تكيف وهروب وانقراض.. هكذا يهدد المناخ الغاضب التنوع البيولوجي
يرتبط التغير المناخي بالتنوع البيولوجي، وكل واحد منهما يؤثر على الآخر بشكل ما.
يُعرّف «الصندوق العالمي للطبيعة» (WWF)، التنوع البيولوجي على أنه مصطلح يشير إلى جميع أنواع الكائنات الحية الموجودة في منطقة محددة، وتتضمن هذه الكائنات: النباتات والحيوانات والفطريات، بالإضافة إلى الكائنات الحية الدقيقة، وتعمل كل هذه الكائنات معًا داخل النظام البيئي؛ من أجل الحفاظ على التوازن ودعم متطلبات الإنسان في الطبيعة للبقاء على قيد الحياة.
وتتضمن هذه المتطلبات: الماء والغذاء والمأوى وغيرهم. وقد أدرجت الأمم المتحدة يومًا عالميًا للتنوع البيولوجي، وهو يوم 22 مايو / أيار من كل عام؛ لنشر الوعي حول التنوع البيولوجي وضرورة الحفاظ عليه، كما انطلقت مؤتمرات خاصة بالتنوع البيولوجي أشهرها مؤتمر الأطراف للتنوع البيولوجي.
مؤتمر الأطراف للتنوع البيولوجي
بينما تتجه أنظار العالم إلى مؤتمر الأطراف المعني بالمناخ (COP)، لا يهتم كثيرون بمؤتمر آخر، اختصاره أيضًا (COP)، وهو المعني بالتنوع البيولوجي، وعُقدت النسخة الأخيرة منه (COP15)، في مونتريال بكندا في ديسمبر / كانون الأول 2022، بعد قمة المناخ، في دورتها السابعة والعشرين (COP27)، التي استضافتها مدينة شرم الشيخ في مصر. ويهدف مؤتمر الأطراف للتنوع البيولوجي إلى مناقشة الحلول اللازمة للحفاظ على التنوع البيولوجي للكائنات الحية والأنواع المختلفة على سطح الأرض، والتي تعاني من تهديد العديد من المخاطر، أبرزها التغير المناخي والأنشطة البشرية.
ويُشير بيان على موقع «برنامج الأمم المتحدة البيئية» (UNEP)، إلى هذه الأهداف التي خرج بها مؤتمر الأطراف للتنوع البيولوجي في قمته الخامسة عشر:
- اعتماد إطار واضح وعادل، مع تحديد متطلبات التنفيذ.
- وضع أهداف واضحة للحد من التلوث والممارسات الزراعية غير المستدامة والاستغلال الزائد للموارد.
- اعتماد خطة موثوقة، تحفظ حقوق الشعوب الأصلية، والاعتراف بهم كحماة للطبيعة.
- تمويل العمل على حفظ التنوع البيولوجي وتوجيه الأموال نحو الاستثمارات المستدامة.
لماذا علينا الحفاظ على التنوع البيولوجي؟
تتعدد الأسباب التي تجعلنا في حاجة ماسة للحفاظ على التنوع البيولوجي، من ضمنها:
تخفيف آثار التغير المناخي
هناك علاقة وثيقة بين التغير المناخي والتنوع البيولوجي، كلاهما يؤثر على الآخر بشكل ما؛ فمثلًا، عند حدوث خلل ما في الغابات والمسطحات المائية والتندرا، تنطلق الغازات الدفيئة للغلاف الجوي، ما يؤدي إلى تسريع عملية الاحترار العالمي. إضافة إلى ذلك، تستطيع الأشجار في الغابات امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي في أثناء عملية البناء الضوئي، وتحوّل ثاني أكسيد الكربون إلى كربون مُخزّن في التربة وينطلق الأكسجين للغلاف الجوي، وتستفيد منه الكائنات الحية الأخرى في التنفس.
حماية مواردنا الأولية
عند تتبع سلسلة أغلب الأشياء التي نستخدمها في حياتنا اليومية، نجد أنّ مصدرها الأساسي من الطبيعة، بداية من القلم الرصاص الذي تكتب به، والمصنوع هيكله من الخشب، وصولًا إلى الأدوية التي يحصل عليها المريض، وهي مستخرجة من نباتات أو حيوانات أو أحياء دقيقة أو أي كائنات حية أخرى. وهذا يعني أنّ الأنواع البيولوجية هي المورد الأوّلى لأغلب احتياجاتنا.
تعزيز الأمن الغذائي
يعتمد الإنسان على المحاصيل الزراعية والحيوانات في غذائه، وهناك بعض البلاد تتخذ من الحشرات غذاءً لها في شرق آسيا؛ وعندما يتأثر التنوع البيولوجي، قد نفقد الأنواع النباتية والحيوانية التي اعتاد الإنسان على ضمها في نظامه الغذائي.
- عام بلا صيف.. هل تؤثر البراكين على تغير المناخ؟
- وفوائد أخرى
تُدر الأنواع البيولوجية على الأرض بفوائد عدة:
- تستخدم النباتات ضوء الشمس في عملية البناء الضوئي؛ فتنمو.
- يعمل كائن المحار على تنقية المياه؛ فتُصبح أكثر نظافة.
- تستطيع الأشجار تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الأكسجين.
- تحلل البكتيريا الأجسام الميتة والمواد العضوية داخل التربة إلى عناصرها الأولية التي تستطيع الكائنات الحية الاستفادة منها.
- ينتقل نحل العسل من زهرة إلى أخرى حاملًا حبوب اللقاح، ما يعزز عملية التكاثر بين النباتات، إضافة إلى إنتاجه للعسل الشهي.
كيف يؤثر التغير المناخي على التنوع البيولوجي؟
يتأثر التنوع البيولوجي بالتغيرات المناخية أيضًا، ومن ضمن هذه التأثيرات:
تكيف أم هروب أم انقراض؟
وفقًا لـ«متحف التاريخ الطبيعي»؛ فقد ازدهرت الأنظمة البيئية والأنواع في ظروف مناخية محددة، تؤثر بشكل ما على أنماط حياتها مثل مواسم الهجرة والتزاوج وغيرهما، لذلك مع ارتفاع درجات الحرارة، تقف الأنواع أمام عدة خيارات: إما التكيف مع الظروف الجديدة أو الانقراض أو الهروب إلى وطن آخر، وقد يفلحون في العثور عليه أو يفشلون. وهناك بعض الأنواع كالحشرات والنباتات لا تستطيع الهروب من موطنها؛ فتكون معرضة أكثر لخطر الانقراض.
فرصة سانحة
تزداد فرصة الأنواع الغازية في الانتشار، ما يؤثر بالسلب على الأنواع المحلية، والأنواع الغازية، هي تلك التي تأتي من موطن آخر عبر الحركة التجارية وتنتشر في موطن جديد، وتنافس على الموارد المحدودة المتاحة. ومع تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة، ستقل قدرة الأنواع المحلية، وتزداد فرصة انتشار الأنواع الغازية.
عند السواحل
يتسبب ارتفاع درجات الحرارة في ذوبان الجليد، ما يؤدي لارتفاع مستوى سطح البحر، ما يؤثر بالتتابع على النظم البيئية الموجودة عند السواحل.
الحياة البحرية
تتأثر التيارات المحيطية بارتفاع درجات الحرارة، ما يؤثر بالسلب على التكاثر وتوّفر الغذاء للكائنات البحرية، ومن نتائج هذا أن تجد بعض الحيوانات مثل: قنفذ البحر أو سرطان البحر، غير قادرة على صنع هياكلها الخارجية التي تحميها. كما تتأثر الشعاب المرجانية وتتعرض للابيضاض ولا تجد الغذاء.
وأخيرًا، تحتاج الأنواع الحية إلى الحماية والاهتمام بها؛ فوجودها في النظام البيئي ليس رفاهية؛ حتى الكائنات التي نستاء من وجودها في حياتنا كالنمل والفئران والحشرات، عدم وجودها يؤثر سلبيًا على التوازن البيئي.
aXA6IDE4LjIyNC41OS4xMzgg جزيرة ام اند امز