كيف تستنزف حرائق الغابات طبقة الأوزون؟
ذاع صيت ثقب الأوزون خلال العقود الماضية، واتخذ البشر بعض الإجراءات لعلاجه، لكن مع التغيرات المناخية، تشتعل حرائق الغابات، وتؤثر عليه.
تحدث حرائق الغابات بصورة طبيعية في ظل الحرارة المرتفعة، لكنها زادت وصارت أكثر شراسة مع تفاقم ظاهرة الاحترار العالمي الذي يشهده العالم، وتتنوع تبعات وخسائر تلك الحرائق، لكن قد يمتد أثرها إلى ما هو أبعد من سطح الأرض بكثير، إلى طبقة الأوزون؛ ما يتسبب في استنزافها.
طبقة الأوزون
يستقر الأوزون في طبقة الستراتوسفير، على مسافة تتراوح ما بين 15 إلى 40 كيلومترًا فوق سطح الأرض. وهناك يتكون ويختفي جزيء الأوزون المكوّن من 3 ذرات أكسجين، لكن عادةً ما تكون هناك نسبة مستقرة من هذا الغاز في طبقة الستراتوسفير، والتي يُطلق عليها في بعض الأحيان، طبقة الأوزون؛ لاحتوائها على كميات كبيرة من غاز الأوزون.
استنفاذ
في أثناء القرن الماضي، أطلق البشر كميات كبيرة من المواد المستنفذة للأوزون (ODS)، وهي تشتمل على:
- المواد المُطلقة للكلور: منها مركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs)، والهيدروكلورفلوروكربون (HCFCs)، وميثيل الكلوروفورم، ورباعي كلوريد الكربون.
- المواد المُطلقة للبروم: تضم الهالونات وبروميد الميثيل.
يُطلق الإنسان هذه المواد على سطح الأرض، لكنها تصل في نهاية المطاف إلى طبقة الستراتوسفير، خلال فترة تتراوح ما بين عامين إلى 5 أعوام. هذا دفع العديد من الدول في سبعينيات القرن العشرين إلى حظر مركبات الكلوروفلوروكربون، لكن ظل استخدامها في العديد من الدول الأخرى؛ خاصة بعد اكتشاف استخدامتها المتعددة في التبريد وإخماد الحرائق وغيرهم.
وحرائق الغابات أيضًا
وجد فريق دولي من الباحثين أنّ هباء حرائق الغابات، يتسبب في حدوث تفاعلات كيميائية في طبقة الأوزون، ما يؤدي إلى تآكلها، ويتكون هذا الهباء من المواد العضوية المؤكسدة والكبريتات. ويتسبب هذا الخليط في قابلية ذوبان حمض الهيدروكلوريك في طبقة الأوزون، وتنشط بعض أنواع الكلور. وفي النهاية، تتآكل طبقة الأوزون. وهذا ما حصل عندما اندلعت حرائق الغابات في أستراليا بين ديسمبر/كانون الأول 2019 ويناير/ كانون الثاني 2020؛ إذ وجد الباحثون أنّها استفذت ما يتراوح بين 3 إلى 5% من طبقة الأوزون فوق بعض المناطق في نصف الكرة الأرضية الجنوبي. ووّضح مؤلفو الدراسة أنّ هذه النتائج تُؤكد مخاطر حرائق الغابات التي تتسبب في تآكل طبقة الأوزون، ونشروا ما توّصلوا إليه في دورية «نيتشر» (Nature) في مارس /أذار 2023.
مخاطر تآكل طبقة الأوزون
هناك العديد من المخاطر المرتبطة بتآكل طبقة الأوزون، من ضمنها:
صحة الإنسان
مع تآكل طبقة الأوزون، تزداد كمية الأشعة فوق البنفسجية التي تصل إلى الأرض، ما يؤثر على صحة الإنسان، ويجعله عرضة لسرطان الجلد وإعتام عدسة العين.
النباتات
تؤثر الأشعة فوق البنفسجية على العمليات الفسيولوجية للنبات، وعلى الرغم من قدرة النباتات على التكيف مع الوضع، وامتصاص قدر أكبر من الأشعة، إلا أنه له حد معين، ومع تجاوزه، يتأثر نموه ووظائفه الداخلية. ويمتد أثر ذلك إلى الحيوانات والكائنات التي تعتمد على النبات في الغذاء.
النظم البحرية
تتأثر أيضًا الكائنات البحرية، على رأسها العوالق النباتية التي يقل معدل بقائها على قيد الحياة؛ نتيجة مواجتها لكميات كبيرة من الأشعة فوق البنفسجية، وتتمثل أهمية هذه العوالق في كونها تُمثل مصدرًا أساسيًا لغذاء أنواع هائلة من الكائنات البحرية، كما تقوم بعملية البناء الضوئي، وتسحب ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتحوله إلى أكسجين. من ناحية أخرى، تخترق الأشعة فوق البنفسجية المياه، وتؤثر بصورة مباشرة على بعض أنواع الأسماك في مراحل نموها المبكرة، وكذلك على سرطان البحر والبرمائيات والحيوانات البحرية الأخرى.
من ذلك نخلص إلى أنّ حرائق الغابات قد تفتح ملف ثقب الأوزون على طاولة المفاوضات العالمية من جديد، والسبب في هذه المرة، حرائق الغابات، لكن هناك يد خفية تشعل هذه الحرائق، نعم، إنه التغير المناخي، الذي تسبب فيه إنسان العصر الحديث. وبذلك، تعود أصابع الاتهام نحو الإنسان مرة أخرى.