ممرات التجارة تحت التهديد.. الشحن البحري يترقّب التصعيد الإسرائيلي الإيراني

تعيش صناعة الشحن العالمية حالة من الترقب الشديد مع تصاعد حدة الصراع بين إسرائيل وإيران.
يأتي هذا وسط مخاوف من تداعيات واسعة النطاق قد تطال طرق التجارة البحرية وأسواق الطاقة العالمية. ويعمل المحللون على تقييم التأثيرات المحتملة، بينما بدأت الحكومات والجهات الأمنية في إصدار تحذيرات وإرشادات للسفن التجارية.
ووفقاً لتقرير موقع "ماريتايم"، فإنه بعد أن شنت إسرائيل ضربات عسكرية استهدفت وقتلت قيادات بارزة في الجيش والبرنامج النووي الإيراني، وقصفت مواقع نووية وعسكرية، ارتفعت أسعار النفط بنحو 7% بحلول منتصف اليوم، وسط قلق المستثمرين من اتساع رقعة التوتر. وجاء الرد الإيراني قوياً.
- النفط في قلب المواجهة.. ضربات إسرائيل وإيران تعيد مخاوف أمن الطاقة
- أكثر المدن ربحية في فرنسا 2025.. باريس لم تعد وجهة الأحلام
مضيق هرمز
ورغم التوترات المتصاعدة، لا يزال مضيق هرمز، الممر البحري الحيوي الذي يمر عبره حوالي 30% من صادرات النفط البحرية العالمية، مفتوحًا أمام حركة الملاحة. وأكد مركز المعلومات البحرية المشترك (JMIC) أن حركة السفن التجارية مستمرة دون انقطاع، ولم تُرصد تهديدات مباشرة للملاحة البحرية، لكنه رفع مستوى خطر اندلاع نزاع إقليمي إلى "مرتفع"، ونبّه إلى أن تأثير الصراع على البيئة البحرية غير قابل للتنبؤ، موصيًا بتعزيز التدابير الأمنية والمراقبة.
من جهتها، كانت العمليات البحرية البريطانية (UKMTO) قد أصدرت تحذيرًا في 11 يونيو/حزيران بشأن "تزايد التوتر" في المنطقة. وفي 13 يونيو/حزيران، أصدرت الحكومة البريطانية توصيات للسفن التجارية بتجنب المرور عبر جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، وفقًا لتقارير وكالة رويترز.
كما أعربت وزارة الشحن اليونانية عن قلقها، مطالبة الشركات المالكة والمشغلة للسفن بإبلاغها بتفاصيل أي عبور مخطط له عبر مضيق هرمز. وتأتي هذه التحذيرات في ظل تجارب سابقة شهدت احتجاز إيران لناقلات نفط مملوكة لليونان.
تعليق العمل
وفي أولى تداعيات التصعيد، أعلنت شركة Energean البريطانية لإنتاج الغاز أنها علّقت مؤقتًا الإنتاج من وحدة الإنتاج العائمة التابعة لها قبالة السواحل الشمالية لإسرائيل. وقالت الشركة إن القرار جاء بأمر من وزارة الطاقة والبنية التحتية الإسرائيلية كإجراء احترازي.
في المقابل، لم تُعلن إيران عن خطة واضحة للرد لكنها حذّرت من أن "مصيرًا مؤلمًا ينتظر إسرائيل". كما اتهمت الولايات المتحدة بدعم العملية الإسرائيلية، وهو ما نفته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل قاطع. وأكدت طهران أن البنية التحتية النفطية الإيرانية تعمل بشكل طبيعي ولم تتعرض لأي أضرار جراء الهجمات.
مخاطر إضافية
وفي ظل هذا الغموض، حذر محللون في قطاع الشحن من مخاطر إضافية. وتحدث بيتر ساند، كبير المحللين في شركة Xeneta، ولارس جنسن، الرئيس التنفيذي لشركة Vespucci Maritime، عن احتمال حدوث "إغلاق فعلي" لمضيق هرمز، على غرار ما فعلته مليشيات الحوثي في البحر الأحمر عام 2024.
وأشار ساند إلى أن أي اضطراب في المضيق قد يجبر شركات الشحن، لا سيما سفن الحاويات، على إعادة توجيه السفن عبر موانئ الساحل الغربي للهند، لربط شرق آسيا بشبه القارة الهندية. وتوقع أن تؤدي هذه التحولات إلى ازدحام في الموانئ وارتفاع أسعار الشحن، إلى جانب فرض رسوم أمنية إضافية على هذه الخطوط.
من جانبه، لفت جنسن إلى أن إيران ليست غريبة على احتجاز السفن التجارية، مشيرًا إلى أن طهران تحتجز سفينة الحاويات MSC Aries منذ أكثر من عام، ولا تزال مليشيات الحوثي تحتجز ناقلة المركبات Galaxy Leader التي تم الاستيلاء عليها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، رغم إفراجها عن طاقمها.
وفي حين لا تزال الطرق البحرية مفتوحة، يبقى التهديد بالتصعيد قائمًا، ما يجعل صناعة الشحن العالمية في حالة تأهب قصوى في انتظار تطورات قد تُحدث تحولات كبيرة في حركة التجارة العالمية.