لماذا غزت العوالق الأطلسية المحيط القطبي في الماضي؟ (دراسة)
تكشف دراسة حديثة أنّ العوالق الأطلسية قد غزت المحيط القطبي الشمالي في الماضي.. فما السر وراء ذلك الغزو؟
هروبًا من الحرارة المرتفعة، وربما بحثًا عن موطن جديد، وجدت دراسة حديثة أنّ العوالق الأطلسية، قد هاجرت في الماضي من المحيط الأطلسي نحو المحيط القطبي الشمالي، اللغز الذي حيّر العلماء، لكنه في نفس الوقت، كشف تفاصيل أكثر عن معالم الماضي السحيق، ورسم صورة أوضح، وفهم طبيعة المناخ وقتها، وخلصوا إلى أنّ هناك فترة في العصر الجليدي الأخير بين 129 إلى 115 ألف سنة مضت، ذابت فيها الكتلة الجليدية في المحيط القطبي الشمالي بمعدل أعلى من الطبيعي؛ حتى إنّ المحيط القطبي الشمالي صار مطمع للكائنات الأطلسية.
العوالق
عاشت العوالق على سطح الأرض منذ ما يقرب من 3 مليارات سنة، وهي منقسمة إلى العوالق النباتية والعوالق الحيوانية، وتلعب دورًا حيويًا في توفير الأكسجين على سطح الأرض عبر عملية البناء الضوئي، ما يعزز الحياة، وهي تعيش في بقاع مختلفة من المسطحات المائية على الأرض.
نحو المحيط القطبي الشمالي
يُعد العصر الجليدي الأخير فترة مثيرة للاهتمام، ما جعل الباحثون من جامعة ستوكهولوم في السويد يذهبون للكشف عن الرواسب الجليدية هناك في 5 مناطق مختلفة، والغريب أنهم وجدوا في تلك الرواسب المنخربات البلانكونوتية، وهي نوع من العوالق الحيوانية، وتتميز بكونها حساسة للتغيرات الطارئة على البيئة المحيطة بها. والأدهى أنها كانت متوفرة بكثرة في العينات التي حصلوا عليها من المحيط القطبي الشمالي، على الرغم من أنها أطلسية، ما يشير إلى أنّ هذه الأنواع قد هاجرت من المحيط الأطلسي نحو الشمال، بل وتوّسع نطاقها هناك. ونشر الباحثون ما توّصلوا إليه في دورية «نيتشر جيوساينس» (Nature Geoscience) في أغسطس / آب 2023.
لماذا غزت المحيط القطبي الشمالي؟
عادةً ما تُفضل هذه الكائنات المياه الموسمية وليست المتجمدة، ووجوها هناك في ذلك التوقيت من العصر الجليدي الأخير، يعني أنها وجدت هناك بيئة مثالية، تستطيع العيش فيها، بالإضافة إلى شدة التيارات الأطلسية وقتها، والتي دفعتها نحو الشمال. كل هذه الظروف، جعلت للعوالق الأطلسية مستقرًا في تلك البيئة الشمالية، واتضح أنّ درجات الحرارة العالمية وقتها كانت مرتفعة أعلى من الوقت الحالي؛ حتى إن الجليد الصيفي غاب عن المحيط القطبي الشمالي.
لكن المثير للاهتمام حقًا أنّ الظروف السائدة وقتها، تُحاكي ما يحصل اليوم، أو بالأحرى، إنّ المحيط القطبي الشمالي مُعرّض لفقدان الجليد، ويصبح صيفه بلا جليد، ولهذا تبعات مفجعة، تتمثل في رفع مستوى سطح البحر، ما قد يتسبب في تآكل القارات، وغرق المدن الساحلية، وما يتبع تلك الأحداث من كوارث.