"العين الإخبارية" تتعقب خيوط إرهاب الحوثي.. كيانات وهمية للهروب
كلما أيقن الحوثي أنه في خطر، زجّ بكيان وهمي يُحمّله وزرا يدرك أنه سينتهي به عاجلا أو آجلا بين فكي العدالة الدولية.
حيلة باتت مستهلكة كلما ضاق الخناق على المليشيات الحوثية وتراءى في أفقها شبح العقوبات الدولية، فتظهر فجأة ما تسمى بـ"ألوية الوعد الحق" تتبنى هجمات الانقلابيين على السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، في توزيع لافت للأدوار بين التنفيذ والتبني.
هذا الأمر تكرر مرتين يفصل بينهما عام كامل لكنهما يرتبطان بحدث واحد؛ وهو وجود مليشيات الحوثي الانقلابية على قوائم الإرهاب الأمريكية وتصعيد الموقف الدولي ضد التمادي الخطير لهذه الجماعة بحق الأمن والاستقرار وتحويل اليمن إلى منصة لنشر التطرف في المنطقة.
الظهور الأول
أول ظهور لما تسمى "ألوية الوعد الحق" كان في ٢٣ يناير/كانون الثاني 2021، حين تبنى الكيان الوهمي، في بيانه رقم ١، هجوما بطائرة بدون طيار على قصر اليمامة بالعاصمة السعودية الرياض.
وقال البيان الذي نشر، آنذاك، على قناة بتطبيق المحادثات الروسي "تليغرام": "ها هم أبناء الجزيرة العربية يوفون بوعدهم ويرسلون طائرات الرعب المسيرة إلى المملكة (العربية السعودية) ويدكون حصونهم في قصر اليمامة وأهدافا أخرى في الرياض".
وبعد التغني بذلك الهجوم الفاشل، عادت "ألوية الوعد الحق" ونشرت بيانا ثانيا بعد 4 أيام فقط أي في 27 من الشهر نفسه، تضمن صورة مفبركة لطائرة قتالية جوية دون طيار وهي تستهدف برج خليفة بدبي؛ في هجوم افتراضي لم يحدث إلا في خيال الكيان الوهمي.
"رقص على العقوبات"
تزامن توقيت ظهور "ألوية الوعد الحق" في يناير/كانون الثاني ٢٠٢١، وتبنيها هجمات حوثية على السعودية، مع دراسة إدارة الرئيس الأمريكي الجديد آنذاك، جو بايدن، رفع الحوثي من قوائم الإرهاب الأمريكية.
دراسة تحولت إلى قرار رسمي برفع الحوثي من قوائم الإرهاب الأمريكية في فبراير/شباط من العام ذاته؛ ما أورث قادة المليشيات حينها الأمان؛ وتوارت ألوية الوعد الحق إلى الخلفية، وعادت "حليمة إلى عادتها القديمة" بتبني جماعة الحوثي هجماتها ضد السعودية ومؤخرا ضد دولة الإمارات العربية المتحدة.
وبعد الهجوم الحوثي ضد أعيان مدنية بالعاصمة الإماراتية أبوظبي في 17 يناير/كانون الثاني الماضي، خاضت دولة الإمارات مسارا دبلوماسيا فعالا وقويا، وأعلن بايدن عقب الهجوم بأيام، أن إعادة الحوثيين إلى قوائم الإرهاب "قيد النظر".
وهم من رحم الرعب
ومع اقتراب شبح العقوبات وقوائم الإرهاب، عادت "ألوية الوعد الحق" للظهور مجددا، زاعمة، في بيان حمل رقم 3، استهداف دولة الإمارات بهجوم بطائرات مسيرة.
هجوم جديد صنعه الكيان ومن يقف وراءه في رحم أوهامهم قبل أن يخرج في شكل بيان مشوه ومشبوه يستهدف إثارة صدى إعلامي باتت جميع فوهاته موجهة ضد إرهاب المليشيات الحوثية والراعي لها.
مزاعم سارعت وسائل إعلام الحوثي للترويج لها في محاولات فاشلة لضخ الحياة فيها، لكن انكشاف سجلات المليشيات وأساليب أبواقها الإعلامية، حرمها تحقيق هدفها المنشود.
كما أن مباركة مليشيات الحوثي المبكرة لمحتوى البيان الخارج من مطابخها باسم "ألوية الوعد الحق" يؤكد مواصلة الانقلابيين لعبة توزيع الأدوار ولو بسذاجة وحيل مكشوفة لا تنطلي على أحد سوى المغرر بهم من أتباعهم.
وهذا الانفصام أو الانفصال الذي يظهر في هوية المليشيات الحوثية تكرر حتى في الداخل اليمني حين تبنت ما تسمى بوحدة الصواريخ أكثر من موقف رافض لاتفاقات يبرمها الفريق المفاوض للحوثيين.
وسواء كانت التسمية الإعلامية التي تدثرت بها مليشيات الحوثي هي "ألوية الوعد الحق" أو "الوعد الصادق" فإن ما هو معلوم هو أن هذه الجماعة هي مصدر الشرور في المنطقه والخطر الداهم على خطوط الملاحة والمصالح الدولية في المنطقة.
وأمس الأول، أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية اعتراض وتدمير 3 طائرات من دون طيار اخترقت المجال الجوي للبلاد.
وقالت الوزارة، في بيان، إنه تم اعتراض وتدمير 3 طائرات من دون طيار معادية اخترقت المجال الجوي للدولة فجر الأربعاء، بعيدا عن المناطق المأهولة بالسكان.
روابط إيرانية
بعد عام كامل من ظهور "ألوية الوعد الحق" لأول مرة، وإصدارها ٣ بيانات فقط طوال هذه المدة، بات واضحا، أن هذا الكيان يركّز على الحملة الدعائية والهجمات التي تستهدف المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، ولا تظهر إلا عندما تتعرض مليشيات الحوثي للضغط.
ووفق تقرير سابق لمعهد "واشنطن" الأمريكي لدراسات الشرق الأدنى، تصطلح بعض القنوات الإعلامية التابعة للمليشيات المدعومة إيرانيا، إلى "ألوية الوعد الحق" باسم "ألوية الوعد الصادق"، بما يحمل المعنى نفسه، لكنه يشير إلى أن تسمية الجماعة ربما لم تكن في الأصل باللغة العربية.
وكما هي التسميات المعلنة من أذرع طهران في المنطقة على أجنحتها المحلية مستوردة من المعجم العسكري الإيراني على غرار تسمية الحوثيين وحدة القوات "الجو فضائية" فإن تسمية الوعد الصادق خارجة أيضا من ذات المعجم الذي يسمي حتى للحوثيين قواتهم.
كما تكثر الأدلة التي تُظهر أن "ألوية الوعد الحق" لديها روابط فريدة مع "كتائب حزب الله" العراقية المدعومة إيرانيا، وفق المعهد الأمريكي الذي استند إلى تحليل الروابط الإعلامية بين المنصات الإعلامية التي يديرها الطرفان.
في المقابل تندرج المنصات الإعلامية للحوثيين في ذات الإطار الذي يلم فضاء واسعا من الأقنية والوسائل الإعلامية التي ترتبط بطهران وبمكتب المرشد الأعلى، كما بينت دراسة أخرى لمعهد واشنطن .
ودلل معهد "واشنطن" على هذه العلاقة بأن وسائل الإعلام الإخبارية لـ "كتائب حزب الله" تشير بانتظام إلى "ألوية الوعد الحق" وتشيد بها.
مضيفا أنه "جرى، بشكل حصري، استخدام جماعة الواجهة ألوية الوعد الحق التي تتمتع بعلاقات فريدة مع كتائب حزب الله وتقع تحت السيطرة المباشرة لـفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، للادعاء بشن هجمات ضد السعودية والإمارات أو التهديد بشنها".
لماذا الآن؟
وفق ما استقصته "العين الإخبارية" من مراقبين، فإن تجدد ظهور مسمى "ألوية الوعد الحق" قبل يومين، يأتي نتيجة ضغوط عديدة أبرزها؛ تصاعد المواقف الدولية ضد الحوثي والدعوات لتحرك دولي لردعها وتصنيفها منظمة إرهابية، وكذلك الإعلان عن مناورات بحرية تشارك بها دول عديدة في البحر الأحمر، مما يجعل المليشيات وطهران تتجه لاعتماد تكتيكات متوازية في تبني الهجمات وليس في تنفيذها.
وبالإضافة إلى ذلك، لفت مراقبون إلى فرضية أخرى تتمثل في أن ظهور "ألوية الوعد الحق" مرتبط بفشل المليشيات الحوثية في خلق الإرباك والتأثير على الشركات وقطاع المال والاستثمارات الدولية وبالذات داخل دولة الإمارات؛ ومن ثم ظهرت فكرة تنويع مصادر الهجمات الإرهابية.