3 أعوام من "الحزم".. الحوثي من التبجح في عدن إلى الانكفاء بصعدة
المعادلة العسكرية تغيرت بعد 3 أعوام من تدخل التحالف، فبعد أن كان الانقلابيون يهاجمون في الجنوب باتوا يدافعون عن معاقلهم بصعدة.
منتصف مارس/آذار 2015، كانت مليشيا الحوثي تجتاح المدن اليمنية شرقا وجنوبا بلا هوادة، لكن الوضع أصبح مختلفا بعد مرور 3 سنوات على تدخل التحالف العربي لمساندة الشرعية، حيث بات الانقلاب يخسر الأرض في معقله الرئيسي بصعدة.
وتحل الذكرى الثالثة لانطلاق "عاصفة الحزم"، بقيادة السعودية، في 26 مارس الجاري، وقد استعادت الشرعية أكثر من 85% من الأراضي اليمنية، وتمكنت الحكومة من الوقوف على قدميها في غالبية المدن المحررة وتقديم الخدمات للمواطنين.
ونجح التدخل العسكري للتحالف العربي، في تحجيم المشروع الإيراني الساعي لدعم الحوثي من أجل السيطرة على جميع الأراضي اليمنية، لكن "الحزم والأمل" العربي دحر أعوان الملالي خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة وردهم عن أبرز المناطق الاستراتيجية في جنوب وشرق وغربي البلاد.
خسارة عدن ومدن الجنوب
كانت مليشيا الحوثي في منتصف مارس/آذار 2015، تهاجم قصر معاشيق الرئاسي الذي يوجد به الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، بطائرات حربية تمكنوا من الاستيلاء عليها حينها، فيما كانت دباباتهم تزحف إلى مداخل عدن التي تم إعلانها عاصمة مؤقتة للبلاد.
أوهام اختطاف اليمن دفعت المليشيا الموالية لإيران للاندفاع نحو أهم المواقع السيادية في عدن، وعلى رأسها المطار والميناء الدولي والبنك المركزي، لكن الأمر لم يدم طويلا، فبعد أسابيع من تدخل التحالف العربي، وبالشراكة مع فصائل المقاومة الشعبية، كانت المليشيا تجر جثث قتلاها وتفر بما تبقى من الناجين من عدن.
وأسهمت القوة الإماراتية ضمن التحالف العربي، بقوة، في كسب المعركة لصالح الشرعية في غضون أيام، وذلك بعد دخول دبابات ومدرعات حديثة تمكنت من دحر الحوثيين منتصف يوليو/تموز من العام ذاته من عدن، وجميع مدن الجنوب.
وإضافة إلى المواقع السيادية الحكومية، كانت المليشيا قد فرضت سيطرتها على عدد من القواعد العسكرية الاستراتيجية في الجنوب، وعلى رأسها "قاعدة العند" التي تقع في محافظة لحج، جنوبي البلاد.
ولم يمر أغسطس/آب من عام الحزم، إلا وقد اندحرت مليشيا الحوثي من محافظات عدن ولحج وأبين والضالع وشبوة، وعادت إلى النطاق الجغرافي الذي يفصل المحافظات الشمالية عن الجنوبية، وكان معمولا به قبل العام 1990.
خسارة باب المندب
لم تفق مليشيا الحوثي من صدمة دحرها من عدن ومدن الجنوب، إلا وكانت تتلقى ضربات مباغتة في الشريط الغربي للبلاد، وخصوصا في منفذ باب المندب الاستراتيجي، الذي حشدت إليه آلاف المقاتلين المدربين، من أجل الحفاظ على الموقع المهم، الذي كانت تدخره لابتزاز المجتمع الدولي، بتهديد ممر الملاحة الدولية.
لكن قوات التحالف التي تدرك أهمية الممر الملاحي دوليا نفذت عملية خاطفة باستخدام القوات البرية والبحرية من التحالف وقوات من الجيش اليمني، حيث دُحر الحوثيون من المنفذ الاستراتيجي مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2015، في إنجاز عسكري نوعي، أسهم في ترسيخ قوة الشرعية على الأرض وأضعف الانقلاب.
وخسرت المليشيا الحوثية في معركة باب المندب أكثر من 500 مسلح غالبيتهم تم تدريبهم في إيران، كما خسرت الورقة الرابحة التي كانت ستجعل إيران تتحكم باليمن وممر الملاحة الدولي وقناة السويس، وتقوم بإدخال الأسلحة للحوثيين دون أن تتمكن قوات التحالف العربي من اعتراضها.
خسارة مأرب ومنابع النفط والغاز
لم تتأخر الضربة الثالثة للمليشيا الإرهابية الموالية لإيران، ففي أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، وجه التحالف العربي صفعته للحوثي في محافظة مأرب الغنية بالنفط والغاز، جنوبي شرقي البلاد، والتي حشد الانقلابيون نخبة مقاتليهم استعدادا لاختطافها لضمان السيطرة على ثرواتها.
وبعد صمود كبير لرجال القبائل في الدفاع عن مدينة مأرب، رغم مشاركة عشرات المعسكرات والدبابات في اجتياحها، جاء التحالف العربي ليشكل سندا كبيرا للمقاومة الشعبية، حيث تكللت المعارك عن تطهير مأرب بشكل كامل منتصف أكتوبر 2015.
وكان تحرير مأرب من أبرز الانتصارات العسكرية التي حققتها قوات التحالف العربي والجيش اليمني، فإضافة إلى منع المليشيا من التصرف بثروات المحافظة، باتت مأرب بعد تحريرها، من أبرز عواصم الحكومة الشرعية التي تهدد الانقلابيين.
وشكلت مأرب النواة الأولى لتشكيل الجيش الوطني، حيث باتت قبلة لكل الراغبين في الانخراط في صفوف الجيش من جميع المحافظات، وعلى أراضيها، تم إنشاء عدد من المعسكرات الاستراتيجية للجيش، كما يوجد فيها مقر رئيسي لقوات التحالف العربي المرابطة في اليمن.
خسارة نهم والجوف
لم تتوقف طموحات الجيش اليمني المدعوم من التحالف العربي عند حدود مأرب، بل واصل الضغط على الحوثيين باتجاه العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثي منذ اجتياحها في 21 سبتمبر/أيلول 2014. وفي منتصف العام 2016، كانت القوات الحكومية تتمركز بالفعل على السلاسل الجبلية في مديرية "نهم"، شرقي العاصمة صنعاء.
وتبتعد "نهم" عن صنعاء قرابة 60 كيلومترا، وبالسيطرة عليها، تم قطع إمدادات المليشيا من صنعاء إلى مأرب والجوف، كما شهدت على مدار الأشهر المنصرمة، أكبر عملية استنزاف لمليشيا الحوثي، التي تنتحر على سلاسلها الجبلية من أجل الدفاع عن صنعاء.
خسارة مديرية وميناء المخا
كانت مليشيا الحوثي تراهن على الشريط الساحلي الغربي لليمن بعد خسارتها للسواحل الجنوبية، ودفعت بتعزيزات ضخمة إلى مديرية المخا التي تقع جنوب غربي محافظة تعز، من أجل الاستمرار في تهديد الملاحة البحرية.
ومطلع فبراير/شباط 2017، كانت المليشيا تخسر ميناء المخا الاستراتيجي بعد عملية عسكرية كبرى شاركت فيها قوات من المنطقة العسكرية الرابعة القادمة من عدن، وبإسناد كبير من القوات الإماراتية التي ما زالت ترابط في المدينة والميناء الاستراتيجي حتى اليوم.
ويشعر الحوثيون اليوم بمرارة سقوط المخا، على الرغم من مرور أكثر من عام على تحريرها منهم، فإنهم يواصلون إطلاق الصواريخ الباليستية صوبها، والتي يتم التصدي لها باستمرار من قبل منظومة الدفاع الجوي التابعة للقوات الإماراتية.
كما تمكنت القوات الحكومية خلال الفترة الماضية من تحرير غالبية مديريات محافظة تعز، والتي يتبعها ميناء المخا.
المعارك تنتقل إلى صعدة.. والحوثي يدافع
لم يكتف التحالف العربي والجيش اليمني باستنزاف مليشيا الحوثي على أكثر من جبهة قتال يمنية، بل تمت مباغتتهم في معاقلهم الرئيسية بمحافظة صعدة، شمالي البلاد.
وتمكن الجيش اليمني مسنودا بالتحالف، من فتح أكثر من جبهة على الشريط الحدودي الذي يحد محافظة صعدة من الجهة الجنوبية للسعودية، والتقدم في محاور "علب" و"البقع" و"رازح"، وذلك بواسطة قوات يمنية تم تدريبها على الأراضي السعودية.
وحققت القوات الحكومية تقدما نوعيا في معاقل الحوثيين، الذين لجأوا إلى سحب مقاتليهم من محافظتي تعز والبيضاء من أجل الدفاع عن صعدة.