"المتنورون".. بين الحقيقة وأسطورة السيطرة على العالم

هالة من الأساطير تلف جماعة "المتنورين"، وتتراكم الروايات التي تتراوح بين القدرة على تحريك خيوط القضايا الكبرى إلى السيطرة الكاملة.
هذه الأساطير والروايات تدفع الكثيرون إلى التنقيب عن "المتنورين"، ومعرفة هوية المجموعة وأهدافها وتاريخها، لعل سحابة السيطرة تتكشف خيوطها.
"المتنورون" اسم يطلق على جمعية نٌسجت حولها الكثير من الأساطير، حيث ادعى كٌثر أنها منظمة عالمية سرية وغامضة عازمة على الهيمنة على العالم، فضلاً عن مسؤوليتها عن تنفيذ أعظم الثورات والاغتيالات في التاريخ.
الإرهاب يطارد إسرائيل في اليونان.. شبح مرتد لـ"عقيدة الأخطبوط"؟
من هم المتنورون الأصليون؟
المتنورون أو (منظمة الفرسان المتنورين) جمعية سرية تشكلت في بافاريا عام 1776 على يد أستاذ القانون الكنسي آدم وايشوبت، وكانت توجهاتها تتركز في السيطرة على وسائل الإعلام ومكافحة الفكر الديني وخلق نظام عالمي.
ويُعتقد أن الاجتماع الأول للمتنورين البافاريين عقد في غابة بالقرب من إنغولشتات في 1 مايو/أيار 1776، وهناك وضع خمسة رجال القواعد التي ستحكم الأمر السري.
تركزت أهداف المجموعة على التأثير في القرارات السياسية وتعطيل المؤسسات مثل النظام الملكي والكنيسة، وانضم بعض أعضاء المتنورين إلى الماسونيين لتجنيد أعضاء جدد.
وأصبح الطائر المعروف باسم "بومة مينيرفا" (مينيرفا إلهة الحكمة الرومانية القديمة) هو رمز المجموعة الرئيسي في النهاية.
كيف يرتبط المتنورون بالماسونيين؟
الماسونيون نظام أخوي نشأ من البنائين والصناع الحرفيين الأوائل الذين عملوا في تشييد الكنائس وغيرها من البنايات الدينية، فشكل هؤلاء الحرفيون نواة الحركة الماسونية الأولى وعلاقتها بالدين.
ويفتخر الماسونيون بمن يُسموْن "فرسان الهيكل" الذين يعتبرونهم من العناصر المؤسسة للماسونية، و"فرسان الهيكل" هو تشكيل عسكري على أساس ديني.
وشهدت بعض الدول، وخاصة الولايات المتحدة، حركة مناهضة للماسونية - ففي عام 1828، تم تأسيس حركة سياسية ذات قضية واحدة تعرف باسم الحزب المناهض للماسونية. ونظرًا لضم المتنورين الأصليين للماسونيين، فغالبًا ما تم الخلط بين المجموعتين لبعضهما البعض.
كيف يمكنك الانضمام إلى المتنورين؟
للانضمام إلى المتنورين، يجب أن تحصل على موافقة كل الأعضاء، وامتلاك ثروة والتمتع بسمعة طيبة داخل عائلة عريقة.
وهناك أيضًا نظام هرمي لعضوية المتنورين، فبعد الانضمام كـ "مبتدئ"، تنال بعد ذلك رتبة منيرفال، ثم منيرفال المتنور.
لكن هذا الهيكل أصبح فيما بعد أكثر تعقيدًا، حيث يمر الشخص بـ13 درجة من نقطة الانضمام، لكي يصبح عضوًا كاملا.
هل استخدم المتنورون طقوسًا؟
استخدم المتنورون طقوسًا - معظمها لا تزال غير معروفة - واستخدموا كذلك أسماء مستعارة للحفاظ على سرية هويات الأعضاء.
برغم ذلك، فإن الطقوس التي نعرفها (الموجودة في الأوراق السرية التي تم كشفها) تشرح كيف يمكن للمبتدئين الانتقال إلى مستوى أعلى داخل التسلسل الهرمي للمتنورين: مثل إعداد تقرير عن جميع الكتب التي يمتلكونها، وكتابة قائمة بنقاط ضعفهم، والكشف عن أسماء أعدائهم، ثم يتعهد المبتدئ بالتضحية بالمصالح الشخصية لصالح الجماعة.
عين بروفيدنس
"عين بروفيدنس" - رمز يشبه عين داخل مثلث - تظهر على الكنائس في جميع أنحاء العالم، وكذلك على المباني الماسونية وعملة الدولار الأمريكي، وبالإضافة إلى ارتباطها بالماسونية، فقد ارتبطت هذه العين أيضًا بالمتنورين كرمز لسيطرة المجموعة على العالم ومراقبته.
هل نجحت السيطرة؟
يعتقد بعض الناس أن المتنورين يسيطرون على العالم اليوم، ونظرًا لتسلل العديد من أعضاء المتنورين إلى الماسونيين والعكس صحيح، من الصعب الحكم على نجاح المتنورين، لكن يعتقد معظم المؤرخين أن المجموعة الأصلية اكتسبت تأثيرًا معتدلًا على العالم.
هل كان هناك أي أعضاء مشهورين ضمن المتنورين؟
بحلول عام 1782، وصل أعداد المتنورين إلى حوالي 600 عضو - من بينهم نبلاء ألمان مثل البارون أدولف فون كنيج الذي ساعد، بصفته ماسونيًا سابقًا، في تشكيل تنظيم الجماعة وتوسعها.
في البداية، كان طلاب وايشوبت هم الأعضاء الوحيدون، ولكن سرعان ما انضم الأطباء والمحامون والمفكرون، وكان هناك ما بين 2000 و3000 عضو من المتنورين بحلول عام 1784.
وتقول بعض المصادر إن الكاتب الشهير يوهان فولفجانج فون جوته انضم أيضًا إلى الجماعة.
لماذا اختفى المتنورون؟
في عام 1784، حظر كارل تيودور، دوق بافاريا، إنشاء أي نوع من الجماعات دون تصريح قانوني، وفي العام التالي أصدر مرسومًا ثانيًا يحظر صراحة المتنورين.
وأثناء القبض على أعضاء متنورين مشتبه بهم، تم العثور على وثائق (تدافع عن أفكار مثل الإلحاد والانتحار) في حوزتهم، وكذلك تعليمات لإجراء عمليات الإجهاض.
عزز هذا الاعتقاد بأن الجماعة كانت تشكل تهديدًا لكل من الدولة والكنيسة.
في النهاية تم تجريد آدم وايشوبت من منصبه في جامعة إنغولشتات، وبعد نفيه من بافاريا، أمضى ما تبقى من حياته في جوتا بولاية تورينجيا الألمانية، وتوفي في عام 1830.
لماذا استمرت أسطورة المتنورين؟
منذ لحظة تفككها، بدأت نظريات المؤامرة حول المتنورين. في عام 1797، قالت وسائل الإعلام الفرنسية والكاهن آبي أوغستين بارويل إن الجمعيات السرية مثل المتنورين قادت الثورة الفرنسية.
كما كتب الرئيس الأول للولايات المتحدة، جورج واشنطن، خطابًا في العام التالي ذكر فيه أن أمريكا تمكنت من تفادي تهديد المتنورين، مما أضاف مزيدًا من الوقود إلى الاعتقاد بأن الجماعة لا تزال موجودة.
وظهرت الكتب والخطب التي تدين المجموعة في وقت لاحق، واٌتهم الرئيس الأمريكي الثالث، توماس جيفرسون، بأنه عضو في تلك الجماعة.
aXA6IDEzLjU5Ljk2LjI1NSA= جزيرة ام اند امز