيس دونالد ترامب معرفته بهذه الواقعة، قائلا: "لست معجبا بمجلة ذا أتلانتيك".
ووفقا لمجلة "ذا أتلانتيك"، تلقى جيفري غولدبرغ طلبا للاتصال عبر تطبيق المراسلة المشفر "سيغنال" من مستخدم يُدعى "مايك والتز" في 11 مارس/أذار (يُفترض أنه مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب).
أُضيف غولدبرغ لاحقا إلى دردشة جماعية تُسمى "مجموعة الحوثيين الصغيرة" مع العديد من الأعضاء الآخرين الذين يبدو أنهم من كبار مسؤولي الإدارة.
الديمقراطيون غاضبون
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في "بوليتيكو"، أثارت ما أسمتها "الفضيحة" ردود فعل غاضبة من كبار الديمقراطيين، حيث طالب زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر بإجراء تحقيق شامل.
في حين صرح السيناتور كريس كونز بأن جميع المسؤولين الذين شاركوا في هذه المحادثة "ارتكبوا جريمة يعاقب عليها القانون"
وقال النائب جيم هايمز (ديمقراطي من ولاية كونيتيكت)، العضو البارز في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، إنه يعتزم استخدام جلسة الاستماع الخاصة بالتهديدات العالمية هذا الأسبوع للمطالبة بإجابات من كبار المسؤولين بشأن رسائل سيغنال النصية.
أما السيناتور روبن غاليغو (ديمقراطي من أريزونا)، وهو جندي مخضرم في مشاة البحرية، فكتب في منشور على موقع X: "ساعة الهواة. هؤلاء هم العباقرة الذين يبيعون أوكرانيا أيضا ويدمرون تحالفاتنا في جميع أنحاء العالم. لا عجب أن (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يُحرجهم على طاولة المفاوضات".
والجمهوريون أيضا
حتى إن بعض الجمهوريين أعربوا عن قلقهم، إذ وصف السيناتور جون كورنين الحادثة بأنها "خطأ جسيم"، بينما أكد النائب دون بيكون أن تسريب مثل هذه المعلومات عبر شبكات غير آمنة قد يكون كارثيا.
وسبق للحزب الجمهوري، بمن فيهم والتز، أن انتقد بشدة سوء تعامل الديمقراطيين مع المعلومات الحساسة، وأبرزها استخدام هيلاري كلينتون لخادم بريد إلكتروني خاص أثناء توليها منصب وزيرة الخارجية.
في ظل هذه التطورات، أعلنت وزارة الدفاع عن فتح تحقيق في الواقعة، وسط تساؤلات متزايدة حول مدى قدرة الإدارة الحالية على حماية أسرار الأمن القومي الأمريكي.
اعتراف وتحقيق
صرح برايان هيوز، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، بأن الدردشة "تبدو وكأنها سلسلة رسائل حقيقية".
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع أنها ستبدأ تحقيقًا في التسريبات.
لدى الحكومة الأمريكية أنظمة اتصالات سرية يُمكن للمسؤولين من خلالها مناقشة المعلومات الحساسة.
وفي هذا الصدد، تساءل خبراء الأمن القومي عن سبب لجوء كبار مسؤولي إدارة ترامب إلى استخدام تطبيق "سيغنال"، وهو تطبيق متاح مجانا طورته منظمة غير ربحية، لمناقشة خطط الحرب.
يقول مارك زيد، المحامي الذي مثّل مسؤولي الأمن القومي الحاليين والسابقين والمبلغين عن المخالفات: "لماذا لا نستخدم نظاما سريا وآمنا، لمناقشة خطط الحرب الوشيكة؟".
يأتي هذا الكشف بعد أيام قليلة من وعد وزارة الدفاع بمكافحة التسريبات، بعد أن أفادت عدة وسائل إعلام، بما في ذلك بوليتيكو، أن البنتاغون يخطط لتقديم إحاطة عسكرية لإيلون ماسك بشأن الصين.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل: "إذا فقد جندي جهازا حساسا، أو نظارات للرؤية الليلية، أو سلاحا، فكن على يقين من أن هذا الجندي سيُحاسب. يجب تطبيق معايير متساوية على كبار القادة العسكريين".
aXA6IDMuMTM5LjY0LjM5IA== جزيرة ام اند امز