مؤسسات حقوقية تطالب إسرائيل بوقف رش المبيدات الكيماوية تجاه أراضي غزة
الطائرات تحلق على ارتفاعات منخفضة تصل إلى مستوى 20 متراً فوق سطح الأرض ويصل رذاذ رش المبيدات إلى عمق يتراوح بين 700 و1200 داخل غزة
طالبت 3 مؤسسات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية، الأربعاء، السلطات الإسرائيلية بالتوقف فوراً عن رش المبيدات الكيميائية تجاه الأراضي الزراعية شرق قطاع غزة.
وحذرت مؤسسات حقوق الإنسان "مركز الميزان" (فلسطيني) و"جيشاه – مسلك"، و"عدالة" (إسرائيليتان)، في بيان مشترك تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، من آثار رش المبيدات وما ينتج عنها من تدمير للإنسان والبيئة، مطالبة بتعويض المتضررين، وضمان عدم تكرارها.
ووفق البيان، "شرعت الطائرات الإسرائيلية صباح الثلاثاء والأربعاء، برش المبيدات الكيميائية من الجو في المناطق القريبة من السياج الشرقي الفاصل شرقي قطاع غزة".
وذكرت المؤسسات أن عمليات الرش تواصلت لمدة 3 ساعات ونصف الساعة تقريباً، في اليوم الأول، وطالت الأراضي الزراعية في المناطق الشرقية الممتدة من شمال شرق البريج في محافظة الوسطى، وشرق محافظة غزة، وشرق مدينة بيت حانون في محافظة شمال غزة.
وعاودت الطائرات الإسرائيلية صباح الأربعاء عمليات الرش، وطالت المناطق التي كانت قد رشتها صباح الثلاثاء. كما أنها وسعت رقعة الرش في المحافظة الوسطى حتى شرقي مدينة دير البلح، واستمرت عمليات الرش حتى الساعة 11:00 من صباح هذا اليوم.
وبحسب شهود العيان من المزارعين الذين تزامنت عمليات الرش مع وجودهم للعمل في أراضيهم الزراعية؛ فإن قوات الاحتلال أشعلت عند نحو الساعة 7:20 من صباح اليوم نفسه ناراً كانت تصدر دخاناً أسود في الجانب الإسرائيلي شرق السياج الفاصل لمعرفة اتجاه الرياح، وهي عملية تقوم بها قوات الاحتلال دائماً وتسبق عمليات الرش.
وأضاف البيان: "بعد عدة دقائق، شرعت طائرة بالتحليق فوق السياج الفاصل وقامت برش المبيدات الكيميائية التي كان ينتشر رذاذها تجاه أراضي المزارعين الفلسطينيين في الجانب الغربي من السياج، من ثم شرعت في عمليات الرش في المنطقة الواقعة شمال شرقي البريج في المحافظة الوسطى، لتتجه بعدها إلى شرق مدينة بيت حانون في محافظة شمال غزة. واستمرت عمليات الرش حتى الساعة 11:30 من صباح اليوم نفسه".
تجدر الإشارة إلى أن عمليات الرش تجري بشكل مفاجئ ودون تحذير أو إنذار مسبق، وتكون في الغالب في الجانب الإسرائيلي من السياج الشرقي الفاصل، وفي بعض الأحيان تقوم بعمليات الرش داخل أراضي القطاع.
وقبل عمليات الرش تتأكد قوات الاحتلال من أن اتجاه الرياح يكون باتجاه أراضي القطاع غرب السياج الفاصل.
كما تحلق الطائرات على ارتفاعات منخفضة، قد تصل إلى مستوى 20 متراً فوق سطح الأرض، ويصل رذاذ رش المبيدات إلى عمق يتراوح بين 700 و1200 متر داخل أراضي قطاع غزة.
وتتكرر عمليات الرش خلال فترتين سنوياً (نهاية العام أو بدايته أو منتصفه)، وهي بداية زراعة المحاصيل الشتوية والصيفية.
ويتكبد المزارعون الفلسطينيون خسائر كبيرة جراء هذه الممارسات، من خلال ما تخلفه عمليات الرش من تدمير للمحاصيل، كما تجعل المزارعين يترددون أو يحجمون عن زراعة أراضيهم الكائنة في تلك المناطق، نظراً لخطورة المنطقة، واحتمال تلف محاصيلهم في حالة وصول مواد الرش الجوي إليها، وفق المؤسسات الحقوقية.
ووفق البيان، فإن قوات الاحتلال شرعت في عمليات الرش منذ عام 2014، وإن الأضرار الناتجة عن عمليات الرش طالت 7620000 متر مربع من الأراضي الزراعية في قطاع غزة.
وفي هذا السياق، نشرت وكالة الأبحاث اللندنيّة "فورنسيك أركيتكتشر" (بنية الأدلة الجنائيّة)، في يوليو/تموز من عام 2019، تقريرا جديدا يقدم تحليلاً لعمليات الرش الجويّ لمبيدات الأعشاب التي قامت بها إسرائيل بين عامي 2014 و2018.
واعتمد التقرير بشكل كبير على أبحاث ميدانيّة ومعلومات نشرت في إطار جهود قانونيّة، قامت بها المؤسسات الحقوقيّة "جيشاه – مسلك"، ومركز الميزان لحقوق الإنسان ومركز عدالة على مدار سنوات. ويدعم البحث استنتاجات الجمعيات، ويقر أن عمليات الرش ألحقت أضرارا بالغة بالحقول والمزروعات داخل أراضي القطاع.
وحسب إعلان سابق للجيش الإسرائيلي عام 2016، فإن المواد المستخدمة في الرش الجوي هي "جليفوسات، وأوكسيجال، وديوريكس".
وتصنّف إحدى هذه المواد على الأقل على أنها من المواد المسرطنة، حيث صنّفت وكالة أبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية في عام 2015، مادة الجليفوسات بأنها مسرطنة، وقد تسبب هذه المادة تشوهات خلقية للمواليد، لذا حرمت بعض هذه المركبات في عدد من دول العالم.
وكانت المؤسسات الحقوقية الثلاث قد توجهت في أول يناير/كانون الثاني الماضي برسالة عاجلة لرئيس الحكومة ووزير الأمن الإسرائيلي، ولاحقاً إلى المدعي العسكري العام والمستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، طالبتهم فيها بالتوقف والامتناع عن رش المبيدات من الجو في قطاع غزة وبالقرب من أراضيه، نظراً للأضرار الخطيرة التي تلحقها عمليات الرش بالمحاصيل الزراعية وصحة المواطنين.
وقد شهد العام الماضي 2019، هدوءاً على هذا الصعيد، حيث لم يسجل أي عمليات لرش المبيدات، ما انعكس بشكل إيجابي على المزارعين ومحاصيلهم.
وأكدت المؤسسات الحقوقية أن عمليات الرش التي تقوم بها سلطات الاحتلال مدمرة ومحظورة، بحسب القانون الإسرائيلي والدولي، ولا يوجد أي تبرير أو أساس قانوني للاستمرار بهذه الأعمال التي تمس بحقوق الإنسان وتعرض حياة وممتلكات المواطنين في قطاع غزة للخطر.
وأشارت إلى شبهات قوية بأن عمليات الرش تشكل خطراً على الحق في الحياة، وكل ما يتعلق بالأخيرة؛ مثل الحق في الغذاء وتنفس هواء نظيف، التي تم ترسيخها في البند 6 من الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية.