حالة حزن طوّقت أبناء الإمارات وأبناء الأمتين العربية والإسلامية، بلغ مداها العالم، فور انتشار نبأ رحيل المغفور له بإذن الله، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيّب الله ثراه.
رحل "خليفة".. نعم، ونعى ديوان الرئاسة قائداً استثنائياً، قاد دولة الإمارات منذ عام 2004، محققاً إنجازات تنموية بارزة على مختلف الصُّعُد، خلال فترة زمنية يسيرة في تاريخ الأمم والشعوب.
هذه هي حال الملايين، الذين راحوا يعبرون عن مشاعر الصدمة، ومرارة الفقد، والإدراك بحجم خسارة القائد الإنسان، وارث حكمة "زايد"، وابنه البار، الذي كان خير خلف لخير سلف، وكان اسماً على مسمى، فهو خليفة "زايد"، ومن سار بعده على الدرب فوصل إلى قلوب الناس وعقولهم، وفي مقدمتها قلوب أبناء شعبه، أبناء الإمارات، من شرقها إلى غربها، ومن أقصى شمالها، إلى آخر حبة رمل في جنوبها، وضيوفها، مقيمين وزواراً، وصولاً إلى الداني والقاصي من بلدان العالم.
منذ أيام قليلة، شرفت بكتابة مقال "صناعة الخير الإماراتية.. قوة ناعمة في خدمة البشرية" في هذه المساحة الثرية للآراء، فكان الكثير من إحالاته يشير إلى ازدهار تلك الصناعة في عهد "خليفة بن زايد"، محلياً وإقليمياً وعالمياً، لتطول البشر والحجر وكل ذي كبد رطبة، في الإمارات، وأنحاء المعمورة، بعد أن سار فيها على درب "زايد"، ومن سار على درب "زايد" اهتدى إلى خير العطاء، والبناء، ووصل إلى ما يحقق صالح شعبه ووطنه وأمته، وخير ونماء البشرية، وهكذا كان "خليفة".
خالد فينا يا "خليفة"، وخالد في ربوع الإمارات، ومشارق الأرض ومغاربها، فما ذُكر اسمك إلا وكان برفقته الخير والبشارة، والحلول الناجعة، والرؤية الصائبة، والخيار الأصلح للناس والعباد، فكنت صانع خير من الطراز الأسمى، وصانع الخير باقٍ ما بقي أثره.
بالنسبة لي، فقد عملت في مجال الإعلام في دولة الإمارات على مدار 26عاماً.. كان الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيّب الله ثراه، هو رئيس الدولة خلال معظم تلك الفترة، وطوال 18 عاماً، منذ عام 2004، ما منحني الفرصة لمتابعة قريبة لتلك السياسة الحكيمة، خلال مرحلة التمكين، والتي شهدت صياغة العديد من الرؤى والاستراتيجيات الوطنية المحورية والمهمة، وأبرزها رؤية الإمارات 2021، ورؤية الإمارات 2071، والتي ترسم طريق تنمية البلاد، وصولاً إلى المئوية الأولى لتأسيسها.
إطلاق مشاريع الخمسين، بالتزامن مع احتفالات الدولة بذكرى مرور 50 عاماً على تأسيس الاتحاد، كانت أحدث تلك الرؤى الاستشرافية، التي تستبق المستقبل، بكل ما تتضمنه من تدعيم وتنفيذ وتحقيق واقع التنمية، وترسيخ موقع الإمارات الريادي في مختلف مؤشرات التنمية العالمية في شتى المجالات، مدعومة بأكبر حزمة تشريع قوانين اتحادية في مسيرة الدولة، صادرة ومعتمدة من رئيس الدولة.
خالدٌ فينا يا "خليفة"، يا ظل الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وصاحب تلك القيادة الحكيمة لمرحلة التمكين، وإنْ ووُري جسدك الطاهر الثرى، فإنك باقٍ لدى أبناء وطنك، وكل من آمن بتجربة دولة الإمارات الحضارية والوحدوية والإنسانية الفريدة، ولكل من طالته يد الخير، بل ولكل منتمٍ للإنسانية ولخير الأرض، ومؤمن برسالة السلام والتعايش والتسامح والعطاء، وهي بعض من قيم "زايد"، التي سار على دربها خليفة.
فقدنا بالأمس البعيد قائداً حكيماً معطاءً، هو الشيخ زايد بن سلطان، طيّب الله ثراه، وبالأمس القريب فقدنا قائداً حكيماً معطاء آخر، هو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيّب الله ثراه، لكن لا تشبه الليلة البارحة، فـ"زايد" الذي قاد البلاد في مرحلة التأسيس وما بعدها، و"خليفة"، الذي قاد البلاد خلال مرحلة التمكين، قد رسخا واقعاً تنموياً جعل تجربة دولة الإمارات يشار إليها بالبنان، ليس على صعيد المنطقة وإقليمياً فحسب، بل عالمياً، ما جعلها تتصدر بالفعل أهم مؤشرات التنافسية وتحقق قفزات تنموية هائلة، لتصبح قبلة الباحثين عن الأفضل، أمناً وأماناً واستقراراً واستثماراً ورفاهية..
خالدٌ فينا يا "زايد".. خالدٌ فينا يا "خليفة"!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة