تواجه إيران معضلة كبرى من قبل روسيا التي تحاول إعادة تأهيل النظام السوري وتقديمه وفق منهجية وشرعية جديدة للمنطقة.
وجود إيران في سوريا مختلف عنه كما في العراق أو لبنان، والسبب الوحيد أن حجم ومقدار التدخل الإيراني في سوريا مختلف تماماً عنه في باقي الدول التي تنشر فيها إيران مليشياتها؛ حيث لم تنشئ إيران مليشيا ذات ظهور إعلامي وقيادة في سوريا، وهذا سؤال مهم: لماذا لم تفعل إيران في سوريا ذات التوجه المليشياوي الذي نفذته إيران في لبنان والعراق واليمن؟
يبدو وبوضوح أن خروج إيران من سوريا ليس بالعملية المعقدة عسكرياً ولا سياسياً ولكن الشروط المحتملة تتطلب تكاتف الجهود العربية والأمريكية للضغط على إيران داخلياً ومحاصرة مليشياتها في كل من لبنان واليمن والعراق.
لقد تعاملت إيران مع النظام في سوريا بشكل مباشر، ودعمت تدخلاً محصوراً من قبل مليشيا حزب الله، حسب الحاجة الميدانية، كما حرصت إيران على وضع حد مباشر للمليشيات التي استوردتها من الحدود الأفغانية، والتي أطلقت عليها مليشيات "الفاطميين والزينبيين"، ونظراً للموقع الجغرافي لسوريا، فقد تسلم سليماني الملف السوري بالكامل، ولم يسمح لأي تحرك لمليشيات إيرانية على الأرض السورية دون استئذان، وتحديداً حزب الله، الذي يتخذ من لبنان القريب من سوريا موقعاً استراتيجياً مهماً.
السؤال هنا يقول ما هو تأثير المعادلة العسكرية ونشر القوة بين إيران وإسرائيل؟ أعتقد أن الإيرانيين يدركون هذه الحقيقة وعلى رأسهم علي خامئني وقاسم سليماني، لهذا السبب يعتقد سليماني أن الوجود الإيراني في سوريا يجب أن يتخذ شكلاً مختلفاً عن ذلك الموجود في العراق أو لبنان، سليماني لديه الرغبة الجامحة لبناء مليشيات سرية فوق أقرب نقطة من إسرائيل، كما يحرص بشدة على عدم ظهور أي تسمية لحزب الله هناك، وهذا ما يفسر الزيارة السرية إلى عمق الأراضي السورية القريبة من مرتفعات الجولان، والتي قام بها سليماني في نهاية شهر يناير الماضي.
إسرائيل تدرك الكيفية التي تتوغل بها إيران في سوريا، خاصة المنطقة التي تفصل سوريا عن إسرائيل، وتحديداً مرتفعات الجولان التي لا تزال بعيدة عن التحول إلى مسرح لعمليات مواجهة محتملة بين إيران وإسرائيل. وقد سمحت الفوضى العامة التي اجتاحت الأراضي السورية لإيران باحتلال مواقع استراتيجية يمكن أن يكون لها تأثير مباشر على جيران سوريا وتحديداً إسرائيل التي تتأثر بشكل كبير من الفوضى القائمة في سوريا.
تواجه إيران معضلة كبرى من قبل روسيا التي تحاول إعادة تأهيل النظام السوري وتقديمه وفق منهجية وشرعية جديدة للمنطقة، ولذلك تحرص إيران على تجنب أي مواجهة دبلوماسية محتملة بينها وبين روسيا، التي تتجه إلى أن تتولى إدارة الملف السوري بالكامل، خصوصاً بعد التراجع الأمريكي والأوروبي على الأراضي السورية.
من الواضح أن العبء الإسرائيلي سوف يتضاعف مع هذه المنهجية التي تتخذها إيران في كيفية وجودها على الأراضي السورية، ولكن الحقيقة أن هذه المنهجية تسمح لإيران بالخروج المباشر في حال الإحساس بالخطر، فلا توجد التزامات مليشياوية قد تعيق تحرك إيران في حال إحساسها بالخطر من جانب إسرائيل تحديداً، ولكن يبدو وبوضوح أن خروج إيران من سوريا ليس بالعملية المعقدة عسكرياً ولا سياسياً ولكن الشروط المحتملة تتطلب تكاتف الجهود العربية والأمريكية، للضغط على إيران داخلياً ومحاصرة مليشياتها في كل من لبنان واليمن والعراق.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة