نقل القوات الألمانية من إنجرليك ضربة موجعة جديدة لأردوغان
عملية الانتقال ستسغرق بضعة أشهر إلى أن تنتهي عملية نقل المعدات المستخدمة في محاربة التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق.
وجهت ألمانيا ضربة موجعة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث بدأت بسحب قواتها من قاعدة أنجرليك الجوية التي يتواجد فيها 250 جندياً ألمانياً تم نقلهم إلى قاعدة الأزرق الجوية شمال الأردن.
وأوضحت صحيفة "دي فيلت" الألمانية أن عملية الانتقال ستسغرق بضعة أشهر إلى أن تنتهي عملية نقل المعدات المستخدمة في محاربة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش في سوريا والعراق.
وجاء قرار سحب القوات بعد منع السلطات التركية مسؤولين ألمان من زيارة عناصر الجيش الألماني، في تصعيد للأزمة مع برلين، التي كانت قد منحت حق اللجوء لعشرات الضباط الأتراك العاملين في مقر حلف شمال الأطلسي بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان، ما اضطر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للبحث عن بديل في الأردن، فأوفدت وزيرة الدفاع الألماني أورزولا فير دير لاين إلى الأردن حيث زارت قاعدة الأزرق القريبة من الحدود السورية شمال البلاد في مايو الماضي.
وتكمن أهمية قاعدة أنجرليك التي بنتها أمريكا إبان الحرب الباردة، في كونها مقراً للسرب العاشر التابع لقوات الجوية التركية الثانية، وهي أيضا مقر للسرب الـ39 للقوات الجوية الأمريكية بالإضافة إلى آلاف الجنود الأمريكيين، كما تستخدمها قوات جوية بريطانية وغيرها من الدول.
وتبلغ مساحة قاعدة انجرليك 1335 هكتاراً وهي القاعدة الثانية في تركيا لقوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" بعد قاعدة أزمير الجوية، وتبعد 10 كم فقط من مركز مدينة أضنة و32كم عن ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وتعود أهمية انجرليك تاريخيا إلى كونها كانت منطلقا لطائرات التجسس الأمريكية على دول الاتحاد السوفييتي، كما كانت تحتوي على 150 رأسا نوويا، في حين تقول التقارير أن فيها 50 رأسا نوويا في الوقت الحالي.
وفي بداية أزمات الربيع العربي وبزوغ نجم داعش، رفضت السلطات التركية،على غير عادتها، أن تستخدم انجرليك منطلقا لعمليات الجيش الأمريكي ضد داعش، ما اضطر الأمريكان إلى استخدام قواعدهم الجوية في الخليج وحاملات الطائرات في البحار، ولكن وبعد مفاوضات طويلة رضخت أنقرة للضغوط الأمريكية في أواسط عام 2015 وسمحت للطائرات الأمريكية باستخدام القاعدة التي لا تبعد كثيرا عن ساحات المعارك في سوريا لشن ضربات على داعش ولتقديم الدعم لقوات سوريا الديمقراطية.
تداعيات الأزمة التركية-الألمانية ونقاط الخلاف:
تصل جذور الأزمة التركية-الألمانية إلى عدة أعوام، ومنذ محاولات تركية فاشلة للانضمام إلى الاتحاد الاوروبي، واشترطت عليها الدول الأوروبية حزمة من التعديلات القانونية والدستورية تتماشى مع قوانين الحرية والديمقراطية الغربية.
وتصاعد الخلاف في وجهات النظر بين تركيا وألمانيا بسبب الأكراد وتحديدا حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أوروبا عاملا مساعدا في محاربة الإرهاب في سوريا والعراق فيما تعتبره تركيا تنظيما إرهابيا معاديا للدولة التركية، ما تسبب باعتقال الصحفي الألماني-التركي دينيز يوجل مراسل صحيفة "دي فيلت الألمانية"، الذي اتهمته السلطات التركية بالإرهاب والجاسوسية، ووصفه أردوغان بأنه انفصالي كردي وجاسوس ألماني، فيما وجهت ألمانيا للأتراك تهم بتقييد الحريات الصحفية.
أتراك ألمانيا أنصار استفتاء أردوغان
بلغ الخلاف الألماني- التركي ذروته عندما منعت السلطات الألمانية تجمعات لأنصار أردوغان تهدف للترويج لاستفتاء على التعديلات الدستورية التي تمنح أردوغان صلاحيات مطلقة، وكان من المقرر أن تستظيف هذه التجمعات وزراء أتراك من بينهم وزيري العدل والاقتصاد، الأمر الذي أخرج أردوغان إلى وسائل الإعلام متهما ألمانيا بالسماح للإرهابيين بعقد الاجتماعات، إشارة إلى الأكراد، بينما تمنع وزراء تركيا من الكلام، وطالب حينها محاكمة ألمانيا بتهمة دعم الإرهاب واتهمها بالنازية.
وقد بررت السلطات الألمانية منعها لهذه التجمعات، بأنها ستثير حفيظة اليمين المتطرف، في وقت شهد هذا التيار انتعاشا بعد فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما فسرت الأوساط السياسية ردة فعل أردوغان بأنها محاولة لكسب تأييد المحافظين والقوميين الأتراك الذين يشكلون نسبة 60% من مجموع الأصوات المشاركة في الاستفتاء.
وتوسعت دائرة الخلاف التركي-الأوروبي بعد أن انضمت النمسا وهولندا إليها وبعد أن طردت الآخيرة وزيرة الأسرة التركية ورفضت استقبال وزير الخارجية.
ومن نقاط الخلاف أيضا التدخلات التركية بدول الجوار، والتي نتج عنها إسقاط طائرة روسية بحجة اختراقها الأجواء التركية، الأمر الذي نفاه الجيش الروسي، ما وضع المنطقة على مشارف حرب جديدة بين كبرى القوى العسكرية في العالم روسيا والناتو، حيث خرج الإعلام الأوروبي حينها بأفكار سلبية حول جدوى الوجود التركي في الحلف والأزمات التي تورطه تركيا فيها، وبأن تركيا تتدخل في الصراعات الدائرة في منطقة الشرق الأوسط محتمية بالناتو
aXA6IDE4Ljk3LjkuMTcxIA== جزيرة ام اند امز