عبدالواحد أبو راس.. «بهلوان الحوثي ومهندسه» للمهمات السوداء
مهندس اجتياحات الحوثيين من عمران وحتى صنعاء عام 2014، قبل كمونه عن الأنظار لنحو 10 سنوات، والعودة كناظم لأخطر المهام السرية للمليشيات الانقلابية.
إنه عبدالواحد ناجي محمد أبو راس، بهلوان الحوثي ومهندس كيده، البارع في ارتداء الأقنعة وتقمص الأدوار، يتلون مثل الحرباء لأصعب المهمات، بدءا من "ضابط ارتباط"، ثم مهرب للسلاح والمخدرات، ومجرم حرب متخصص في تفجير المنازل، وشيخ وساطة، ومفاوض، وحتى "دبلوماسي".
ومؤخرا أسند زعيم المليشيات الحوثية لـ"أبو راس" علنا المسؤولية عن إدارة الملفات السياسية والأمنية للجماعة، وعينه بمنصب نائب وزير الخارجية في الحكومة غير المعترف بها، ليلقى "أبوحسين"، كما يُكنى، احتفاء كبيرا لدى ناشطي الجماعة، كخطوة تُضفي الدبلوماسية كغطاء لمهامه السرية السوداء.
من هو؟
ولد أبو راس في محافظة الجوف، لكنه سرعان ما انسلخ عن أرض كانت يوما ما موطنا لمملكة "معين" اليمنية القديمة، إذ انتقل للتدرب في صعدة وإيران، وأصبح عينا مأجورة على بلده، كأحد أوائل مؤسسي جهاز تجسس مليشيات الحوثي، بقيادة طه المداني (قتل في عام 2015 بغارة للتحالف).
وشارك القيادي الحوثي كضابط ارتباط للحوثيين وإيران خلال حروب تمرد صعدة (2004-2009)، وكان في الوقت ذاته همزة وصل الجماعة بتجار السلاح في مأرب، ومنذ عام 2010 كُلف بإسقاط موطنه "الجوف"، التي أفلت فيها من ضربة حاولت اصطياده.
ويصفه كثيرون من قبائل الجوف بأنه "مجرم حرب"، إثر تفجيره عديد المنازل لزعمائها وأبنائها ضمن سياسة انتقامية، ويقولون إنه سعى "للترهيب الجماعي لمن يناهض الجماعة"، التي اتخذت هذا النهج لتطويع الحزام القبلي في محيط معقلها الأم بين عامي 2011 و 2014.
وخلال هذه المدة وظف الحوثيون أكثر من 43 اتفاقا مع القبائل وآخر مع الحكومة اليمنية لشرعنة توسعهم، وكان أبو راس واحدا من أبرع القادة المتصدرين للمشهد، إذ ارتدى في العلن "ثوب القبيلة" وقدم نفسه شيخا ووسيطا وممثلا للجماعة في مؤتمر الحوار الوطني، وفي السر ظل دوما ممسكا خنجر غدره كذراع أمنية وعسكرية.
كما نجح الحوثيون في تحويل أبو راس لبطل عندما ضحت بمرافقيه، لجعله ينجو من عملية اغتيال صورية بصنعاء عام 2013، لاتخاذها ذريعة لوقف مشاركتهم في "مؤتمر الحوار"، ودفع الرجل لمهام جديدة لدى الرئاسة والأطراف اليمنية، وصلت لعمله كساعي بريد يحمل بطائرة خاصة رسائل التودد والرضى لزعيمه عبدالملك الحوثي في كهوف صعدة.
ووفقا لمصدر خاص تحدث لـ"العين الإخبارية" فإن أبرز مهام أبو راس السرية سابقا تمثلت في "ملف الحدود وتهريب المخدرات لدول الجوار"، فضلا عن كونه عنصر ارتباط الجماعة بتجار السلاح في مأرب، وقائدا للمليشيات في الجوف.
كما هندس علاقات واسعة مع مافيا التهريب، وكان أبرز ضباط خلية الارتباط المباشرة للحوثيين مع فريق الجنرال الإيراني الراحل قاسم سليماني، قبل حصوله مع عبدالكريم الغماري (من أركان مليشيات الحوثي ومدرج على لائحة الإرهاب العالمية) على توصية مباشرة من مكتب مرشد إيران علي خامنئي كذراع لتنفيذ توجهاته.
مهام سوداء في الداخل للخارج
وانتقلت مهام "أبو راس" علنا من الداخل إلى الخارج عند تنصيبه نائبا لما يسمى "وزارة الخارجية" غير المعترف بها، لتسهيل مهامه كمسؤول عن "ملف التوسع الخارجي والقرن الأفريقي"، ضمن منصبه السري كرأس للقطاع الخارجي في جهاز "الأمن والمخابرات" التابع للحوثيين.
ويرى مراقبون أن دفع زعيم المليشيات مجددا ببهلوانه إلى الواجهة يحمل رسالة ضمنية عن رغبة الجماعة في تقوية علاقاتها بحركة "الشباب" في الصومال، التي زودتها بـ20 ألف قطعة سلاح مؤخرا، وانتدبت لديها مدربين عسكريين وخبراء في عدة مهام.
وكانت تقارير إعلامية كشفت عن شخصية صومالية تُدعى محمد صالح ابراهيم سعيد، أحد أبرز أذرع فرق أبو راس الميدانية في القرن الأفريقي، ويعمل كهمزة وصل بينه وبين حركة الشباب الإرهابية، فرع تنظيم القاعدة بالصومال.
كما أن هناك عدة مهام أخرى للقيادي الحوثي عبدالواحد أبو راس، ذكرها مصدر خاص لـ"العين الإخبارية" وتقرير داخلي للجماعة نُشر مؤخرا، هذه أبرزها:
• تفكيك الجبهة الدبلوماسية للحكومة الشرعية واستقطاب أكبر عدد ممكن من موظفي السفارات والقنصليات اليمنية.
• الإشراف على تنفيذ محددات وموجهات إيران لدى الحوثيين للعمل بشكل منسق مع "محور المقاومة" في الملفات السياسية والأمنية ومواجهة أي جهود أمريكية مع حلفائها لمنع اتساع رقعة الحرب بالمنطقة.
• تشييد مراكز أمنية سرية تعمل كمحطات للمعلومات مع فيلق القدس وحزب الله وحماس، في دول مجاورة ودول أفريقية لا سيما الواقعة على ضفة البحر الأحمر وخليج عدن.
• تقوية العلاقة مع الجماعات كحركة الشباب الصومالية، والشخصيات والعناصر لا سيما في 6 دول أفريقية، لتنفيذ هجمات وقرصنة "عند الحاجة" أو حال اشتد الضغط الدولي على الحوثي لوقف عملياته البحرية.
• تعزيز نشاط "قطاع العمليات الخارجية" لجهاز مخابرات الحوثي، وإعداد قوائم بالشخصيات المناهضة خارج اليمن لما يسمى "محور المقاومة" والإطاحة بها بالتنسيق مع وكلاء إيران وجماعات أخرى بالمنطقة.
يشار إلى أن أتباع رجل الدين اليمني حسن التهامي يتهمون أبو راس باختطاف زعيم جماعتهم المعروفة بـ"حركة أنصار المهدي"، منذ 4 أعوام، فيما يترافع قبليون آخرون أمام محكمة بصنعاء ضد القيادي نفسه بتهمة الإشراف وتنفيذ اغتيالات عند عمله كنائب لرئيس جهاز مخابرات المليشيات الحوثية.
aXA6IDMuMjMuMTAzLjIxNiA= جزيرة ام اند امز