المخرج اليمني يوسف الصباحي يكشف سر فوز "عبر الأزقة" بجائزة دولية (حوار)
برز اسم المخرج اليمني الشاب يوسف الصباحي، بعد حصد فيلمه القصير "عبر الأزقة" جائزة مهمة.
وخطف المخرج اليمني الشاب جائزة مهرجان "هوليوود" للأفلام العربية في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية لعام 2023 عقب فوز فيلمه "عبر الأزقة" بجائزة أفضل فيلم قصير.
الصباحي المولود عام 1995 في المشنة بمدينة إب اليمنية، كشف في مقابلة مع "العين الإخبارية"، عن سر فوز "عبر الأزقة" بالجائزة المرموقة، مشيرا إلى الحراك الذي وضع البلد على الخارطة السينمائية العالمية سيما بعد فوز فلم "المرهقون" للمخرج اليمني عمرو جمال في مهرجان برلين السينمائي.
اهتمامات وطموحات
بدأ المخرج اليمني بالحديث عن سر اندفاعه باتجاه الإخراج السينمائي وأرجع ذلك إلى متابعته للأفلام والقراءة في هذا الاختصاص فضلا عن دراسته للإخراج السينمائي ونشأته وسط أسرة أدبية جعلته يهتم في حياة الناس وقصصهم البسيطة.
وقال: "اهتمامي الأكبر كان في حياة الناس، تربيت في سوق مركزي وفي حارتي كان سوق ملابس وسوق ذهب، ومحطة مركبات ودراجات نارية وكانت هذه الأسواق دائرة تحيط المنزل وهذه الخلفية البصرية ساعدتني في الانتقال إلى موضوع الإخراج السينمائي".
ويضيف: "اهتمامي بالقصص البسيطة وحياة الناس يعود إلى نشأتي في سوق كان الناس كلهم فيها عابرين وبالتالي كان مهمة خلق قصصهم متروكة على عاتقي ولهذا جاء (عبر الأزقة) لتوثيق هذه القصص العابرة".
وبشأن طموحاته، أكد الصباحي أن يطمح أن يكون جزءا من "مشروع سينمائي جاد وحقيقي وهذه ليس المرة الأولى الذي تشهد فيها اليمن محاولات لصناعة الأفلام"، موضحا "هناك استمرارية وطموحاتي أن تكبر مشاريعنا ونشوف لحظة فارقة لتخلق الصناعة السينمائية في اليمن".
حكاية "عبر الأزقة"
وعن فيلم "عبر الأزقة"، كشف عن أنّه "فيلم روائي قصير يحكي قصة طفل اسمه (أحمد) ترسله أمه في مهمة عاجلة إلى المخبز قبل الغداء وقبل وصول الضيوف، لكن هذه المهمة المباشرة تتحول إلى رحلة عجيبة عبر أزقة إب القديمة ونشاهد من خلالها لحظات من ساعات ما قبل الغداء في حياة إب القديمة وتتخلل القصة حوارات عن الخوف والقدر والإيمان".
ويضيف "عبر الأزقة هو عبارة عن ساعات ما قبل الظهر وما قبل الغداء هي لحظة يومية عابرة والأحداث الذي تحدث في الفيلم عابرة من الأحداث الذي يمكن مشاهدتها وأنت على متن سيارتك الشخصية ويمكن أن تستوقفك للحظات".
وعن سبب اختيار مدينة إب القديمة لتصوير فيلم "عبر الأزقة"، أكد الصباحي أنها كانت موطن طفولته حتى أن "أغلب المسارات الذي سلكها الطفل (أحمد) هي مسارات يعرفها تماما وعبرها كثيرا".
وقال: "المكان شخصية رئيسية لا تقل أهمية عن شخصية أحمد، كما أن القصة كلها كتبت حول فكرة المدينة ومنازلها وأزقتها وقد استغرقت وقت طويلا أرسم المسار والخط الذي يمشي فيه الطفل واستغرقت وقتا أطول وأنا أكتبه أكثر من أحداث القصة".
وأضاف "لولا المكان لما ولدت القصة، وهذا المكان اليوم يشهد استحداثا معماريا خطيرا، حيث هناك مبان قديمة يتم هدمها لبناء جديدة، فضلا عن سقوطها إثر غياب الصيانة.. الناس مش قادرين يرمموها وهذا شيء محزن".
وأكد اهتمامه "الآن ومستقبلا على أن تتمحور صناعة أفلامه حول إب القديمة.. مهم تتوثق لأننا نخسر جزءا منها".
تكلفة الإنتاج ووقت التصوير
يشير الصباحي إلى أن "عبر الأزقة" كان إنتاجه ذاتيا ودعم من والده، فيما تكفل بمرحلة المونتاج والألوان الرئيس السابق للجالية اليمنية في كاليفورنيا فواز الرياشي.
وبشأن المدة التي استغرقها تصوير الفيلم، قال إن المخطط له كان 4 أيام لكن في الواقع وبسبب "إيقافنا أكثر من مرة استغرق تصوير الفيلم أكثر من 4 أشهر وكنا ننزل نصور ونتوقف فجأة وهذا تكرر أكثر من 3 مرات".
وأوضح "تعرقلنا كثيرا وعانينا صعوبات كبيرة جدا بسبب التوقف وهذا سبب لنا خسائر مالية، وكمان طاقم العمل كان صغيراً، ومتطلبات المشاهد كانت أصعب مما توقعنا".
وحول الممثلين، أكد أن جميعهم باستثناء دور "الأم" التي تؤديها الممثلة اليمنية نورة البعداني كانوا من مدينة إب القديمة، وكلهم كانوا على قدر التحدي خصوصا الطفل (أحمد) لأنه كان يضيف حماسا وفضولا يتناسب مع شخصيته أمام الكاميرا.
ومن الشخصيات أيضا "رجل مسن عمره 82 عاما، يدعى عبدالوهاب الصباحي والذي قدم أداء كبيرا وحفظ النصوص التي سلمت له، وكان يتعب ويسأم لكن دائما كان يستمر ولم يتغيب وهذا أكسب الفيلم قصته الخاصة".
وعن الجائزة، عبر الصباحي عن سعادته، مشيرا إلى أن ذلك منحه حماسا أكبر لكن الجائزة الحقيقة ستكون "لما المشاهد اليمني يقدر يشوف الفيلم ونقدر نسمع حديث الناس عنه".
وقال إنه صنع"الفيلم للمشاهد اليمني، وأي اعتراف بالفيلم مصدر سعادة له"، مضيفا: "بالنسبة لي الاعتراف الداخلي هو أهم اعتراف وهذا لن يحدث إلا عندما يحكم عليه الناس".
حراك صناعة الأفلام في اليمن
وحول الحراك الإبداعي في صناعة الأفلام في اليمن، قال الصباحي: "لو حصل وتخلقت صناعة جادة وسينما جادة في اليمن سوف نتذكر كلنا (10 أيام قبل الزفة)، و(المرهقون) وسنتذكر عمرو جمال، وسنكون ممتنين له جداً بسبب جرأته ونضجه السينمائي والذي يخلق زخما حول الفكرة وهذا من أهم عوامل تخلق السينما في أي بلد".
وأشاد المخرج اليمني بزميله عمرو جمال الذي قدم الكثير لكنه "لم ينل حقه من التغطية الإعلامية لأنه صاحب أول فيلم يمني طويل يشارك في مهرجان برلين السينمائي وهو اعتراف مهم وهذا تقريبا أهم مهرجان لصناع الأفلم المستقلة للشباب".
وأعرب الصباحي عن أمله أن تصبح صناعة الأفلام مشجعا للجهات وشركات الإنتاج الدولية لتمويل الأفلام في اليمن، قائلا "هذا المأمول، لأنه لم يحصل حتى الآن، وهذه التحولات بدأت تحصل ونحتاج وقتا لقطف الثمار، ولا زال الوقت مبكرا للحديث عن دعم جهات سينمائية للقصة لأنها قصة وليس لأنها تحمل رسالة وتغير رأي عام كما تفعل المنظمات التنموية والتوعية".