لا شك أن منطقة الشرق الأوسط تعيش هذه الأيام فترة من أصعب فترات تاريخها المعاصر، والأمر هنا لا يقتصر على الصراع العسكري الدائر في قطاع غزة بين حركة "حماس" الفلسطينية وإسرائيل..
بل يطول لعبة خلط الأوراق التي تمارسها في مثل هذه الظروف والأزمات تنظيمات وجماعات معادية لدولة الإمارات وقيادتها وشعبها، حيث لا تتوانى هذه الأطراف جميعها عن توظيف أي ظرف إقليمي طارئ في الإساءة إلى دولة الإمارات وتسويق مزاعم لا علاقة لها بالموقف الحقيقي للدولة، متجاهلة كل ما تفعله الإمارات وما تبذله به من جهود دبلوماسية مكثفة، معلنة وغير معلنة، في البحث عن مخارج تحقن دماء الآمنين، وتحول دون المزيد من الدمار وسفك الدماء.
هذه الممارسات السلبية التي اعتادت عليها دولة الإمارات في مثل هذه الظروف، ينبغي لنا، كمواطنين ومواطنات، فهمها والتعامل معها بعقل وطني واعٍ دون الانخداع بما يدسه المتآمرون وسط كلماتهم من كلمات تستهدف ـ بصراحة ـ التشكيك في مواقف الدولة والنيل من جهودها ودورها، والإساءة إلى سياساتها وتوجهاتها، فضلاً عن محاولة الابتزاز العاطفي وغسل الأدمغة.
في ظل ما يحيط بنا من أكاذيب ومزاعم وانتقادات، ليثق كل منا بأن قيادتنا لا تبخل بأي جهد من أجل دعم الجهود الرامية لدعم الشعب الفلسطيني سواء من حيث التوصل لهدنة إنسانية، أو تحقيق السلام العادل والشامل، ونعلم جميعاً أن دولة الإمارات قد انخرطت منذ الساعات الأولى لاندلاع الأزمة عبر منصة مجلس الأمن الدولي، كونها عضواً غير دائم بالمجلس، وقادت جهداً دولياً مكثفاً لمحاولة إيقاف العمليات العسكرية والإفراج عن الأسرى، وشاركت مع دول أخرى في سبيل تحقيق ذلك، ولكن حالة الاستقطاب الدولي الحادة التي يعيشها العالم منذ بداية أزمة أوكرانيا لم توفر فرص التوافق الدولي في مجلس الأمن، باعتباره الذراع الأممية المعنية بتحقيق الأمن والاستقرار الدوليين.
نعرف جميعاً أن جهود دولة الإمارات في مساندة الشعب الفلسطيني وقطاع غزة تحديداً خلال هذه الفترة لم تقتصر على المواقف والمشاورات السياسية المكثفة التي تقوم بها القيادة الرشيدة مع جميع الأطراف المعنية إقليمياً ودولياً، ولم تقتصر كذلك على إرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية والمستشفى الميداني والإعلان عن استقبال نحو ألف طفل فلسطيني من مصابي العمليات العسكرية رفقة عائلاتهم للعلاج في مستشفيات الإمارات ضمن مبادرة "الفارس الشهم 3" الإنسانية التي وجه بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله ـ لدعم الشعب الفلسطيني، بل هناك دور شعبي مواز يتفاعل بقوة مع حملة "تراحم من أجل غزة"، التي أطلقت منذ منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث امتدت جسور الإغاثة الجوية من الإمارات، التي ضمت 8 طائرات حملت أكثر من مائتي طن من المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية تم جمعها من خلال الحملة الشعبية.
علينا إذن أن نثق بأن دولتنا تضطلع بمسؤولياتها تجاه الأشقاء الفلسطينيين، وأنها تمضي وفق ثوابتها التي تأسست عليها منذ عهد المغفور به بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأن الإمارات "لم تكن الأعلى صوتا لكنها كانت ضمن الأكثر بناء"، كما قال الدكتور أنور قرقاش المستشار السياسي لرئيس الدولة.
بالأخير الإمارات، هي دولة ذات سيادة ولديها سجل حافل بالمواقف الداعمة للأشقاء العرب ولا يمكن لأحد المزايدة على مواقفها أو التشكيك في ثوابتها، وليس لأحد أن يملي عليها توجهاتها وقراراتها ومواقفها، وبالتالي فالإمارات لا تعتمد على الضجيج الإعلامي ولا تؤمن بالشعارات في سلوكها السياسي ولكنها تفعل ما يمليه عليها ضميرها الإنساني.
نحن، كمواطنين، ندرك تماماً أن دولتنا وقيادتنا الرشيدة لديها رؤية واعية حققت من خلالها ما نراه من إنجازات حضارية نفاخر بها العالم، ونثق في أن استمرار هذه النجاحات يتطلب بناء مواقف وسياسات تتوخى مصالح الإمارات وشعبها، ولا تنساق وراء التحريض والمزايدات وأجواء التحريض التي تروج لها أطراف معلومة للجميع، فالإمارات تتخذ من القرارات والسياسات ما تراه مناسباً ويلائم مصالحها الوطنية وتلبي من خلاله مسؤولياتها القومية تجاه قضية شعب فلسطيني يدفع ثمناً باهظاً للحروب الكلامية وادعاءات البطولة التي يروج لها رعاة الفتن.
شعب الإمارات يساند قيادتنا الرشيدة ويدعم سياساتها ومواقفها ويثق تماماً برسوخ مواقفها ومبادئها الإنسانية، ويدرك أن لكل دولة ظروفها وحساباتها وتقديراتها للمواقف وإدارة الأزمات، ومن الصعب مقارنة موقف رسمي أو شعبي بآخر، ولاسيما فيما يتعلق بالإمارات التي تنتهج منذ تأسيسها نهجاً قائماً على العمل والدبلوماسية الهادئة الفاعلة ولا تبحث عن انتصارات إعلامية أو إنجازات وهمية، ولذلك فإن الالتفاف الشعبي حول قيادتنا الرشيدة في هذه الظروف الإقليمية المعقدة هو ديدن الشعب الإماراتي الذي يبادل قيادته حباً بحب ويدين لها بالولاء الشديد والثقة المطلقة في كل ما تراه وتفعله، ويدرك أن مواقف دولتنا هي مواقف عقلانية مشرّفة وتتخذ من القرارات والسياسات ما يحقق مصالح شعب الإمارات من دون أن تتأثر بالآخرين ومواقفهم التي تناسبهم وتحقق لهم أهدافهم ومصالحهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة