منذ إعلان صحيفة التليغراف أن وزارة الداخلية البريطانية ألغت تأشيرة الإعلامي معتز مطر المحسوب على جماعة الإخوان، وآلة الإعلام الإخوانية، خاصة في لندن، لا تتوقف عن صناعته بطلاً.
يأتي ذلك لأغراض في ظاهرها مناهضة إسرائيل، وفي حقيقتها إخفاء قادتها بورقة التوت بعد أن طالتهم الانتقادات حتى من أنصارهم، باتهامهم بالتخاذل عن دعم فلسطين خوفاً على "تأشيراتهم".
بعد متابعة صفحات الجماعة الإرهابية المختلفة نجدهم قاموا ببث مئات الساعات لتقديم حكايات للمتلقي الإخواني تهدف لصناعة "معتز مطر" بطلاً إعلامياً، والهروب من أسئلة شباب الإخوان الذين يستنكرون غياب قادتهم عن مظاهرات لندن المؤيدة لفلسطين والمنددة بالمذابح الإسرائيلية، وكذا غيابهم عن تقديم المساعدات للفلسطينيين في غزة.
فقد استهدفت الحملة الترويجية الإخوانية وعي متابعيها بعد أن أبدى بعض شبابهم في مصر استنكارهم لغياب قادتهم في لندن عن قيادة المشهد، فقد كانوا ينتظرون أن يروا قادتهم وهم ينظمون المسيرات أو على الأقل يرونهم ضمن المشاركين في المظاهرات التي جابت شوارع لندن، وكانوا ينتظرون أن يروا قادتهم يتحركون في الإعلام الغربي والأوروبي لنصرة القضية الفلسطينية، وهي قضية مركزية أو المفترض أنها هكذا، لكنهم لم يفعلوا، كما مثّل غيابهم المتعمد عن تقديم الإغاثة والمساعدات للمحاصرين في غزة والاكتفاء بالسخرية من المساعدات التي تصل لأهل غزة، صدمة لدى متابعيهم.
لذا حاول الإخوان إلهاء شبابهم ومؤيديهم بتضخيم التفاعل مع قرار إلغاء تأشيرة معتز وجعلها معركة كلامية صاخبة حتى لا يكتشفوا أن الحرية الممنوحة للإعلام الإخواني كانت لغرض واحد فقط، هي مهاجمة أوطانهم وهدم مجتمعاتهم من الداخل.
فالحرية مهما كانت حدودها في لندن ليست مطلقة، وهذا ما كشف عن عمق المأزق الذي يعيش فيه قادة الإخوان في لندن، فهم يدركون الخط الأحمر في لندن بأنه ليس لهم حق وصف إسرائيل بنفس الأوصاف التي يصفون بها شعوبهم ودولهم في حملتهم الشنعاء المستمرة منذ سنوات عليها. لهذا أكد وزير الهجرة البريطاني روبرت جينريك، أنه لا يوجد أي تسامح على الإطلاق مع زوار المملكة المتحدة، الذين وصفهم بأنهم "يسيئون استخدام امتياز التأشيرة ويؤيدون الأعمال الإرهابية الشريرة". وواصل الوزير البريطاني تهديداته قائلاً: "سنستمر في إلغاء التأشيرات حيثما كان ذلك مطلوباً. في رسالة شديدة لجماعة الإخوان المقيمين في بريطانيا حتى لا يتجاوزوا الخطوط الحمراء التي وضعتها لهم لندن.
هذا الخط الأحمر البريطاني فضح قادة الإخوان في لندن، وأكد أنهم لا يعملون سوى لمصالحهم وأن الحفاظ على التأشيرة، أهم من دعم فلسطين. وها هو معتز مطر وعلى عكس ما روّجت له الرواية الإخوانية بأن أجهزة الاستخبارات البريطانية تسعى للقبض عليه وهو خارج لندن، تبين أنه لم يكن خارج العاصمة البريطانية، وأن الداخلية البريطانية لا تنتظره لإلقاء القبض عليه كما زعموا، بل فور صدور قرار إلغاء تأشيرته انتقل فوراً إلى إيرلندا، كما أعلن صديقه المقرب ماجد عبد الله على قناته بـ"يوتيوب" وأثبت هذا بصورة لحوارهما على "واتساب".
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن إذا كانت لندن ترى تأييد حماس ومهاجمة إسرائيل جريمة، فهل من البطولة أن يخرج معتز مطر ويؤكد أنه بريء من تهمة مناصرة فلسطين؟ ولماذا سيلجأ للقضاء كما زعم ليستعيد إقامته في بلد لا يناصر فلسطين ويشارك في قتل الأبرياء في غزة؟
قادة إخوان لندن أعينهم على التأشيرة وليس دعم فلسطين؛ فقد دأبوا خلال السنوات العشر الأخيرة على إقناع أنصارهم بأن عواصم الدول الكبرى تؤيدهم وتناصرهم وستقوم بالضغط على الحكومة المصرية لحل أزمة الإخوان.
ومع استمرار فشل الإخوان في كل المهام التي وكلوا بها، ومع قدرة الدولة المصرية على تجاوز جميع العقبات واستعادة صلاتها بالدول التي كانت تناصر الإخوان، أصيب أفراد الجماعة بخيبة أمل شديدة، كان آخرها مشاهد التقارب التركي المصري الذي حدث على هامش مؤتمر القمة العربية الإسلامية المنعقد في الرياض، وحالة الود التي تقابل بها الرئيسان عبد الفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة