طفولة بوريس جونسون.. أسرار قد تفسر "الفشل" السياسي
بعدما أصبح رئيسا للوزراء اقتيد بوريس جونسون عبر المسافة القصيرة من داونينج ستريت إلى قصر باكنجهام، من أجل أول لقاء له مع الملكة.
ويعتبر تقبيل يد الملكة لحظة مهمة لأي رئيس وزراء جديد في بريطانيا، وكان جونسون يهمهم عندما عاد إلى رقم 10.
يتذكر أحد الحضور حينها، حسب صحيفة "التايمز" البريطانية: "بدأ يخبر الجميع ما قالته الملكة"، ويبدو أنها قالت إنها لا تعرف سبب رغبة أي أحد في تلك الوظيفة العليا.
وأضاف: "اضطر أحد الموظفين لمقاطعته وقال إن المحادثة بين رئيس الوزراء والملكة يجب أن تظل سرية.. تلك السرية مقدسة بكل تأكيد ولكن منذ أول يوم وصل فيه إلى رقم 10، اتسمت رئاسة وزراء جونسون بسوء التقدير وخرق القواعد".
وكان استعداد جونسون لخرق قواعد السياسة وإعادة تشكيل الأعراف على طريقته سر نجاحه في البداية، حيث وصفه الخبير الاستراتيجي بحزب المحفاظين السير لينتون كروسبي بـ"سياسي الخبز متعدد الحبوب في عصر الخبز الأبيض.. صاحب الشخصية الملونة في عالم البذلات الرمادية".
وطبقًا لـ"التايمز"، يعتقد جونسون أن القواعد لـ"الناس البسيطة"، وقد عجلت عدم قدرته المتكررة على قول الحقيقة بسقوطه في النهاية.
وقال خبير استراتيجي سابق في داونينج ستريت عشية استقالة جونسون: "ما أطاح برؤساء وزراء سابقين كان النزاعات المتعلقة بالسياسة، ما أطاح ببوريس كانت أكاذيبه والحفلات".
"هذا ليس الإرث الذي يريد أي رئيس وزراء أن يأخذه معه، ولهذا كان متشبثا (بالمنصب). كانت أجندته السياسية فقط كيفية تعيين بوريس جونسون رئيسا للوزراء. وبمجرد تحقيق ذلك لم يكن لديه أي هدف آخر بخلاف بقائه في السلطة، أصبح رقم 10 ساحة لإرضاء أهواء رئيس الوزراء. لم يكن هناك محاسبة، أو أهداف، فقط كارثة"، بحسب الخبير.
ورجح المؤرخ اللورد بيتر هينيسي أن الاعتماد التقليدي للدستور على الأخلاق أصبح معلقا في عهد جونسون، الذي خسر اثنين من مستشاريه للأخلاق، مضيفا: "إنه لأمر خارق للعادة كيف يمكن لشخصية مارقة واحدة في النظام السياسي إلقاء النظام بأكمله في حالة من الهشاشة الكاملة."
وأضاف: "تعتمد الكثير من الاستقامة في الحياة العامة والإجراءات الحكومية اللائقة على أن يكون الشخص في القمة شخصا جيدا (من أي من الجنسين)"، مشيرا إلى أن جونسون "ليس رجلا تحفزه خدمة العامة، إنه المثال الأكثر دراماتيكية رأيناه على الإطلاق لرئيس وزراء مغرور".
وقال أحد المستشارين السابقين برقم 10: "تمكن من توحيد مجموعة قوية جدا من الأعداء بشتى الأطياف السياسية. معظم كبار الساسة ينتهي بهم الحال مع مجموعة من الأنصار المخلصين الذين يواصلون دعمهم بعد مغادرتهم، وفي حال بوريس فإن الناس الذين عارضوه بشدة كانوا أقرب من عمل معه".
وقال السير ماكس هاستينجز، الرئيس السابق لجونسون بصحيفة "ديلي تليجراف"، بصراحة أكبر "الوحيدون الذين يحبون بوريس جونسون هم من لا يعرفونه".
وفي أحد الأوقات وصف جونسون بالسياسي الذي يمكنه الوصول إلى أجزاء من قاعدة الناخبين لا يمكن للمحافظين الآخرين الوصول إليها، مع تفاؤل وطاقة ترددت أصداؤها خارج القاعدة المحافظة التقليدية.
ويعتقد السياسي البريطاني ديفيد جوك أن الحفلات التي شهدها داونينج ستريت خلال فترة الإغلاق خلقت نقطة تحول في نظرة الرأي العام لرئيس الوزراء، قائلًا: "أحب الناس بوريس لأنه جعلهم يشعرون بأنهم يفهمون المزحة، لكن بارتي جيت غيرت ذلك وتركت لديهم انطباع أنهم هم الأضحوكة".
ويعتقد خبير استراتيجي محافظ سابق أن جونسون أصيب بجروح بالغة بسبب عيوب شخصيته، قائلًا: "يظهر نفسه بشخصية المهرج لإخفاء الشخصية البغيضة بداخله، والأمر سيان بحياته الشخصية والعملية. إنه مثل طفل بالغ وإذا وقف الناس في طريق ما يريده يتخلص منهم".
طفولة فوضوية
ولد ألكساندر بوريس دي بيفل جونسون عام 1964 في مدينة نيويورك، وعلى مدار 14 عاما من حياته، انتقلت عائلته 32 مرة.
وبحسب "التايمز"، كانت نشأة فوضوية ومربكة ترك فيها جونسون وأشقاؤه الثلاثة ليربوا أنفسهم بأنفسهم إلى حد كبير، حتى إن والدههم تحدث عن أنه لم يحضر اجتماع الآباء والمعلمين لأي من أبنائه.
وعانت والدته، شارلوت وال، رسامة بارعة توفيت العام الماضي، من اضطراب الوسواس القهري المدمر قبل تشخيص حالتها بمرض باركنسون وهي بعمر 40 عاما.
وأودعت مستشفى للأمراض النفسية عندما كان جونسون بعمر عشرة أعوام وقالت ذات مرة إنها مقتنعة أن رغبته من طفولته في أن يصبح "ملكا عالميا" كانت نابعة من "رغبته في أن يجعل نفسه منيعا وفي مأمن من آلام اختفاء والدته لثمانية شهور".
وبإرساله إلى مدرسة إيتون الداخلية بعمر 13 عاما، طور شخصيته المهرجة المميزة الآن وتبنى اسم "بوريس" ليتماشى مع هويته الجديدة.
وقال الصفي توبي يونج، الذي تعرف عليه في أوكسفورد، في وقت سابق من هذا العام: "هناك مزيج من الغرور والهشاشة"، لافتا إلى أنه يبدو كشخص تريد طمأنته واحتضانه، "هناك شيء صبياني بشأنه، إنه الجرح النرجسي الذي غالبا ما ينطبق على المشاهير، شعروا بالتقليل من شأنهم ونبذهم بسبب العلاقات المعقدة، لذا يسعون لكسب تأييد أعداد كبيرة".
واعتقد حلف مقرب آخر أن جونسون عندما دخل السياسة كان "يحاول استبدال الحب الحقيقي بالمصطنع" وسد الفجوات العاطفية الناجمة من فترة طفولته.
وعندما أصبح جونسون رئيسا للوزراء أمل أنصاره في اكتساب بعض الجدية والصرامة والآداب، لكن أخبر جونسون نفسه مستشاره السابق ويل والدن: "لن أتغير أبدا. هذا أنا".
aXA6IDMuMTQ0LjI1Mi41OCA=
جزيرة ام اند امز