مؤسس مركز بون للمناخ لـ"العين الإخبارية": COP28 نقطة تحول في تعهدات خفض الانبعاثات
يعد مركز بون للمناخ هو المشروع الدولي للمناخ المبتكر الذي يتمتع بخلفية تقنية كاملة للاستخدام المباشر، بالإضافة إلى الحلول التقنية، كما يقدم المشروع دعوة قوية لسياسة مناخية دولية في استراتيجيات الهيدروجين.
وبصفته رائد أعمال في "بون" شارك في مشاريع دولية، يدرك المهندس هاينز ستورم، الحاجة إلى إقامة صلة بين مشروع المناخ في بون، وأمانة المناخ التابعة للأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الأخرى من أجل تطوير نهج شامل يشجع على استخدام الهيدروجين لحماية المناخ.
مع خلفيته بصفته مهندسا استشاريا متخصصا، وناشطا في قضايا حماية المناخ الدولية لسنوات، يعمل هاينز ستورم حاليا مستشارا لأمانة المناخ في الأمم المتحدة، وبعض الحكومات الأفريقية والعربية من مركز تكنولوجيا المناخ في بون، هو أيضا من المدافعين عن النهج الشمولي في التصدي لتغير المناخ.
لخص "ستورم" فلسفة مركز بون للمناخ بعد العمل لمدة 15 عامًا بالقول: "ليست التكنولوجيا الفردية، وليس الدافع الفردي الذي يحدد نجاح الهيدروجين في حماية المناخ وإمداد الطاقة النظيفة، ولكن التفكير والعمل على مستوى المجتمع وصولا لاقتصاد الهيدروجين" .
يرى هاينز ستورم أن الدول العربية، خاصة دولة الإمارات العربية المتحدة بما تمتلكه من إمكانات اقتصادية وفكرية وتشجيع على الابتكار وريادة الأعمال في المشروعات المتعلقة بالمناخ والانتقال الطاقي هي مفتاح لخلق بيئة مواتية لتغيير سريع في معادلة الطاقة وقضية تغير المناخ، بالتشديد على الوضع الجيوسياسي المتميز للمنطقة العربية خاصة في التحول نحو الطاقة النظيفة ولعب دور الشريك للاتحاد الأوروبي خاصة ألمانيا في حل أزمة الطاقة، تحديدا فيما يتعلق بالهيدروجين الأخضر.
واعتبر قمة المناخ COP28 التي تستضيفها دولة الإمارات العربية المتحدة نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، تمثل نقطة تحول في التعهدات الدولية لخفض الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، مقترحا خريطة طريق لتصدير الهيدروجين من دول المنطقة إلى أسواق أوروبا.
المستشار الأممي لأمانة المناخ ومؤسس مركز بون لتكنولوجيا المناخ خص "العين الإخبارية" بالحوار التالي:
هل قمة المناخ COP28 في دولة الإمارات ستختلف عن الجولات السابقة في تقديم تعهدات أقوى لمواجهة أزمة تغير المناخ؟
كل المبادرات والجهود التي تأتي من دول المنطقة فيما يتعلق بحماية المناخ، والحد من الهيدروجين والغازات المسببة للاحتباس الحراري، وقبل كل شيء تأتي تقريبا من دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، لذا أرى أن مؤتمر الأطراف COP28، هو مؤتمر الأطراف المهم، وربما الأهم على الإطلاق في هذا التوقيت، والذي سيتحرك كثيرًا ويدفع الأمور إلى الأمام.
فلا شك أن هناك إدراكا في المنطقة العربية لأهمية المرحلة وهم بالفعل متفاعلون ولديهم استعداد للعمل مع الأفكار الجديدة ويقدرون جيدا الابتكارات وريادة الأعمال في هذا القطاع وبالتالي فهم مختلفون تماما عن العديد من الدول، على وجه التحديد لأنهم يطبقون ويفعلون الأشياء.
إذا كان بإمكان أي شخص تحقيق الكثير، فمؤتمر COP28 في دبي يمثل فرصة مهمة جداً، فالمنطقة العربية مهمة جدا في هذا التوقيت للمشاركة بفاعلية في صياغة وتنفيذ الأهداف العالمية، وفي التعهدات بخفض الانبعاثات وفي جميع الأنشطة المستقبلية، ولا ننسى أن دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أصبحتا للتو نقطة ساخنة عالمية لـH2، ولا أحد في العالم يمكنه مواكبة ذلك أو إنكار هذا الجهد المتنامي في السعي للمزيد من الوقود النظيف.
