ابتسام سالم.. فلسطينية تكافح الفقر في غزة
المرأة الفلسطينية تعيش منذ النكبة في عام 1948م حتى اليوم، حياة صعبة ومعقدة، لا تكاد تخلو من الخطر، وقلبها مليء بالأحزان والقهر
تصحو كل صباح بهمة عالية؛ لتخرج من بيتها إلى جمعيتها التي أسستها ومجموعة من النساء في الحي، فهناك تقضي يومها في مقابلة الفقراء وسماع قصصهم، وتوفير ما تستطيع من مساعدات إغاثية، وهكذا تعيش منذ عام 1989م، أي منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
الفلسطينية ابتسام سالم، صاحبة الـ58 عاماً، من بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، انخرطت في العمل العام عن طريق مبادئها التي تؤمن بها، فكانت أول امرأة تفكر بالعمل الإغاثي في بلدتها.
وقالت الفلسطينية ابتسام سالم لـ"العين الإخبارية": "بدأت العمل المجتمعي في عام 1989م وهي من المراحل الصعبة التي ارتبطت مباشرة بالانتفاضة الأولى، والتي كانت شرارتها من مخيم جباليا شمال قطاع غزة".
وأضافت: "كانت مهمتي التنقل بين المخيمات المحاصرة، حاملة مع النساء المواد الغذائية، وحليب الأطفال، والأدوية، للبيوت التي خلت من رجالها بفعل الاعتقال أو النفي".
وتابعت: "كما اجتمعنا على تقديم الخدمات التوعوية والدعم النفسي للأسر التي استشهد أحد أفرادها أو اعتقل، وقدمنا الإرشادات للنساء في كيفية التعامل أثناء الصدمات، واقتحام الجيش الإسرائيلي للمنازل وتفتيشها، خصوصا كيفية حماية الأطفال والمواليد الجدد عند الفزع والتوتر".
وأوضحت "سالم": "لم يقتصر عملي مع النساء على منطقة بعينها، بل كان نشاطنا من شمال قطاع غزة حتى جنوبه، وهذا ما جعلني في تلك السنوات أنخرط بالعمل العام، وأن أتعلم أساليب الإغاثة الصحيحة، وحتى علاج المصابين، بعد أن اضطررت للتعامل مع مصاب في ممر أحد المخيمات، وجدته ينزف وكاد يفقد حياته".
وقالت السيدة الفلسطينية: "منذ إنشاء الجمعية التعاونية للتوفير والتسليف، وأنا أتابع هموم الناس ومعاناتهم، وأقضي وقتي وأنا أستمع لهم، وأحاول مساعدتهم".
وحول طبيعة عمل الجمعية قالت: "هي جمعية تعاونية مرخصة، ذات شخصية اعتبارية ومالية وإدارية مستقلة، وتمول وتدار من قبل أعضائها، وتمارس نشاطي التوفير والتسليف، إلى جانب النشاطات التنموية الأخرى".
وتابعت: "تهدف الجمعية أيضاً إلى تنمية المرأة الفلسطينية، خصوصاً في الريف الفلسطيني، وتعزيز دورها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، مستندة في ذلك إلى قوانين ومبادئ وأخلاقيات العمل التعاوني القائمة على الإدارة الذاتية، والديمقراطية، والمساواة، والعدالة، والتضامن".
وأضافت: "كما نقدم من خلال الجمعية ما هو ضروري للمجتمع المحلي المستهدف، بما في ذلك عقد دورات تدريبية، ونشر الوعي الصحي والاجتماعي، وتقديم إرشادات للأسر، خصوصا الأمهات الجدد، بالإضافة إلى تعزيز الثقة لدى النساء، وإرشادهن وقت التوتر إلى الطرق السليمة للتعامل مع الأطفال، وغيرها من خدمات يحتاجها المجتمع، وإقامة مشاريع تدعم المرأة الريفية والعاطلة عن العمل وربة الأسرة".
وأكدت السيدة ابتسام سالم أن المرأة الفلسطينية تعيش منذ النكبة في عام 1948م حتى اليوم، حياة صعبة ومعقدة، لا تكاد تخلو من الخطر، وقلبها مليء بالأحزان والقهر، لذلك كان من الضروري إيجاد مشاريع لها لكي تواصل مسيرة الحياة وتتحمل المزيد.
ولا تنكر "سالم" صعوبة العمل في قطاع غزة، خصوصا بعد الانقسام والظروف السياسية المعقدة، والتضييق على تمويل المشاريع الإغاثية والإنسانية.
وأوضحت: "في ظل ظروف الحصار المفروض على قطاع غزة، واستمرار الانقسام، نحاول أن نثبت أن المرأة قوية، وندعمها حتى ولو بالكلمة، فالمرأة الفلسطينية تثبت نفسها فعلاً بالشدائد وتقف إلى جانب الرجل".
وكل ما تتمناه السيدة ابتسام سالم وهي تمضي في مشوارها الإغاثي والإنساني، أن تصحو يوماً ولا تقرأ فيه نسب الفقر والبطالة والموت والطلاق في قطاع غزة.
وقالت "سالم": "30 عاماً وأنا في العمل المجتمعي والتنموي، إلا أنني دوماً أشعر بهزيمتي أمام الفقر، لقلة المساعدات التي تصل إلى الفقراء والمهمشين وندرة من يمد يد الخير ليسد حاجة المضطر".
وأكدت: "هزائمي كثيرة في ميدان التصدي للفقر، ولكنني لا أستسلم أبداً، رغم أن نسبة الفقر وصلت في قطاع غزة إلى 53%، والبطالة فاقت 60%، خصوصا بين الشباب الذي يهاجر من البلد بشكل غير مسبوق، والأزمة الكبرى التي يعيشها الفقراء في قطاع غزة، وهي انعدام الأمن الغذائي، وتراجع الدعم الحكومي لسوء الأوضاع الاقتصادية بشكل عام".
واختتمت: "مقومات النجاح في عملي هو التصميم على الإنجازات، والعمل المتواصل لتحقيق الأهداف التي وضعتها لحياتي وفق مبادئي، فأنا مؤمنة بأن المرأة الفلسطينية امرأة تحلم بيوم لا ترى فيه محتلا ولا معتقلا".