الجوع يطارد ملايين الأفارقة عقب عزل كورونا
برنامج الأغذية العالمي يقول إن 20 % على الأقل من سكان أفريقيا البالغ عددهم 1.2 مليار نسمة يعانون بالفعل من سوء التغذية
نفدت نقود شيهو عيسى ديانو دوموس و"لم يتبقَ لديه سوى بضع حفنات من دقيق الكسافا"، بحسب ما يقول.
كان الرجل (53 عاما) والمصاب بشلل نصفي يعمل ببيع بطاقات شحن الهواتف المحمولة، لكن إجراءات العزل العام التي طال أمدها لمكافحة تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد في لاجوس أكبر مدن نيجيريا تركته بلا عمل، بحسب وكالة "رويترز".
الحكومة في لاجوس أرسلت له رسالة نصية بعد بدء إجراءات العزل العام تقول فيها إنها سترسل له حقيبة طعام، لكن الحقيبة لم تصل، ونظرا لإغلاق المكاتب الحكومية فهو لا يعرف متى أو كيف يمكنه الحصول على الطعام.
وقال دوموس خارج مبنى قرب المطار حيث سمح له صديق بالإقامة معه: "أنا واثق من أنه إذا لم يقتل فيروس كورونا هذا أصحاب الإعاقة فإن أوامر البقاء في المنزل ستقتلهم بالتأكيد".
ويزداد الجوع والغضب في لاجوس ومدن أفريقية رئيسية أخرى تفتقر لشبكات تأمين اجتماعي لحماية الفقراء من التداعيات الاقتصادية لتفشي مرض كوفيد-19 الناتج عن الإصابة بفيروس كورونا.
ويقول برنامج الأغذية العالمي إن 20 % على الأقل من سكان أفريقيا البالغ عددهم 1.2 مليار نسمة يعانون بالفعل من سوء التغذية، وهي أكبر نسبة في العالم. وأضاف البرنامج أن الفقر مع الاعتماد على الغذاء المستورد وارتفاع الأسعار بسبب التفشي قد يكون قاتلا إذا لم تتخذ الحكومات الأفريقية إجراءات سريعة.
وبسبب القيود الجديدة التي فرضتها نيجيريا وكينيا وجنوب أفريقيا لا يجد ملايين ممن يعتمدون على أجور يومية ما يسد رمقهم.
ويعمل كثير منهم في التجارة والأعمال اليدوية والحرف بالسوق غير الرسمي الذي يضم 85 % من قوة العمل في أفريقيا، ويتعين عليهم الآن البقاء في منازلهم بلا مدخرات تدعمهم.
"ساحة حرب"
تفيد بيانات مبادرة بنك الطعام غير الهادفة للربح في لاجوس بأن 3 من كل 7 من سكان المدينة البالغ عددهم 20 مليون نسمة لم يكن يمكنهم الحصول على طعام كافٍ بشكل مستمر في الظروف العادية.
ودفعت إجراءات العزل العام التي استمرت 14 يوما ثم مُدت لأسبوعين آخرين، ملايين آخرين إلى الدخول في فئة المحتاجين.
وقالت منظمة إس.بي.إم إنتلجنس لاستشارات المخاطر، ومقرها لاجوس، إن أسعار المواد الغذائية ارتفعت في حين يتهافت السكان على تخزين الطعام، فارتفع سعر الأرز المستورد بنسبة 11 بالمئة، وزاد سعر "الجاري" وهو غذاء أساسي من دقيق الكسافا إلى مثليه تقريبا.
وذكر ميشيل سامبولا، رئيس بنك الطعام، أن الاتصالات التي تتلقاها المنظمة ارتفعت بنسبة 50% عن المعتاد من السكان المحتاجين مشيرا إلى أن بعضهم يسير لـ5 ساعات للحصول على الطعام، وقال: "نخشى أن يموت بعض الناس جوعا".
وتحاول حكومة لاجوس المحلية المساعدة، وقال بولاهان لاوال، المفوض الزراعي، إن حكومة وزعت 200 ألف حقيبة طعام في الأسابيع الأولى من العزل العام، وتأمل في توزيع مليوني حقيبة أخرى في أقرب وقت.
ووعدت الحكومة الاتحادية بإعانات مالية للأشد فقرا في نيجيريا فضلا عن بطاقات للحصول على الغذاء، لكن مقاطع فيديو على الإنترنت تظهر سكان لاجوس وهم يمزقون ما يعتبرونها منحا تافهة، وقال لاوال إن "هؤلاء الناس لا يفهمون أن المساعدات تستهدف الأكثر فقرا فقط".
وذكر محمد زانا، من اتحاد العشوائيات والتجمعات السكنية غير الرسمية في نيجيريا، أن السكان البائسين هاجموا شاحنته عندما كان يحاول توصيل الطعام للمعاقين، الإثنين، في منطقة أجيج، وجابت عصابات من رجال مسلحين بالسكاكين وأسياخ الحديد المنطقة وطاردت شاحنته التي فرت مسرعة، وقال: "كانت منطقة حرب".
ولم تعد جماعته تستطيع توزيع الطعام في بعض المناطق بدون مرافقة الشرطة، وقالت الشرطة إنها نشرت وحدات إضافية.
تقديرات أقل من الواقع
وفرضت كينيا حظر تجول جديدا وقيدت حركة كل شيء باستثناء الطعام من وإلى العاصمة نيروبي بؤرة تفشي فيروس كورونا، وتدافع، الأحد، مئات من سكان كيبيرا أكبر منطقة عشوائية بالمدينة أثناء توزيع زعيم المعارضة رايلا أودينجا لمساعدات.
وفي اليوم التالي، منعت الحكومة التوزيع المباشر للمساعدات وأصرت على أن تمر عبر الحكومة لمنع "اضطرابات يمكن تجنبها".
وفي إقليم جوتينج في جنوب أفريقيا الذي يضم جوهانسبرج وبريتوريا توزع الحكومة الغذاء على 54 ألف شخص تعتبرهم في خطر بسبب إجراءات العزل العام.
لكن حتى قبل فرض العزل كان 16 % على الأقل من سكان الإقليم البالغ عددهم 12 مليون نسمة يحتاجون لمساعدات غذائية وفقا لتقديرات الحكومة، وقال بانيازا ليسوفي، من وزارة التنمية الاجتماعية: "الواقع أننا نقدر عدد الفقراء والمشردين بأقل من حقيقته".
وتمكن دوموس في لاجوس أخيرا من الوصول إلى أحد الموظفين الحكوميين، لكنه قال إنه لم يحصل بعد على أي مساعدات من الحكومة، وأشار إلى أن الحكومة تسعى للحصول على تبرعات من القطاع الخاص لمكافحة الفيروس، قائلا: "حتى الحكومة تتسول الآن".
aXA6IDMuMTQ1LjE4LjEzNSA= جزيرة ام اند امز