يظن الحوثيون أنهم وجدوا ضالتهم باعتدائهم الإرهابي الأخير على منشآت مدنية في الإمارات.
كما ظنوا أن الإمارات ستهادن وتتراجع في عملياتها الأخيرة ضمن قوات التحالف العربي وتحركات ألوية العمالقة في شبوة ومأرب وغيرها من مناطق النزاع اليمنية، التي تغيرت معادلتها اليوم لصالح الشرعية في اليمن.. ولم يكن في حسبانهم أن الرد سيكون فورياً قويا بهذه الطريقة التي جرت، وأن العالم لن يقف صفاً موحداً إلى جانب الإمارات في إدانة واستنكار هذه الأعمال الإرهابية كما جرى أيضا.. فضلا عن إدانة منظمات دولية لها ثقلها مثل مجلس الأمن وجامعة الدول العربية، التي دعت إلى تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، كما دعت إلى ضرورة وجود تحرك عربي موحد ضدهم.
التحرك الإماراتي الحاسم والصارم كان تعبيرا عن "حق الرد" الذي احتفظت به لنفسها بعد وقوع الاعتداء الحوثي الإرهابي، وتم بالتعاون مع قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، فالترسانة العسكرية الإماراتية ليست بالهينة لا تخطيطاً ولا عدة وعتاداً، وذلك بشهادة أرقى المدارس الأمنية والدفاعية في العالم.
لقد تصور الحوثي أن اعتداءه يجعله في موقف أفضل، فيما الذي جرى على الأرض أنه أدى إلى تصعيد قوات التحالف بما تملكه من قدرات في ظل إدارة حرب قانونية وشرعية وإنسانية لإنقاذ الشعب اليمني من مليشيات إرهابية تريد اختطاف اليمنيين لصالح أجندات خارجية.
تساؤلات عدة تُطرح في هذا الشأن، وأهمها: إلى أين تتجه دفة الأمور اليوم في ظل عدم إعطاء الحليف الأمريكي وعداً واضحاً بإعادة إدراج الحوثيين على قائمة الإرهاب؟
ورغم ما يلوح في الأفق من تلميحات بشأن وجود مصالح أمريكيّة سياسيّة في ظل التفاوض الحالي مع إيران حول برنامجها النووي في فيينا، تظل السياسة الأمريكية تحوم في ضبابية حول المسائل المتعلقة بالشرق الأوسط، وهي التي بدأت ما يُعرف بـ"الحرب على الإرهاب" عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، حينما انطلق الرئيس جورج بوش آنذاك تجاه حرب طويلة مع تنظيمات إرهابية.. فشهدت المنطقة تغيراً مستمراً أفرز حراكاً متطرفا ورفع نبرة الطائفية والأيديولوجيا، خاصة في الشرق الأوسط، بدعم من قوى إقليمية معروفة، وعلى رأسها النظام الإيراني، الذي يدعم اليوم مليشيات تخريبية عديدة، منها الحوثيون.
ووسط كل التغيرات في المشهد السياسي اليوم لم يعد بالإمكان غض الطرف عن القوة الخليجية، التي تقودها السعودية والإمارات، في المنطقة لمحاربة الإرهاب، ولكن بطريقة أكثر اتزاناً وفاعلية من الطريقة الأمريكية، التي تكلفت ما يفوق تريليون دولار أمريكي، معظمها كانت موجهة للعمليات العسكرية والاستخباراتية، فيما تجاهلت الوقاية والتوعية الجماهيرية بخطر التطرف والإرهاب وخطابات الكراهية، رغم أنها الأساس، كون تلك التنظيمات تحشد أفرادها عبر شعارات تخترق عقول الشباب بها.
في هذا الصدد يبدو الموقف الإماراتي اليوم واضحاً جداً تجاه الحوثي الإرهابي في اليمن، فلا مجال للتدرج في التدابير لمحاربة إرهابه، بل التحرك الدولي الفوري ومضاعفة الجهود بشكل فعال هو الخطوة الأولى نحو معالجة وباء الإرهاب العالمي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة