كيف تؤثر التغيرات المناخية على المناطق الأثرية؟
مع تواتر الظواهر المصاحبة للتغيرات المناخية، تتأثر البنى التحتية والأنظمة البيئية والاجتماعية للعديد من المناطق.
وقد تضم تلك المناطق مواقع أثرية، تعود أعمارها إلى مئات وآلاف السنين، جميعها تشهد على تطور الحضارة الإنسانية، وتحكي لنا تفاصيل الماضي العتيق؛ لكنها اليوم في مواجهة الخطر المناخي، الذي بدأ بالأنشطة البشرية، ويتجلى ذلك في: تغير أنماط المطر، وارتفاع مستوى سطح البحر، وتغيرات في مستويات المياه الجوفية، وانتشار الجفاف والفيضانات، كل هذه الأحداث تؤثر بالسلب على المناطق الأثرية.
وتذكر دراسة منشورة في دورية «كلايمت» (Climate) في فبراير/شباط 2023، إلى أنّ هناك 20 موقعًا في الجزء الأوروبي من روسيا تعاني -بالفعل- من التغيرات المناخية، وقيّم الباحثون تأثيرات التغير المناخي على تلك المناطق؛ استنادًا إلى بيانات الصقيع والتجوية الملحية بين عامي 1960 - 2020، وخلصوا إلى أنّ تأثيرات التغير المناخي على المناطق الأثرية ستستمر هكذا وستتجه نحو الأسوأ.
مخاطر
وتتمثل مخاطر التغير المناخي المؤثرة على التراث الأثري فيما يلي:
ارتفاع مستوى سطح البحر
والذي يرتفع بمعدل أعلى من القرن العشرين، ويؤثر على عدد من المناطق:
- جزيرة القيامة: وهي تقع في جنوب شرق المحيط الهادئ، تنتمي إلى دولة تشيلي. وأُضيفت إلى قائمة مواقع التراث العالمي لليونسكو عام 1995، لما فيها من مواقع أثرية عتيقة، لكنها تواجه بعض التأثيرات للعوامل الجوية والبشرية وارتفاع منسوب المياه، ما يجعلها عرضة للخطر.
- موقع جيمستان: يقع في ولاية فيرجينيا الأمريكية، واستوطنه الإنجليز لأول مرة في أوائل القرن السابع عشر الميلادي، ومع ارتفاع مستوى سطح البحر، وهبوب العواصف، تزداد احتمالية الفيضانات وتآكل الشواطئ.
- البندقية: المدينة الإيطالية العريقة والمُدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، تأسست في أثناء القرن الخامس الميلادي، ويُقال أنّ المدينة قد غُمرت بالكامل في أقل من 30 عامًا دون تدخل بشري، بسبب ارتفاع منسوب المياه. لكن مع استمرار المياه في الارتفاع؛ تضررت هياكل المباني والمناطق الحضرية؛ ما يهدد المستوطنات التاريخية فيها.
مياه مالحة
مع ارتفاع مستوى المياه، تتسرب المياه المالحة إلى المباني وتذيب الطوب، وعندما يتبخر الماء، يترك الملح خلفه؛ فتزداد ملوحة التربة، هذا بالضبط ما يحصل مع بعض المناطق الأثرية، مثل:
- مدينة المساجد في باجيرهات: وهي مدينة عريقة، يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد، وتتأثر بارتفاع منسوب البحر، وتسلل المياه المالحة إلى مبانيها، ما يشكل خطرًا عليها.
- المعابد المغليثية في مالطا: ويعود تاريخها إلى نحو 3 آلاف سنة قبل الميلاد، تتميز بأشكالها المتنوعة الأنيقة، لكنها تتأثر بغزارة الأمطار وانتشار التلوث ودخول الشمس، ما تسبب في تدميرها.
الأمطار الغزيرة
على الرغم من كونها بشرة سارة لكثير من الناس عند هطولها، إلا أنّ الأمطار -في بعض الأحيان- تسبب العديد من الخسائر للإنسان، منها فقدانه لتراثه؛ إذ تتسبب الأمطار الغزيرة في تفكك التربة، كما تأتي بآثار سلبية أيضًا على هياكل الأبنية، وهذا ما حصل في «تل بن عامر»، وهو دير أثري يزيد عمره عن 1600 عام، في فلسطين؛ فبسبب الأمطار الغزيرة، صار الدير مهددًا بالانهيار.
عواصف وفيضانات
قد تقود العواصف إلى فيضانات مدمرة، وهذا تمامًا ما فعله إعصار دانيال الذي دمر العديد من المعالم الأثرية والتاريخية في منطقة ثيساليا باليونان.
تُشكل المواقع الأثرية انعكاسًا للماضي، ويفد الناس من جميع أنحاء العالم لزيارتها، لكن مع تفاقم آثار التغير المناخي، ربما يأتي اليوم الذي تُمحى فيه تلك المعالم التاريخية، ويطويها الزمن كما طوى غيرها من قبل.
aXA6IDE4LjIyNy4wLjU3IA== جزيرة ام اند امز