إنفيديا تتمرد على ترامب: الشركة ستواصل خدمة السوق الصينية

قال تحليل نشرته مجلة الإيكونوميست إن الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، جنسن هوانغ، زار بكين الشهر الماضي حاملاً رسالة واضحة: الشركة ستواصل خدمة السوق الصينية دون تردد، لكن واشنطن لم تكن راضية.
وقبل زيارته بأيام، فرضت إدارة ترامب قيوداً جديدة على تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي، حظرت فعلياً بيع شريحة H20 الأحدث من إنفيديا للصين.
وبحسب التقرير، فإنه على مدى السنوات الأخيرة، كثّفت الولايات المتحدة جهودها للحد من وصول الصين إلى أشباه الموصلات المتقدمة، خاصة تلك المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
ومنذ عام 2022، ركزت القيود على الشرائح ذات القدرة العالية في المعالجة وسعة النطاق في نقل البيانات، وهما عاملان أساسيان في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي. وردت إنفيديا بإصدار نموذج خاص بالصين H800 يفي بالحدود المسموح بها. لكن بعد تشديد القواعد مجدداً في 2023، ابتكرت إنفيديا شريحة H20، التي أصبحت بدورها محظورة.
سلسلة إمداد مخفية
ورغم هذه القيود، ما زالت شركات الذكاء الاصطناعي الصينية تحصل على هذه الشرائح. فقد نشأت سلسلة إمداد مخفية عالمية للالتفاف على قواعد التصدير.
وتلجأ بعض الشركات إلى استئجار خوادم في مراكز بيانات خارجية، بينما تستخدم أخرى وسطاء غامضين للشراء. وتستهدف الجولة الجديدة من القيود، التي تدخل حيّز التنفيذ في 15 مايو/أيار، ليس فقط العتاد بل أيضاً مزودي الخدمات السحابية، لكن التحديات التنفيذية لا تزال قائمة.
على سبيل المثال منطقة جوهور في جنوب ماليزيا، الواقعة قرب سنغافورة. كانت معروفة بزراعة زيت النخيل، لكنها أصبحت مركزاً لمراكز البيانات بفضل انخفاض تكاليف الكهرباء وسهولة استخراج التراخيص.
وقد استثمرت شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى مثل أمازون، وغوغل، ومايكروسوفت، وأوراكل هناك.
ووفقًا لشركة نايت فرانك، قفزت القدرة الإجمالية لمراكز البيانات في جوهور من 10 ميغاواط عام 2021 إلى أكثر من 1500 ميغاواط بحلول 2024.
وقد تحولت جوهور إلى بوابة خلفية للشركات الصينية، مثل بايت دانس (مالكة تيك توك)، التي استأجرت سعة سحابية هناك. وبهذا، يمكنها الوصول إلى شرائح إنفيديا المحظورة من دخول الصين. وتقدر شركة SemiAnalysis أن نحو نصف القدرة المخطط لها لمراكز بيانات جوهور بحلول 2027 ستحتوي على شرائح ذكاء اصطناعي مثل تلك التي تنتجها إنفيديا.
وتدعم بيانات التجارة هذا التوجه. تُنتج شرائح إنفيديا المتقدمة في مصانع شركة TSMC التايوانية. وفي الربع الأول من عام 2024، صدّرت تايوان شرائح معالجة رسوميات إلى ماليزيا بقيمة 3.6 مليار دولار، أي ما يعادل تقريباً إجمالي صادرات عام 2023 بأكمله. وفي مارس/أذار وحده، بلغت الصادرات نحو ملياري دولار، أي ثلاثة أضعاف الشهر السابق.
تهريب مباشر
وهناك أيضاً عمليات التهريب المباشر، حيث يتم نقل الشرائح عبر دول ثالثة لا تشملها القيود الأمريكية، ويتم تزوير الأوراق التجارية لتجاوز الجمارك، مثل تغيير التصنيفات أو استخدام شركات وهمية. ويقدّر إيريك غرونوالد من معهد سياسات واستراتيجيات الذكاء الاصطناعي أن الشرائح الأمريكية المهرّبة شكّلت ما بين 10% إلى 50% من القدرة التدريبية لنماذج الذكاء الاصطناعي في الصين عام 2023. وقبل فرض القيود عام 2022، كانت الصين تمثل 22% من إيرادات إنفيديا. انخفضت هذه الحصة إلى 13%.
وفي فبراير/شباط، ألقت الشرطة السنغافورية القبض على ثلاثة رجال بتهمة بيع خوادم تحتوي على شرائح إنفيديا بقيمة 390 مليون دولار، يعتقد أنها نُقلت لاحقاً إلى ماليزيا. ومن غير الواضح ما إذا كانت انتهى بها المطاف في الصين، لكن الحافز المالي موجود. إذ تُباع الشرائح المحظورة الآن بفارق سعري يتراوح بين 30% و50% في السوق الرمادية.
ورغم إن إنفيديا تجرى عمليات تدقيق، لكن من الصعب جداً تتبع المستخدم النهائي لكل شريحة، بحسب مطلعين في الصناعة.
كما أن تطبيق القوانين يواجه مشكلات مألوفة. مكتب الصناعة والأمن المسؤول عن تطبيقها يعاني من نقص الموارد، حيث يدير منطقة جنوب شرق آسيا وأسترالاسيا مسؤول واحد فقط، رغم كونها مركزاً رئيسياً للتجارة الرمادية. والأسوأ أن المكتب يواجه خفضًا في ميزانيته بنسبة 12% هذا العام.
واختتم التقرير بالتأكيد على أنه إذا كانت أمريكا تريد البقاء في الصدارة في سباق الذكاء الاصطناعي، فعليها أن تُسرع في الابتكار بدلاً من تشديد القيود.
aXA6IDE4LjExNy4xMDEuMTMwIA== جزيرة ام اند امز