سوريون في ليبيا.. مأساة الاحتجاز وألفا دولار ثمن الحرية
استغاثات بمنظمات حقوقية لإنقاذ سوريين محتجزين بمراكز للهجرة غير النظامية بالعاصمة الليبية، بعد مطالبة ذويهم بدفع ألفي دولار لإطلاقهم.
منظمة "رصد الجرائم الليبية"، قالت في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إنها تلقت عشرات الاستغاثات من قبل شهود وعائلات مهاجرين سوريين محتجزين في مركز احتجاز غوط الشّعال (المباني) بطرابلس، والذي يشرف عليه ما يعرف بجهاز مكافحة الهجرة غير النظامية.
وأوضحت المنظمة الليبية غير الحكومية التي تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرا لها، أن عدد المهاجرين من الجنسية السورية المحتحزين في المركز يفوق الـ200، مشيرة إلى أنهم يعاملون معاملة غير إنسانية ويتعرضون للتعذيب والحرمان من الطعام والدواء للمرضى.
وأشارت إلى أن بعض الشكاوى المقدمة من العائلات تفيد بطلب فدية تصل إلى ألفي دولار من قبل الجهات المسؤولة عن مركز الاحتجاز مقابل إطلاق سراح المحتجزين، مطالبة مفوضية اللاجئين بالتدخل الفوري لإخلاء سبيل المحتجزين وتوفير ممر آمن لإجلائهم من ليبيا.
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، انتقد ما وصفه بالممارسات "غير الإنسانية" التي ترتكبها السلطات الليبية بحق مئات من المهاجرين السوريين المحتجزين في سجونها، داعيًا إلى تدخل فوري لإنهاء تلك التجاوزات "المهينة للكرامة الإنسانية".
والمرصد منظمة شبابية مستقلة غير ربحية، تدافع عن حقوق الإنسان في كل من أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، وتدعم ضحايا الاحتلال والنزاعات المسلحة، إلى جانب النازحين واللاجئين الذين أفرزتهم الصراعات في المنطقة.
وقال المرصد (مقره جنيف)، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن قوات خفر السواحل الليبي ألقت القبض، خلال الأشهر الأربعة الماضية، على نحو 800 شاب سوري في أثناء محاولتهم الهجرة إلى أوروبا عبر البحر المتوسط انطلاقًا من الشواطئ الليبية، واقتادتهم إلى أربعة مراكز احتجاز في العاصمة طرابلس وهي: سجن الزاوية، وأبوسليم، وعين زاره، وغوط الشعال.
معاناة
وأشار المرصد الحقوقي إلى أنه تلقى إفادات من أقارب مهاجرين سوريين محتجزين في طرابلس، تشير إلى أن المحتجزين "يعيشون ظروفًا إنسانية غاية في السوء، ويتعرضون لانتهاكات تمس سلامتهم وكرامتهم؛ إذ تبدأ حلقة المعاناة لحظة اعتراض خفر السواحل الليبي مراكبهم في عرض البحر، واحتجازهم وضربهم وإهانتهم، حتى إيداعهم مراكز الاحتجاز التي تفتقر لأدنى المتطلبات الإنسانية".
سجون سرية في ليبيا.. مطلب حقوقي بنبش إرث المليشيات
وحمل المرصد الحكومة الليبية المسؤولية عن جميع الممارسات "التعسفية" التي تجري داخل السجون ومراكز الاحتجاز التي تديرها، مشيرًا إلى أنه يقع على عاتقها إعمال القواعد المحلية والدولية ذات العلاقة في معاملة المحتجزين.
من جانبه، قال الباحث القانوني لدى المرصد يوسف سالم، إن المرصد اطلع على إفادات وصور نشرها محتجزون سابقون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أبلغوا عن تعرضهم لمعاملة مهينة شملت الضرب بأنابيب بلاستيكية، وعدم توفير طعام مناسب سواء من حيث الكمية أو الجودة، إضافة إلى توفير مياه غير صالحة للشرب ولمرتين يوميًا فقط.
مبالغ مالية
وأشار إلى أن المحتجزين يضطرون لدفع مبالغ مالية تصل إلى أكثر من ألف دولار أمريكي، لقاء إخلاء سبيلهم عبر ما يعرف بـ"سماسرة" يتلقون تلك الأموال باتفاق يبرم بينهم وبين مديري السجون ومراكز الاحتجاز.
وبحسب المرصد، فإن محتجزين سابقين ادعوا أن إدارات السجون ومراكز الاحتجاز تنتهج سياسة الإهمال الطبي بحق المحتجزين المرضى، ولا توفر لهم العلاج اللازم، خصوصًا أصحاب الأمراض المزمنة، ما أدى إلى وفاة محتجز سوري على الأقل، وتدهور صحة عدد آخر.
ووفق معلومات جمعها المرصد الأورومتوسطي، ينحدر أغلب السوريين الذين يصلون الأراضي الليبية لغرض الهجرة إلى أوروبا من محافظة درعا جنوبي البلاد؛ حيث يحاول الشباب الهرب من الظروف المعيشية الصعبة نتيجة النزاع، والإجراءات التي تفرضها القوات الحكومية في المناطق التي تسيطر عليها، وأبرزها التجنيد الإجباري.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الحكومة الليبية إلى فتح تحقيق عاجل في ظروف احتجاز مئات المهاجرين السوريين، ووقف جميع الممارسات التعسفية وغير القانونية بحقهم، ومحاسبة جميع المتورطين في تلك الانتهاكات المشينة.
وطالب البعثة الأممية في ليبيا والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، بإجراء زيارات ميدانية للسجون ومراكز الاحتجاز التي يقبع فيها المهاجرون، والاطلاع على ظروف الاحتجاز، وتقديم تقارير موثّقة لأجهزة الأمم المتحدة المعنية لاتخاذ كل الإجراءات الممكنة للحد من انتهاك حقوق المهاجرين والمحتجزين في ليبيا.