هل استفادت مشاريع تحول الطاقة في الاتحاد الأوروبي من حرب شرق أوروبا؟
أظهرت لنا الحرب في أوروبا الشرقية في ألمانيا، وفي العديد من الدول الأوروبية مدى اعتمادنا على الطاقة المستوردة - الغاز الطبيعي والفحم والنفط- وغيرها من الطاقة القائمة على الهيدروكربونات، في مرحلة ما في المستقبل سيحدث تغيير، وفي وقت من الأوقات سنعاني من ارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير، وعليه يجب أن نكون قد تعلمنا الدرس ويجب تنفيذ انتقال الطاقة في ألمانيا بسرعة كبيرة حتى نعتمد على أنفسنا ولا نبقى تحت رحمة أو ضغط الواردات من الخارج بقدر الإمكان.
الاعتماد على الذات هنا له تكلفة.. هل الحكومة في ألمانيا تستعد لذلك؟
نعم، هناك تكلفة، لكن يجب علينا الآن إيجاد وإنتاج طاقة مقبولة اجتماعيًا ونظيفة، وبأسعار معقولة للجميع، من مختلف الموارد مثل الكتلة الحيوية، وما إلى ذلك، وكذلك من فصل المياه/ التحليل الكهربائي، وغيرها من التقنيات، هناك الكثير من التقنيات والأفكار في الطريق، وكل شيء يتسارع، وفي النهاية لابد أن نصبح أكثر استقلالية في الحصول على الطاقة.
هناك أفكار كثيرة فالبعض يفكر الآن ويعمل على إنتاج الطاقة اللامركزية، فيما يسمى بمحطات الطاقة الأصغر - الشبكات الصغيرة- لمدينة أو منطقة أو حي، الهدف هنا في ألمانيا الابتعاد عن محطات توليد الطاقة الكبيرة والتوجه نحو اللامركزية، وبالتالي الطاقة الإقليمية بجميع أنواعها وتطبيق العديد من التقنيات، وبالتالي الانفتاح التكنولوجي، وسنري كيف يعمل هذا.
هل تقنية الهيدروجين الأخضر ناضجة بما يكفي اليوم لتكون مربحة؟
نعم، ويمكن لألمانيا بالتأكيد تقديم العديد من التقنيات بسرعة كبيرة وفورية، وهناك الكثير من التقنيات أصبحت أكثر ملاءمة اقتصاديا في إنتاج الهيدروجين الأخضر ، وكذلك في الهيدروجين الأزرق، ومع ذلك، يجب أن نفكر دائمًا في الموارد التي ننتج منها الهيدروجين، سواء الأخضر أو الأزرق، من أين ستأتي الطاقة والموارد التي ننتج بها هذا الهيدروجين؟ هذا أهم سؤال يجب أن نجيب عنه الآن.
الأمر قد يختلف حسب البلد والمنطقة، بصرف النظر عن الماء كأساس للتحليل الكهربائي، وهو غير متوافر في العديد من المناطق أو الدول، لذا يتعين علينا بالتالي النظر في الموارد الأخرى التي تحتوي على الوقود، وفي المقام الأول نقصد هنا "الكتل الحيوية"، خاصة في البلدان النامية، لأنه ليس فقط لدينا مشكلة مناخية في جميع أنحاء العالم، لكن أيضا لدينا مشكلة مياه متزايدة، سنواجه قريبًا مشاكل موارد هائلة بسبب الاحتباس الحراري، وأيضا بسبب هدر الموارد.
في ظل حالة الاقتصاد العالمي وارتفاع الأسعار هل ترى أن اقتصاد ألمانيا يحتمل الانتقال السريع هذا؟
نقرأ حاليا في الصحف الألمانية اليومية عن الزيادات الكبيرة في أسعار الغاز الطبيعي والفحم بسبب الندرة، أصبحت الكهرباء أيضا أكثر تكلفة، وربما لا يمكن تحملها لكثير من الناس في ألمانيا، لذلك ليس لدينا بديل سوى الجمع بين "اقتصاد دائري بنسبة 100% واقتصاد هيدروجين"، والمقصود هنا هو إصلاح نفايات الكتلة الحيوية بجميع أنواعها، وتحويلها إلى هيدروجين أخضر، وفي النهاية إعادة مكونات النفايات العضوية التي تم دفنها إلى الدورة الاقتصادية.
طاقة نظيفة بأسعار معقولة للجميع
ما هي رؤيتك للدول العربية وشمال أفريقيا لاستغلال مواردها من الطاقة المتجددة بكفاءة؟
اقترح هنا على هذه الدول على وجه الخصوص، الانفتاح على التكنولوجيا، وإطلاق مبادرة عنوانها "طاقة نظيفة بأسعار معقولة للجميع"، والعمل في دورة المواد ودمجها مع اقتصاد الهيدروجين.
