حتى لا تحترق إدلب وأخواتها.. 3 حلول سياسية أمام الأطراف السورية
"العين" تطرح السؤال حول أفق الحل السياسي للأزمة السورية التي اقتربت من إتمام عامها الـ5، مخلفة أكثر من 300 ألف قتيل و8 ملايين لاجئ.
شهدت الأيام الماضية صراعاً كبيراً في محافظة حلب السورية، وتحديداً في جانب المدينة الشرقي بين جيش النظام بشار الأسد مدعوماً بغطاء جوي روسي مدمر، وحليفيه إيران وحزب الله اللبناني من جانب وجماعات المعارضة المسلحة على اختلاف تنوعاتها.
معركة دامية اتبعت سياسة الأرض المحروقة وقلبت المدينة السورية الأكبر بعد العاصمة دمشق رأساً على عقب، بين أشلاء ممزقة ومبانٍ منهارة ومآسٍ إنسانية فاقت التصور، انتهت المعركة بسيطرة قوات الأسد على المحافظة بالكامل، ومن المتوقع أن ينقل "الأسد" قواته للمناطق الأخرى استعداداً للسيطرة عليها أيضاً و"تحريرها" من أيدي المعارضة، وربما تكون "إدلب" هي وجهة المعركة القادمة.
وحتى لا تحترق إدلب أو غيرها من المدن التي تشهد تواجد للمعارضة المسلحة على رؤوس ساكنيها كما حدث في حلب، لابد من طرح السؤال حول أفق الحل السياسي للأزمة التي اقتربت من إتمام عامها الـ5، مخلفة أكثر من 300 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين لاجئ .. "العين" طرحت السؤال.. كيف لا تتكرر مأساة حلب؟
تقاسم السلطة
3 حلول رصدها المحللون السياسيون للسيطرة على الدماء في سوريا في مرحلة ما بعد سيطرة قوات بشار الأسد على حلب، تلخصت بشكل عام في إزاحة بشار الأسد بخروج آمن، وهو الحل المستبعد من جانب الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين، والحل الثاني هو إجراء انتخابات برلمانية وتشكيل حكومة جديدة، وأخيراً قد يكون الحل برجوع الأطراف لمائدة التفاوض في جنيف، لوضع تصور لمستقبل سوريا بعيداً عن مزيد من الدماء.
في البداية أكد عماد جاد، خبير العلاقات الدولية والمتخصص في الشأن السوري، أن المرحلة القادمة ستحمل حلولاً سياسية قوامها النظام السوري والقوى المعارضة غير المسلحة التي وقفت ضد الجماعات المسلحة ورفضت وجودهم في سوريا.
وعن طبيعة الحل السياسي الذي قد تلجأ له الأطراف السورية بعد تحرير "حلب"، قال جاد في تصريحات خاصة لبوابة "العين": "ربما تكون هناك صيغة لتقاسم السلطة من خلال اجراء انتخابات تُحترم، وربما اتفاق على تغيير سياسي برحيل بشار الأسد بشكل آمن وبدون سلاح، وعلى كل حال فالاتفاقات التي ستُبرم في مرحلة الحل السياسي يجب أن يحترمها الجميع".
وعن الطرف المنوط به الدفع في اتجاه الحلول السياسية، أكد أن هذه المهمة يفضل أن تتولاها أطراف دولية ذات قبول لدى الأطراف السورية، والأمم المتحدة أيضاً يجب أن يكون لها دور في ذلك.
برلمان وحكومة جديدان
وفي السياق ذاته، اعتبر الدكتور خالد رفعت، رئيس مركز طيبة للدراسات الاستراتيجية وخبير الشئون العربية، أن معركة حلب أنهت مخطط تقسيم سوريا إلى الأبد، لتبدأ مرحلة جديدة تعتمد على "الحل السياسي" وفقاً للمعطيات الحالية وأهمها القضاء على مسلحي حلب.
وأوضح "رفعت" في تصريحات خاصة لـ"العين" أن بشار الأسد حتى هذه اللحظة "المنتصر" ولذلك فلن يقبل طرح حل يتعلق بإزاحته عن السلطة.
ووفقاً لقوانين التفاوض، بحسب رفعت، فالمنتصر هو من يضع الشروط، وفي هذه الحالة يكون الحل السياسي المتاح هو إجراء انتخابات برلمانية وتشكيل حكومة يشارك بهما جميع أطياف الشعب السوري بعيداً عن المسلحين الذين ستتهم هزيمتهم أيضاً في باقي سوريا قريباً.
وتوقع أن تقبل المعارضة التي لا علاقة لها بـ"المسلحين" هذا الحل.
وأشار إلى أن جيش النظام السوري قد يخوض معركة قادمة في "إدلب" بهدف تحريرها من المعارضة المسلحة في مدة قصيرة، بينما ستطول قليلاً معركة الرقة باعتباره المعقل الرئيسي لتنظيم داعش الإرهابي وكذلك دير الزور.
العودة لجنيف بلا مشروع إيراني
في مقابل الحلين السابقين، حسب رؤية الخبراء، فإن المحلل السوري تيسير النجار، يرى أنه طالما استمرت دولة إيران في تنفيذ مشروعها الذي تعد "سوريا" جزءاً منه، فالأرجح أن يتكرر مشهد حلب الدامي بقوة في أي منطقة أخرى، معتبراً أن طهران حريصة على استمرار المشهد الطائفي في سوريا دون نهاية.
ولكن النجار يرى في تصريحاته لـ"العين" أن الحلول السياسية كانت مطروحة منذ عام 2012 ولا زالت مطروحة، وهي ما تمخضت عنه مفاوضات وجنيف 1 و 2 التي عرضت لتفاصيل هذا الحل السياسي، والنظام الممثل في بشار الأسد وبعض فصائل المعارضة وافقت عليه، إلا إن إيران لم تهدأ إلا بعد أن أشعلت الوضع مجدداً وقطعت الطريق على الحلول السياسية.
وعليه يمكن العودة لجنيف لوضع الخطوط العريضة لحلول مقبولة من مختلف الأطراف السورية، ترسم مستقبل سوريا بلا دماء، وقد بدت بوادر لهذه العودة، في تصريحات متفائلة لوزير الخارجية التركي مولود جاويش، قال فيها، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد أن المحادثات الجديدة حول سوريا ستكون مكملة لمحادثات جنيف وليست بديلة عنها.
وأشار جاويش إلى أن هناك توافقاً روسياً تركياً إيرانياً على ضرورة وقف إطلاق النار في سوريا، مؤكداً أن اجتماعاً سيعقد في قازاخستان يجمع ممثلين من المعارضة السورية والحكومة.