إعادة إعمار أوكرانيا.. عقبات الفساد والإدارة والإشراف
مع استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا، دون وجود أي مؤشر على نهاية في الأفق، يواجه حلفاء أوكرانيا أسئلة معقدة، حول إعادة بناء الدولة.
وتساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها: "مَن سيدفع؟ وما الهدف؟ ومن ينبغي أن يسيطر على هذه العملية وتلك الأموال؟ وما نوع الإشراف الخارجي على الأموال والتغييرات التي ينبغي على أوكرانيا أن تقوم بها؟"
ومع اقتراب عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار أوكرانيا خلال الشهر المقبل في برلين، لبحث هذه القضايا الشائكة، واتخاذ قرار بشأن إعادة الإعمار قبل التوصل إلى تسوية سلمية، يسيطر سؤال مزعج حول نوع الضمانات الأمنية التي يجب تقديمها لتشجيع الاستثمار الخاص على إعادة البناء.
وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، طلبت الحكومة الألمانية من مؤسسة خاصة تسهم في تمويلها، وهي صندوق مارشال الألماني الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، تقديم مقترحات للدول المانحة. ويجري مناقشة التقرير بين الدول المانحة كمذكرة خاصة للدول المعنية.
ومن بين المقترحات الرئيسية التي تم تضمينها في التقرير أن تقوم دول مجموعة السبع الصناعية بتعيين منسق أوكراني للإشراف على إعادة البناء، ومن الأفضل أن يكون أمريكيا يحتل وظيفة على الساحة الدولية، وأن تكون المؤسسات القائمة مسؤولة عن المشروع لضمان الجدول الزمني، وأن تكون تلك المؤسسات المالية العالمية المختلفة قادرة على الحد من نفوذ الأعضاء الروس أو الصينيين في إداراتها.
كما أوصى التقرير أيضا بقبول أوكرانيا إشرافا صارما على الأموال، بالإضافة إلى تعزيز أنظمتها القانونية والقضائية، للحد من الفساد المحتمل.
ويسعى هذا التقرير لملء الفراغ والتعامل مع التحديات الرئيسية، والتي تتمثل في استمرار صمود أوكرانيا، بالنظر إلى حاجتها إلى نحو 5 إلى 6 مليارات دولار شهريًا لتمويل الحكومة، وفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي.
ونقلت الصحيفة عن مدير مكتب برلين في صندوق مارشال الألماني، وأحد القائمين على كتابة التقرير توماس بروكوف، قوله: ”لن تنجح عملية إعادة الإعمار في دولة منهارة وفاشلة. المانحون بحاجة إلى ضمانات تتعلق بالأموال التي سيتم دفعها من أموال دافعي الضرائب، خاصة في ظل شهرة أوكرانيا بالفساد".
وتابع "أوكرانيا بحاجة إلى تعيين مفتش عام مستقل يتمتع بنفوذ حقيقي، والانضمام إلى مكتب المدعي العام الأوروبي، الذي يقوم بالتحقيق في أعمال الاحتيال ذات الصلة بالأموال الأوروبية، فمساعدات خارجية بهذا الحجم ستتطلب إشرافا خارجيا، وهو ما يجب أن تقبله كييف".
التحدي الآخر هو إنشاء مؤسسات جديدة تتولى قيادة مشروعات إعادة الإعمار الضخمة، ويدعو التقرير في هذا الإطار، إلى تقديم التمويلات على مراحل مع تقدم الحرب أو حدوث السلام، والانتقال من الإغاثة وإعادة الإعمار إلى التحديث والانضمام في نهاية المطاف إلى الاتحاد الأوروبي.
ويرى التقرير أن أوكرانيا ستكون بحاجة إلى 100 مليار دولار لإعادة إعمار البنية التحتية، وهو رقم أقل كثيرا مما تراه أوكرانيا وهو 750 مليار دولار، ولكنه يتماشى مع دراسة أجرتها كلية كييف للاقتصاد، التي قدرت الرقم في تلك المرحلة بـ113.5 مليار دولار.
ولكن الكثير من هذه الأموال يجب أن تأتي في صورة منح أو قروض طويلة الأجل، بالنظر إلى الضغوط المالية على الحكومة الأوكرانية. وتلك القرارات يجب أن تتخذها الدول الأوروبية في أقرب وقت، لأنه من المرجح أن تقوم الدول الأخرى بوضع شروطها، وتحديد نطاق مساهماتها وفقا لما تقدمه بروكسل.
كما اقترحت بعض البلدان، مثل إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وسلوفاكيا، مصادرة 300 مليار دولار من أصول البنك المركزي الروسي المجمدة في الغرب لإعادة إعمار أوكرانيا.
لكن التقرير يعتبر ذلك غير واقعي على المدى القصير، وربما غير قانوني. وبدلاً من ذلك، يُقترح كجزء من أي تسوية، أن يُطلب من روسيا تقديم نسبة مئوية من تلك الأصول لأوكرانيا مقابل استرداد الجزء الأكبر منها.