بعد ذلك ستعمل بشكل مثالي، ويمكن بعدها الاستمرار في تصدير الهيدروجين إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي. هذا ما يتعين علينا العمل عليه، ففي المنطقة العربية هناك الطاقة الشمسية وكذلك إمكانيات إنتاج الهيدروجين الأخضر، فيجب أيضًا مراعاة إنتاج الهيدروجين الأزرق من الغاز الطبيعي، علاوة على ذلك، يمكن أيضًا استخدام الكتلة الحيوية في شكل نفايات عضوية كأساس لإنتاج الهيدروجين الأخضر ، بحيث تختفي نفايات الكتلة الحيوية، ويسود الاقتصاد الدائري بدلاً من إلقاء النفايات.
المستقبل القريب يتضمن بالتأكيد إنتاج طاقة نظيفة وبأسعار معقولة لسكان الشرق الأوسط وشمال أفريقي، الهيدروجين الأخضر والأزرق للاستهلاك الذاتي والتصدير إلى ألمانيا وأوروبا.
هل الأمر بهذه السهولة، ألا توجد تكلفة وتمويل وتكنولوجيا وأثار اجتماعية واقتصادية لضمان انتقال الطاقة مستقبلا؟
ليس هناك شك في أن إمدادات الطاقة لسكان العالم المتزايدين باستمرار تزداد صعوبة، نحن بحاجة إلى كميات كبيرة من الطاقة النظيفة، وبأسعار معقولة على شكل هيدروجين، نحن بحاجة إلى المنطقة العربية وشمال أفريقيا على وجه الخصوص لتسريع حماية المناخ، والاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية؛ يجب أن يتم مراعاتها أثناء هذا الانتقال، لذلك، إذا كانت هناك رغبة دولية في مبادرات ومشروعات ناجحة لحماية المناخ، يجب أن تنظر في المجالات المطروحة مثل تقنيات H2، بجانب الجغرافيا السياسية، والسياسة الاقتصادية، وسياسة التنمية، والسياسة الاجتماعية وغيرها من المجالات بشكل كلي وربطها معًا.
باختصار، يجب أن تراعي مشاريع تحول الطاقة الأبعاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية، هذه مهمة كبيرة وتستغرق الكثير من الوقت، والتي يمكنني اختصارها إلى بضع سنوات من خلال البرامج التي تم تطويرها بالفعل ومشروع بون للمناخ.
كيف يمكن للمنطقة العربية الاستثمار في الهيدروجين النظيف لتعزيز انتقال الطاقة؟
المجتمع الدولي بحاجة إلى بناء هذا العمل وتحويله إلى الهيدروجين بدلا من النفط، بالنسبة لبلدان شمال أفريقيا، لديهم فرص أخرى لإنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق التفاعل الكيميائي الحراري لنفايات الكتلة الحيوية، مما سيساعد اقتصادهم على النمو، إنه جهد خلاق اجتماعيا، وأيضا يعد مشروعا سياسيا واقتصاديا.
كيف للشركات والحكومات والمؤسسات العلمية العربية الاستفادة من التكنولوجيا الغربية في انتقال الطاقة؟
يتم ذلك بالعمل مع ألمانيا، والعمل مع مشروع Bonn Climate Project، حيث نسعي نحو تطوير حلول تقنية لبناء اقتصادات الهيدروجين الكاملة في جميع أنحاء العالم، وحماية المناخ بالهيدروجين كحل وحيد لسياسة مناخ عالمية ابتداء من ألمانيا ودول مجلس التعاون الخليجي والمنطقة العربية وشمال أفريقيا.
كيف نمضي قدمًا على الفور ونضع سياسة المناخ العالمي ونبين للدول كيفية القيام بذلك؟
الزيادة الكبيرة في أهمية الهيدروجين كناقل للطاقة ستؤدي حتما إلى إنشاء سوق لتقنيات الهيدروجين، سيؤدي إنشاء السوق، بدوره، إلى زيادة أخرى في الطلب.
مشاركة دول الخليج في هذه الدورة له بعد اجتماعي - سياسي واجتماعي - اقتصادي، كما ذكر مؤلف كتاب "اقتصاد الهيدروجين للدول العربية: وجهات نظر"، في ضوء هذه الخلفية ، أستخلص الاستنتاج التالي: دول الخليج بالفعل متقدمة بفارق كبير عن معظم الدول الأخرى بسبب التزامها الحاسم بحماية المناخ، ويمكنها تعزيز هذه المكانة من خلال تصدير الهيدروجين بتكلفة منخفضة، إذا عملت دول المنطقة الآن بالتوازي مع ألمانيا والاتحاد الأوروبي على إدخال اقتصاد الهيدروجين وبذلت جهودًا مشتركة، فسيكون ذلك نجاحًا كبيرًا.