تغير المناخ والصحة.. مخاطر جسيمة تهدد وجود الإنسان (خاص)
عادة ما يتجه الحديث عن مشكلة تغير المناخ إلى تأثيرها على الطقس والمياه والغذاء، لكن منظمة الصحة العالمية لفتت الانتباه لتأثيره الصحي.
وتقول المنظمة في تقرير نشرته 30 أكتوبر/تشرين الأول 2021 على موقعها الرسمي، إن أزمة المناخ تهدد بالتراجع عن الخمسين عاما الماضية من التقدم في التنمية والصحة العالمية والحد من الفقر، كما تهدد بشدة تحقيق التغطية الصحية الشاملة بطرق مختلفة، بما في ذلك مضاعفة العبء الحالي للمرض وتفاقم الحواجز القائمة أمام الوصول إلى الخدمات الصحية، في الأوقات التي تشتد فيها الحاجة إلى تلك الخدمات.
ولفتت المنظمة إلى أن تغير المناخ يؤثر على المحددات الاجتماعية والبيئية للصحة، مثل الهواء النظيف ومياه الشرب المأمونة والغذاء الكافي والمأوى الآمن، وقالت إنه "بين عامي 2030 و2050، من المتوقع أن يتسبب تغير المناخ في حدوث ما يقرب من 250 ألف حالة وفاة إضافية كل عام؛ بسبب سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحراري".
وتقدر تكاليف الأضرار المباشرة للصحة (أي باستثناء التكاليف في القطاعات المحددة للصحة مثل الزراعة والمياه والصرف الصحي) بما يتراوح بين 2-4 مليار دولار أمريكي سنويا بحلول عام 2030.
وأشار تقرير المنظمة إلى أن تغير المناخ يؤثر على الصحة بطرق لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك عن طريق التسبب في الوفاة والمرض من الأحداث المناخية القاسية المتكررة بشكل متزايد، مثل موجات الحر والعواصف والفيضانات، وتعطل النظم الغذائية، وزيادة الأمراض الحيوانية المنشأ، والأمراض المنقولة بالنواقل، وقضايا الصحة العقلية.
علاوة على ذلك، يقوض تغير المناخ العديد من المحددات الاجتماعية للصحة الجيدة، مثل سبل العيش والمساواة والوصول إلى الرعاية الصحية وهياكل الدعم الاجتماعي، وهذه المخاطر الصحية التي تتأثر بالمناخ يشعر بها بشكل غير متناسب الفئات الأكثر ضعفا وحرمانا، بما في ذلك النساء والأطفال والأقليات العرقية والمجتمعات الفقيرة والمهاجرون والمشردون، وكبار السن، وأولئك الذين يعانون ظروفا صحية أساسية.
وشددت المنظمة على ما خلص إليه الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC)، وهو أنه لتجنب الآثار الصحية الكارثية ومنع ملايين الوفيات المرتبطة بتغير المناخ، يجب على العالم أن يحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.
ما ذكرته المنظمة في تقريرها إجمالا، يتحدث عنه محمد الحديدي، الأستاذ ببرنامج العلوم الطبية بمدينة زويل بمصر، ببعض من التفصيل في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، حيث يقول إن العدوى التي تنتقل عن طريق النواقل مثل البعوض والقراد، وعن طريق الطعام والماء الملوث، لها علاقة مباشرة بتغير المناخ.
وأوضح أن ارتفاع متوسط درجة الحرارة في العالم، سيؤدي إلى زيادة في نشاط البعوض الناقل للملاريا، وهو ما يهدد بعودة مرض الملاريا إلى دول تخلصت منه أو يظهر في بلاد لأول مرة.
وأضاف أن ما ينطبق على الملاريا، ينطبق على كل الأمراض المنقولة عن طريق البعوض مثل حمى الضنك والحمى الصفراء وفيروس غرب النيل، وفيروس زيكا.
وتشير دراسة نشرتها دورية "لانست للأمراض المعدية" في 18 يونيو/ حزيران 2019، إلى أن الأمراض المنقولة بالنواقل ستهدد أكثر من 80% من سكان العالم. وتعد الأمراض المنقولة بالبعوض من أكثرها فتكا، وتشمل الملاريا وحمى الضنك ومرض فيروس زيكا.
ومن الأمراض الأخرى التي لها علاقة بتغير المناخ، مرض الكوليرا، الذي يرتبط بالمياه الملوثة، والعلاقة بينه وبين تغير المناخ، كما يشرحها الحديدي، تأتي من أن المضيف الرئيسي للبكتريا المسببة لهذا المرض، وهي "ضمة الكوليرا"، من العوالق الحيوانية، والتي تعرف باسم "مجدافيات الأرجل"، وتزدهر هذه العوالق في المياه الأكثر دفئاً، خاصة تلك الغنية بالمغذيات.
ويضيف أنه "خلال موسم الأمطار، تدفع الفيضانات البكتيريا المسببة للأمراض من أعلى النهر نحو التجمعات السكانية عالية الكثافة، مما يتسبب في تلوث مياه الشرب بتلك البكتريا".
وكانت مراجعة بحثية أجراها باحثون من معهد التكنولوجيا الحيوية بجامعة ميريلاند الأمريكية، ونشرت في أكتوبر/ تشرين الأول 2002 في دورية "كلينكال ميكروبيولوجي ريفيو"، وشملت دراسات تم إجراؤها على مدى 20 عاما، قد أكدت على هذا الرابط البيئي، وهو ما دفع الفريق البحثي، إلى وصف الكوليرا بأنها من "الأمراض الحساسة للمناخ".
وانطلقت أعمال القمة العالمية للحكومات 2023، الإثنين، في دبي تحت شعار "استشراف حكومات المستقبل".
القمة تستشرف مجموعة واسعة من الفرص والتوجهات والتحديات المستقبلية، وتسعى إلى وضع الحلول المبتكرة لها، عبر خطط استراتيجية تسهم في توجيه السياسات وتحديد الأولويات بالشكل الأمثل، وذلك بمشاركة 20 رئيس دولة وحكومة و250 وزيراً و10 آلاف من رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين وقادة الفكر والخبراء العالميين الأبرز في العالم.
وتستعرض القمة التي تستمر حتى 15 فبراير/شباط الجاري، من خلال أكثر من 220 جلسة رئيسية وتفاعلية وحوارية يتحدث فيها 300 شخصية عالمية من الرؤساء والوزراء والخبراء والمفكرين وصناع المستقبل، أبرز التحديات العالمية الحالية والمستقبلية، وتناقش أفضل السبل لتطوير الأداء الحكومي والمؤسسي، استنادا إلى أحدث التطورات والاتجاهات المستقبلية، بهدف مساعدة البشرية على التغلب على تحديات الواقع ومشكلاته والعبور إلى مستقبل أفضل وأكثر تطوراً ورخاءً وأمناً في مختلف القطاعات.
وتشهد القمة العالمية للحكومات 2023 تنظيم أكثر من 22 منتدى عالمياً تبحث أبرز التوجهات المستقبلية في القطاعات الأكثر ارتباطا بحياة الإنسان. كما تدور الجلسات ضمن 6 محاور رئيسية تشمل: مستقبل المجتمعات والرعاية الصحية، وحوكمة المرونة الاقتصادية والتواصل، والتعليم والوظائف كأولويات الحكومات، وتسريع التنمية والحوكمة، واستكشاف آفاق جديدة، وتصميم واستدامة المدن العالمية.
ويشارك في جلسات ومنتديات القمة العالمية للحكومات 2023 نخبة من المتحدثين تضم أبرز المسؤولين الحكوميين ورؤساء منظمات وهيئات دولية ورؤساء شركات عالمية ورواد أعمال بارزين من القطاع الخاص في العالم.