من أعماق البحار إلى قمة الاستدامة.. رحلة الطحالب تبدأ الآن

تتمتع الطحالب بالعديد من المميزات التي يستكشفها العلماء يومًا بعد يوم؛ فكيف نحقق من خلالها فوائد أكبر للاستدامة؟
يُقدر العلماء كمية الأكسجين التي تُنتجها الطحالب التي تقوم بعملية البناء الضوئي بنحو 70% من إجمالي الأكسجين على سطح الأرض. ما يؤكد أهميتها لدعم الحياة على سطح الأرض. ويكتشف العلماء يومًا بعد يوم القدرات المذهلة للطحالب، لذلك يسعون جاهدين لدراستها جيدًا والاستفادة منها في كافة المجالات، وكذلك لدعم الاستدامة التي يسعى العالم لتحقيقها اليوم في ظل التغيرات البيئية والمناخية التي تهدد الموارد والحياة على سطح الأرض.
النشا
عودة إلى عملية البناء الضوئي، والتي تُعد إحدى أكثر العمليات الحيوية تعقيدًا عمل العلماء لعقود طويلة لفك شفراتها، وهي مشهورة بمعادلة بسيطة تضم تحويل ثاني أكسيد الكربون والماء في ضوء الشمس وصبغة الكلوروفيل إلى أكسجين وجلوكوز. ينطلق الأكسجين إلى الغلاف الجوي ويمد الأرض بالحياة. بينما يوظف النبات الجلوكوز في النمو، وقد يتحول إلى مواد أخرى مثل النشا التي يخزنها النبات أو الطحالب.
انتبه العلماء منذ سنوات لتلك النشا وكيفية توظيفها لتصنيع منتجات مختلفة منها. وكلما زاد محتوى النشا من كتلة الطحالب، يمكن توظيفها في مجالات مختلفة مثل إنتاج الوقود الحيوي، أو كمكمل غذائي في الزراعة، وهي أيضًا وسيلة فعّالة لاحتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون. لكن التحدي الأكبر الذي يواجه العلماء لتحقيق الاستفادة القصوى من النشا، هو التحكم في كمية النشا المحتجزة في الطحالب. وهذا ما اكتشفته مجموعة بحثية دولية، وشاركوه في دراسة منشورة في دورية "نيتشر كوميونياكشنز" (Nature Communications) في 25 مارس/آذار 2025.
سر الضوء
لم يكن دور جودة الضوء في تنظيم تراكم النشا مكتشفًا بعد. وهذا ما سعى الباحثون لاستكشافه. وفي الدراسة ركز الباحثون على الطحالب البحرية الدقيقة، وهي مشهورة بمحتواها من النشا الذي قد يصل إلى 19% من إجمالي محتواها، وركزوا في الدراسة على طحلب "كلاميدوموناس رينهاردتي" (Chlamydomonas reinhardtii).
يعتمد تخزين النشا في الطحالب على بروتين يُسمى "فوتوتروبين" (Phototropin)، وعندما يستشعر الضوء الأزرق؛ فإنه يُنشط مسارًا يقلل من تراكم النشا. وبذلك توصل الباحثون إلى طريقة من شأنها أن تنظم تخزين النشا؛ ولاحظوا أيضًا أنّ الطحالب المُعدلة وراثيًا الخالية من الفوتوتروبين زادت محتوى النشا بنسبة تتراوح بين 5 إلى 25% من الوزن الجاف للطحالب. وهذا يعني الكثير من التطبيقات في مجالات عدة، منها:
- احتجاز الكربون: ويمكن فعل ذلك عبر التحكم في تراكم النشا، ما يعني احتجاز المزيد من ثاني أكسيد الكربون، وبالتالي تقل غازات الاحتباس الحراري.
- الوقود الحيوي: يساعد استخدام الطحالب الغنية بالنشا في إنتاج الإيثانول الحيوي، ما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويوفر مصادر مستدامة للطاقة.
- الزراعة المستدامة: تُستخدم الطحالب الدقيقة كمكملات غذائية في الزراعة، ما يوفر مصادر مستدامة للزراعة.
تمتلك الطحالب بكافة أنواعها العديد من المزايا التي تجعلها من أكثر المصادر المستدامة للبيئة، وتخدم المناخ أيضًا.
aXA6IDE4LjIyNS4yNTQuMjM1IA== جزيرة ام اند امز