الأعاصير تبعثر أوراق الانتخابات الأمريكية.. من سيدفع تكلفة الطقس؟
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تلعب أي مفاجأة دورا كبيرا في التأثير على السباق، وحاليا لا يوجد ما هو أهم من أعاصير الخريف.
وخلال الأيام الماضية، اجتاح إعصار هيلين الذي يعد أعنف إعصار في البر الرئيسي منذ كاترينا في 2005، ولايتي جورجيا وكارولينا الشمالية المتأرجحتين، بعدما دمّر أجزاء من فلوريدا التي يضربها حاليا إعصار ميلتون الذي يعتقد المسؤولون أن آثاره أكثر كارثية.
وتثير هذه العواصف قلقا مباشرا من حجم الدمار الذي خلفته وستخلفه، لكن المعركة السياسية حول أعاصير الخريف لا تتوقف رغم تضرر عدد من الولايات المتأرجحة من هيلين وميلتون، وفقا لما طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
في البداية يجب ملاحظة أهمية الولايات الواقعة تحت تأثير الأعاصير وإلى أي مدى يمكنها أن تغير السباق الرئاسي حتى لو من خلال تحولات طفيفة.
ولايتا جورجيا وكارولينا الشمالية على سبيل المثال، من الولايات المهمة؛ لأن فيهما أكثر من ثلث الأصوات الانتخابية في الولايات السبع المتأرجحة.
كما أن السباق متقارب في الولايتين، حيث يتقدم ترامب بنقطتين في جورجيا وبأقل من نقطة واحدة في كارولينا الشمالية، وفقا لمتوسطات استطلاعات الرأي في "واشنطن بوست".
فلوريدا
أما ولاية فلوريدا التي صوتت لصالح ترامب في 2020 ويستثمر فيها الحزب الديمقراطي الكثير من موارد الدعاية، ستكون حاسمة للسباق إذا حصلت مرشحته ونائبة الرئيس كامالا هاريس على أصواتها الثلاثين في المجمع الانتخابي.
وهذا يعني أن أي تأثير على من يصوت وكيف يصوت في هذه الولايات، قد يكون مهمًا للغاية في معركة الرئاسة. وبالتالي فإن السؤال الأهم حاليا هو: كيف يمكن أن يؤثر الطقس على إقبال الناخبين وبالتبعية على نتائج الانتخابات؟
الكاتب فيليب بومب من واشنطن بوست، يرى أن تأثير الأعاصير قد يكون "سلبيا على ترامب، وهو ما يرجع إلى أن تأثير هيلين كان محسوسا بشكل غير متناسب في المناطق ذات الميول الجمهورية".
وقال فيليب إن المناطق التي أعلنت حالة الكارثة صوتت لصالح الرئيس السابق بنحو 16 نقطة في 2020. كما أن المناطق المتضررة بشدة في كارولينا الشمالية تميل إلى الجمهوريين بشكل خاص.
ولاحظ ترامب ذلك الأمر وأقر خلال لقاء مع قناة "فوكس نيوز" مساء الإثنين الماضي، بأن "المناطق الجمهورية تضررت بشدة".
وقال "أعتقد أنهم سيخرجون للتصويت إذا اضطروا إلى الزحف لكشك الاقتراع"، مضيفا "نحن نحاول أن نجعل الأمر ملائما لهم للتصويت، لكنهم فقدوا منازلهم للتو".
دروس التاريخ
ويشير التاريخ الحديث إلى أن نزوح السكان والمشكلات المتعلقة بالأعاصير يمكن أن تخفف بشكل كبير من نسبة الإقبال على التصويت.
وأبرز مثال حديث هو إعصار كاترينا الذي ضرب نيو أورليانز في أغسطس/آب 2005، ولم يكن أكثر من نصف سكان المدينة قد عادوا إليها بحلول الانتخابات التمهيدية لاختيار عمدة المدينة في أبريل/نيسان 2006.
وانخفضت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات بأكثر من 10% مقارنة بالدورة السابقة. بينما تشير الدراسات إلى أن نسبة المشاركة انخفضت بنسبة أكبر كثيراً في المناطق الأكثر تضرراً، والتي كانت فقيرة وتضم سكانا من أصل أفريقي.
وهناك بعض الاختلافات الرئيسية بين "كاترين" و"هيلين"، حيث خلّف الأول دمارا ووفيات أكبر بكثير من الثاني.
لكن "كاترينا" سمح أيضاً بفترة أطول من الزمن لمعالجة المشاكل المحتملة في التصويت باعتبار أن المدة الفاصلة بين الإعصار والتصويت كانت كبيرة للغاية.
وفي 2018، ضرب الإعصار "مايكل" فلوريدا في وقت أقرب بكثير من انتخابات التجديد النصفي، وهو ما أدى إلى انخفاض كبير في نسبة المشاركة بلغ 7%، وفقا لمركز برينان للعدالة الذي أوضح أن ضعف الإقبال لم يكن بسبب الإعصار إنما بسبب الارتباك الذي أعقبه بشأن توحيد مراكز الاقتراع.
وفي ضوء ذلك، فإن هناك الكثير من الصعوبات المحتملة بسبب إعصار هيلين التي تضع ضغوطًا على الأشخاص الذين يتعاملون بالفعل مع مخاوف أكثر إلحاحًا من التصويت، إضافة إلى ضيق الوقت لمعالجتها.
جوانب أخرى
ومع ذلك، فإن الإقبال ليس هو القضية الوحيدة، فكما أشار ترامب، هناك تأثير للإعصار على اختيارات الناخبين وما إذا كانت استجابة الحكومة ستدفعهم في اتجاه أو آخر.
وقال ترامب: "أعتقد أننا سنحقق نتائج عظيمة في كارولينا الشمالية، لأن الاستجابة كانت سيئة للغاية ومروعة".
لكن تصريحات ترامب جاءت على نقيض إشادة الكثيرين، بينهم عدد من الجمهوريين المحليين باستجابة الحكومة للكارثة، وفقا لـ"واشنطن بوست" التي قالت إنه من المؤكد بأن خسائر الأعاصير وجهود الحكومة قد تغير المواقف.
وبعد إعصار كاترينا، لم يواجه الرئيس جورج دبليو بوش الناخبين مرة أخرى؛ لأنه كان قد أعيد انتخابه بالفعل في 2004، لكن الاستجابة الفيدرالية الفاشلة ساهمت في خسائر الجمهوريين غير المتوازنة في انتخابات التجديد النصفي لعام 2006.
في المقابل، يمكن لجهود التعافي من الأعاصير التي تحظى بقبول جيد، أن تساعد السياسيين مثلما حدث في 2012، حين ضربت العاصفة ساندي الشمال الشرقي قبل أقل من أسبوع من الانتخابات، حيث اعتُبِرت الاستجابة الحزبية الثنائية بمثابة أصل مهم للرئيس السابق باراك أوباما الذي احتضن حاكم ولاية نيوجيرسي الجمهوري كريس كريستي.
وصنف 15% من الناخبين الاستجابة الحكومية للكوارث الطبيعية باعتبارها القضية الأكثر أهمية بالنسبة لهم في ذلك الوقت، وفاز أوباما بأصوات أكثر من 70% من هؤلاء الناخبين.
وحتى الآن من غير المعروف كيف سيكون تأثير أعاصير الخريف على الانتخابات التي أصبحت تواجه الكثير من عدم الاستقرار وعدم القدرة على التنبؤ، وفق واشنطن بوست.