انهيار مانشستر يونايتد.. كيف تختار الأندية أن تفشل أو تنجح؟ (تحليل)
واصل مانشستر يونايتد مسلسل انهياره في الموسم الجديد من الدوري الإنجليزي بتلقي الهزيمة الثانية في ثاني مبارياته بالمسابقة.
وسقط يونايتد في فخ الخسارة 0-4 أمام برينتفورد في الجولة الثانية من الدوري الإنجليزي، بعد نحو أسبوع من خسارته الأولى 1-2 أمام برايتون في الجولة الأولى.
وتذيل مانشستر يونايتد بتلك الهزيمة جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بلا أي رصيد بعد مرور جولتين، ليبشر جماهيره بموسم كارثي جديد يضاف إلى مواسمه الكارثية الأخيرة على كل الأصعدة والبطولات.
كيف انهار مانشستر يونايتد؟
في كتابه "الانهيار.. كيف تختار المجتمعات أن تفشل أو تنجح" اختار الكاتب الأمريكي جارد دايموند مجتمعات الماضي تحديدا من أجل دراستها، ومعرفة كيف تعاملت مع التحديات الكبيرة التي واجهتها للنجاة من أضرار جسيمة وطويلة الأمد.
تحدث دايموند باستضافة حول لغز جزيرة الفصح، حيث قال في كتابه: "هل تساءلت يومًا لماذا نحت سكان الجزيرة مئات التماثيل الحجرية الضخمة، وبعد ذلك كيف نقلوا التماثيل التي يزن بعضها قرابة المائة طن؟".
وأضاف: "كان عليهم أن يكونوا أكثر ذكاءً لتحقيق مآثر تبدو مستحيلة، لكنهم في النهاية اختفوا، مثل الثقافات الفاشلة الأخرى، استنفدوا أراضيهم الحجرية ودمروا تربتهم ومياههم".
وبتطبيق أفكار دايموند على مانشستر يونايتد سنجد أن هزيمة الفريق على أرضه في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي أمام برايتون دقت ناقوس الخطر للشياطين الحمر.
فالفريق الضيف قدم شوطا أول مفعما بالحيوية، وترك أصحاب الأرض تائهين بلا حركة.. وأظهر لاعبو يونايتد في الشوط الثاني حماسًا، وتمكنوا بالفعل من تقليص الفارق، لكن يبدو أن ذلك لم يكن كافياً.
كان من المفترض أن يدعو وجود المدرب الجديد إيريك تن هاج للتفاؤل، لكن مع ذلك بدا كل شيء جاهزا للانهيار خلال مباراة برينتفورد في الجولة الثانية.
10 دقائق كانت تنتظر يونايتد، ظهر فيها كوحش محبوس في قفص منذ مئات السنين، ينتظر خطأ حارسه في ترك الباب موصدا بدون "قفل" من أجل الانهيار.
افتتح برينتفورد التسجيل على ملعبه، المخيف، بفضل ماتياس يانسن، لكن بدا أن يونايتد في مكانٍ آخر.. وبعد 35 دقيقة، وجد ديفيد دي خيا شباكه مدكوكة برباعية.. رباعية دون رد!
لا بأس، لنعد إلى الخلف قليلا.. ففي غضون يوم أو يومين بعد خسارة برايتون الأولى، بدأت شائعات الانتقال بالتدفق نحو أولد ترافورد كسائل يتجه بسرعة الضوء.
اختيارات عشوائية
أدريان رابيو، ماركو أرناوتوفيتش، وغيرهما.. لا يمكن النظر إلى هذه الأسماء إلا على أنها مزحات قيلت في مقابلات بغرض إهدار الوقت، لكن ليس كعناصر تم تحديدها كأهداف تتناسب مع رؤية المدرب الهولندي إيريك تين هاج لفريق بحجم مانشستر يونايتد.
رابيو، رغم موهبته، لكنه لاعب عرفت عنه تداعيات تتعلق بمزاجيته وسلوكه مع العديد من المدربين، ولم يكن حتى أسمًا قد تراه يومًا في خبر انتصار يوفنتوس.. وبصرف النظر عن قضاياه خارج الملعب، فهو ليس جيدا من الناحية الدفاعية، وهو ما يفتقر إليه مانشستر يونايتد بشدة في وسط الملعب.
خيارات مانشستر يونايتد الهجومية لا يجب إلا وصفها بالمعقدة.. أنطوني مارسيال، على الرغم من تألقه قبل الموسم فإنه بطبيعة الحال ليس الاسم الأكثر موثوقية، ولا يزال عبث كريستيانو رونالدو مستمرًا كما ظهر طوال سوق الانتقالات الحالية.
ويبدو أن صفقة أرناوتوفيتش وكأنها خطوة إلى الوراء أيضًا، فقد كانت للاعب البالغ من العمر 33 عاما أيضًا خلافات مع مدربيه السابقين وكذلك زملائه، بالإضافة إلى ذلك فإنه ليس خيارًا طويل المدى للبقاء في أولد ترافورد.
سوق انتقالات دون المستوى
شهد مسرح الأحلام مغادرة كل من إدينسون كافاني، بول بوجبا، خوان ماتا، جيسي لينجارد وآخرين، بينما نجح النادي في جلب كل من ليساندرو مارتينيز، كريستيان إريكسن وتيريل مالاسيا.
لم يكن التعاقد مع لاعبين مثل فرينكي دي يونج، وأنتوني، خيارًا للشياطين الحمر، بل كان إلزاميًا.. يفتقر الفريق بشكل عام إلى الجودة في العديد من المراكز، وقد نجح برايتون في كشف نقاط ضعفه بكل سهولة، قبل أن يقضي برينتفورد على ما تبقى من أحلامه.
إنها المرة الأولى في تاريخ مانشستر يونايتد بالبريميرليج التي يستقبل فيها 4 أهداف خلال 35 دقيقة من عمر الشوط الأول لإحدى المباريات، لكنه الخوف الذي يتبع كل نكسة تحدث لهذا النادي.
يبدو الفريق أضعف من ذي قبل، وفي الوقت الحالي تبدو جميع التحركات لضم رابيو وأرناوتوفيتش وكأنها مسكنات عقب الخسارة من برايتون وبرينتفورد.. قد تكون هذه التعاقدات إصلاحات على المدى القصير، لكن هل هذا ما يريده النادي حقًا؟
يعود دايموند هذه المرة للحديث عن اشتراك هايتي وجمهورية الدومينيكان في جزيرة هيسبانيولا.. ومع ذلك، فقد اتخذت جمهورية الدومينيكان خيارات أفضل فيما يتعلق ببيئتها وهي أفضل بكثير من هايتي في الوقت الحالي.
ويبدو أن الكاتب الأمريكي قد اختار بعناية أمثلته.. حيث يتشارك كل من مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي مدينة مانشستر، لكن يبدو أن أحدهما قد فقد البوصلة الخاصة به تمامًا، بينما يسير الآخر في اتجاهات صحيحة.
دائمًا ما يتعلق الأمر بالاختيارات التي يتم اتخاذها وتوقع المشكلات والتعرف عليها وإيجاد الحلول ومن ثَمَّ حل المشكلة.. تبدو هذه وصفة النجاح المثالية في مواجهة الكارثة، وهي وصفة اختار مانشستر يونايتد تجاهلها والسير عكسها.
كانت معظم القرارات التي اتخذها النادي خلال السنوات الماضية خاطئة، وهو الضرر الذي جلبته مجتمعات دايموند لنفسها، والذي حدث بالتأكيد بسبب الإهمال أو الجهل.. فقط الوقت سيحدد ما إذا كان مانشستر يونايتد يقوم بالخطوات الصحيحة أم لا.
aXA6IDE4LjIyMi4xMTMuMTM1IA==
جزيرة ام اند امز