السر وراء صورة رجال الدين "الملائكية" في الدراما (خاص)
يرى البعض أن الإنتاج الفني المصري الذي تناول شخصيات دينية أحاطها بهالة من القدسية وتقديمهم في صورة ملائكية منزهة عن الخطأ.
وفُتِح النقاش مجدداً حول هذا الموضوع على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بعد الإعلان عن تقديم سيرة رجل الدين محمد متولي الشعراوي (1911- 1998) في عرض مسرحي خلال شهر رمضان المقبل، قبل أن تتراجع وزارة الثقافة المصرية لاحقاً عن الفكرة.
واستطلعت "العين الإخبارية" آراء عدد من نقاد الفن حول تأثير الأعمال الفنية في حياة رجال الدين ومدى مساهمة الفن في رسم صورة ذهنية غير حقيقية عنهم.
قالت الناقدة خيرية البشلاوي لـ"العين الإخبارية": "من المؤكد أن للدراما تأثيراً كبيراً، لأنها تنفذ إلى الوجدان الجمعي، وفي المجتمعات العربية يتم النظر للمشايخ باعتبارهم رموزاً، والدراما عندما تتناول حياة هؤلاء، فهي تعمق هذا التأثير".
وأضافت البشلاوي: "على سبيل المثال حقق مسلسل (إمام الدعاة) بطولة حسن يوسف، والذي تناول قصة الشيخ الشعراوي، نجاحاً كبيراً وقت عرضه، لأن الناس مؤمنة بالشيخ الشعراوي ومتأثرة بدروسه قبل عرض المسلسل، لذا حرص كثيرون على متابعته، ومن هنا تلمس تأثير الدراما في تعميق الفكرة وترسيخ إيمان المشاهدين بالشخصية، لأن الفن يخاطب الشعور الجمعي".
وتابعت: "الدراما تكرّس بشكل قوي لأفكار وعادات وتقاليد وحتى خرافات الشخص الذي تتناول قصته، ولا أبالغ إذا قلت إنها تزيد من عشق الناس للشخصية. نحن نعاني من الأمية الثقافية والأمية الفعلية ومصدر المعلومة القوي هو الصورة التي يتم تقديمها في الأعمال الدرامية، فإذا كنت تريد تشويه صورة زعيم أو رفع رصيده عليك باستخدام الدراما لأن تأثيرها قوي وسريع. باختصار شديد يزداد تأثير الدراما كلما ارتفع مؤشر الأمية".
من ناحيته، قال الناقد الفني خالد محمود: "يحظى رجال الدين الوسطي بشعبية وحب كبير بين الناس، وعندما تقترب الدراما من حياتهم يحرص الجمهور على متابعة هذه الأعمال، لأن هناك علاقة حب سابقة، فقد تابع ملايين المسلمين مسلسل الشيخ الشعراوي، بسبب تعلقهم بالرجل نفسه، ومتابعة أحاديثه".
وأضاف محمود لـ"العين الإخبارية": "للدراما تأثير في إضافة القدسية على الشخصية التي تتناولها، لكن يتوفر في العمل الفني جميع مواصفات الجودة عندما يُقدّم الشخصية بشكل عقلاني بعيد عن أي أفكار متطرفة، وهذه الأعمال تحقق نجاحاً عند عرضها لأن الجمهور يريد معرفة جوانب خفية في حياة هؤلاء المشايخ مثل النشأة والطفولة والصبا والعوامل التي ساهمت في تكوينهم وثقافتهم".
وأشار إلى نموذجين من الأعمال الدرامية التي أضافت القدسية على شخصياتها وهما مسلسلا "إمام الدعاة" و"أبو حنيفة النعمان".
والتقط الناقد أحمد سعد الدين خيط الحديث حول تأثير الدراما على صورة رجال الدين قائلاً لـ"العين الإخبارية": "هناك إشكالية كبرى في هذا الموضوع، لأن صناع الدراما في أوقات كثيرة يبالغون في قدسية المشايخ، وتبدو الشخصية في المسلسل وكأنها ملائكية وخالية من العيوب، وبالطبع يتأثر المشاهد".
وأشار إلى ضرورة التطرق إلى العيوب والمزايا في الشخصية "فعندما قدَّم حسن يوسف شخصية الشيخ محمد متولي الشعراوي بالغ كثيراً في القدسية وتكرر الأمر نفسه في مسلسل الإمام عبدالحليم محمود".
وتابع: "أتصوَّر أن مسلسلات السيرة الذاتية تحتاج إلى إعادة نظر، وأتمنى أن يتم تقديم حياة المشايخ كما تم تقديم شخصية الخديوي إسماعيل في مسلسل (بوابة الحلواني) حيث تم تقديم هذه الشخصية التاريخية بموضوعية شديدة، ولذا حقق العمل نجاحاً كبيراً، وتحوّل إلى بصمة في تاريخ الدراما".
aXA6IDE4LjE5MS4xNzguMTYg جزيرة ام اند امز