«سرقة وحرق ولا مبرر».. جنود إسرائيليون يرفضون العودة إلى غزة
كشف ثلاثة من جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، في مقابلة مع مجلة الأوبزرفر، أسباب رفضهم العودة للحرب في غزة.
وقال المسعف العسكري الإسرائيلي يوفال جرين، كان الأمر بحرق منزل السبب وراء قراره إنهاء خدمته في قوات الاحتياط. وكان جرين قد أمضى 50 يوما في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة في وقت سابق من هذا العام مع وحدة المظليين التابعة له، حيث كان ينام في منزل مضاء فقط بأضواء تعمل بالبطاريات وسط الأنقاض والدمار.
وبدأ يشكك في هدف الوحدة هناك قبل أشهر عندما سمع عن رفض إسرائيل الموافقة على مطالب حماس بإنهاء الحرب وتحرير الرهائن.
غرين هو أحد ثلاثة جنود احتياط إسرائيليين أعربوا في مقابلة مع مجلة الأوبزرفر رفضهم العودة إلى الخدمة العسكرية في غزة إذا ما تم استدعاؤهم. وكان الثلاثة قد أدوا الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش الإسرائيلي، الذي يشكل العمود الفقري للمجتمع.
وعاد الثلاثة إلى غزة بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص في البلدات والمستوطنات المحيطة بغزة واحتجاز نحو 250 شخصا كرهائن.
سلوك مدمر
لكن «السلوك المدمر»، الذي شهده جرين من جنود آخرين لم يؤد إلا إلى تأجيج المخاوف التي كانت تراوده عندما ذهب إلى غزة، حيث أصابه اليأس مما وصفه بـ«دورة العنف».
وقال إنه ظل هناك بدافع من شعوره بالواجب لرعاية أفراد وحدته، الذين عرفهم من سنوات خدمته العسكرية الإلزامية، مضيفا أنهم كانوا غاضبين بعد أن شاهدوا الدمار الذي خلفته هجمات حماس على المدن الإسرائيلية.
وقال جرين: "كنت أرى الجنود يسطون على المنازل أو يسرقون طوال الوقت. كانوا يدخلون المنازل لأسباب عسكرية، بحثًا عن أسلحة، لكن الأمر كان أكثر متعة عندما كانوا يبحثون عن الهدايا التذكارية - فقد كانوا مولعين بالقلادات التي تحمل كتابات عربية وكانوا يجمعونها".
وأضاف: "في وقت مبكر من هذا العام. تلقينا أمرًا. كنا داخل منزل وأمرنا قائدنا بإحراقه".
وعندما ناقش الأمر مع قائد سريته: "لم تكن الإجابات التي أعطاني إياها مقنعة. فقلت: إذا كنا نفعل كل هذا بلا سبب، فلن أشارك. وغادرت في اليوم التالي".
وقال اثنان من جنود الاحتياط إنهم قد يشعرون بأنهم مضطرون إلى العودة إلى الخدمة إذا تحول تبادل الهجمات بطائرات دون طيار والغارات الجوية ونيران المدفعية بين إسرائيل وحزب الله في لبنان إلى حرب كاملة.
ويشير الثلاثة إلى دوافع مختلفة وراء قرارهم بعدم الخدمة في غزة مرة أخرى، بدءاً من الطريقة التي يدير بها الجيش الحرب، إلى إحجام الحكومة عن الموافقة على صفقة الرهائن، التي تقدم نهاية للقتال.
يشار إلى أن 41 جندي احتياط وقعوا الشهر الماضي رسالة مفتوحة أعلنوا فيها رفضهم الاستمرار في عملية جيش الدفاع الإسرائيلي على مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وقال الجنود: "لقد أثبتت لنا نصف السنة التي شاركنا فيها في المجهود الحربي أن العمل العسكري وحده لن يعيد الرهائن إلى ديارهم. فكل يوم يمر يعرض حياة الرهائن والجنود الذين لا يزالون في غزة للخطر، ولا يعيد الأمن إلى سكان غزة والحدود الشمالية"، كما كتبوا.
أما مدرس التربية المدنية تال فاردي، الذي درّب الجنود الاحتياط على قيادة الدبابات في شمال إسرائيل خلال فترة عودته الأخيرة إلى الجيش، قال: "أي شخص عاقل يستطيع أن يرى أن الوجود العسكري لا يساعد في إعادة الرهائن".
وتابع: "لذا، إذا لم نتمكن من استعادة الرهائن، فإن كل ما يحدث هو التسبب في المزيد من الموت على جانبنا أو الجانب الفلسطيني.. لم يعد بإمكاني تبرير هذه العملية العسكرية بعد الآن. أنا غير راغب في أن أكون جزءًا من جيش يقوم بهذا"، كما قال.
وبين أن "بعض هذه العمليات عرضت الرهائن للخطر، كما قتل الجيش بعضهم عن طريق الخطأ"، مشيرا إلى حادثة وقعت في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندما أطلقت القوات الإسرائيلية النار على ثلاثة رهائن في غزة اقتربوا منها وهم يلوحون بالأعلام البيضاء، فيما وصفه جيش الدفاع الإسرائيلي بأنه حالة من الخطأ في تحديد الهوية.
جندي الاحتياط مايكل عوفر زيف، قال إن الحادث أثار في نفسه شعوراً قوياً بأنه بمجرد انتهاء خدمته العسكرية على حدود غزة، فلن يعود. وبالنسبة له، فإن الحادث يرمز إلى الافتقار العام إلى الرعاية، وكان قلقاً بشأن النظام الذي يمكن أن تحدث فيه أخطاء مثل هذه.
وقال زيف إن قرار غزو رفح بدلاً من إبرام صفقة الرهائن جعله يتخذ قرارا بعدم العودة إلى الجيش. وقال إنه عندما طُلب منه مؤخراً القيام بذلك، أخبر قائده أنه لا يستطيع العودة.
وأضاف: "لقد جئت بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول لأنني شعرت أنهم جديرون بذلك ويستخدموننا بطريقة يمكن أن تكون مفيدة. لكنني لست على استعداد للمشاركة في هذا، لأنني لا أثق في الحكومة وما يحاولون القيام به".
وأضاف: "إذا حدث أي شيء في الشمال، فهناك احتمال أن أذهب، ولكن من ناحية أخرى، أعرف ما سيكون عليه الحال. أعرف ما فعلناه في غزة - وليس هناك ما يجعلنا نعتقد أننا سنتصرف بشكل مختلف في لبنان".