من الهند إلى مصر.. الجوع يدق أبواب العالم تحت شعار "حظر تصدير الغذاء"
يخشى خبراء الغذاء في العالم من أزمة جوع قاتمة هي الأخطر في التاريخ الحديث لتزامنها مع اضطرابات على مستوى الترابط العالمي وجودة المناخ.
على مدار سنوات طويلة ماضية، أسرفت دول العالم في تجاهل تبعات التغير المناخي، وما أن أفاقت لهذا الملف الخطير حتى اشتبكت في صراعات عسكرية وسياسية غير آبهة بالكوكب المرهق أصلا.
- حرب أوكرانيا.. أزمة إمدادات الغذاء في الشرق الأوسط تتفاقم
- حصاد القمح في توشكى.. مصر تكشف عن سلة غذاء المستقبل
وفي هذه الأيام الاستثنائية، امتزجت عوامل المناخ غير المستقر مع تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية لتخلق وضعا مأساويا دفع 14 دولة -حتى الآن- من الهند إلى مصر وغيرهما لوقف تصدير الغذاء كليا أو جزئيا خشية مستقبل يلوح بالجوع في آن قريب.
الهند.. ليست الأولى
في أبريل/ نيسان الماضي، عندما بدأ العالم يعاني من نقص القمح بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، صعدت الهند وأعلنت أنها ستعمل على سد الفجوة وتصدير القمح إلى البلدان المحتاجة.
وغرد وزير التجارة الهندي بيوش غويال بعد ذلك قائلاً "إن خطوات حكومة (رئيس الوزراء) مودي تأتي في الوقت الذي يبحث فيه العالم عن مصادر بديلة موثوقة لإمدادات غذائية ثابتة".
ومع ذلك، توقفت الاحتفالات بشكل صارخ في 13 مايو/ أيار، عندما عكست الهند موقفها، وحظرت صادرات القمح بعد ارتفاع الأسعار محليا وموجة حر قياسية أضرت بمحاصيلها.
وفي 19 مايو/ أيار، بررت الهند حظر القمح في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قائلة إن هذا الإجراء سيساعد البلاد في إدارة أمنها الغذائي مع الاستمرار في دعم البلدان الضعيفة.
وأوضحت: "هذه التدابير تسمح بالتصدير على أساس الموافقات المسبقة وسيتم ذلك بناء على طلب الحكومات المعنية".
ومع ذلك ندد وزراء الزراعة في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى (G7) بقرار الهند. وقال وزير الزراعة الألماني جيم أوزدمير "إذا بدأ الجميع في فرض قيود على الصادرات أو إغلاق الأسواق ، فإن ذلك سيؤدي إلى تفاقم الأزمة".
ولكن هل كانت الهند هي من بدأ الحظر؟ هذا ليس صحيحا.
حظر الغذاء من الهند إلى مصر
حظر القمح من قبل الهند هو جزء من مشكلة أكبر تتعلق بمخاوف انعدام الأمن الغذائي، الأمر الذي دفع العديد من البلدان لحظر الصادرات الغذائية.
والبداية كانت من أوكرانيا التي أغلقت موانئها في وقت مبكر من الحرب مع روسيا.
ثم أعلنت أنها ستحظر تصدير حبوب الجاودار والشعير والحنطة السوداء والسكر والملح واللحوم، فضلا عن إقرار تراخيص مسبقة لتصدير القمح والذرة وزيت عباد الشمس.
وكذلك، روسيا التي أعلنت حظر تصدير بذور عباد الشمس حتى 31 أغسطس/ آب.
وتعد روسيا وأوكرانيا أكبر منتجي زيت عباد الشمس في العالم، حيث تمثلان 73% من الإمداد العالمي بزيت عباد الشمس ، وفقًا لمجلس الدول المنتجة لزيت النخيل (CPOPC) ، وهي منظمة غير ربحية مقرها جاكرتا في إندونيسيا.
كما علقت روسيا صادراتها من القمح والجاودار والشعير والذرة حتى 30 يونيو/ حزيران في خطوة لتأمين سوقها المحلية بما يكفي من الغذاء.
كذلك، لحقت الأرجنتين بهؤلاء عندما حدت من حجم الذرة والقمح اللذين يمكن تصديرهما في محاولة لتفادي نقص الحبوب المحلية والحد من ارتفاع أسعار الغذاء في البلاد.
وقد أدى القرار إلى ارتفاع أسعار الذرة في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياتها في 6 أعوام ونصف ، حسب ما أوردته رويترز.
أما مصر، فقد أعلنت في 12 مارس/آذار أنها حظرت تصدير جميع أنواع الزيوت النباتية والذرة لمدة 3 أشهر. كما أعلنت حظر تصدير العدس والمعكرونة والقمح والدقيق والفول الفول لمدة 3 أشهر.
كذلك، حظرت إيران إلى أجل غير مسمى تصدير البطاطس والبصل والطماطم والباذنجان.
وفرضت صربيا قيودًا على كميات القمح والذرة والدقيق وزيت الطهي المقرر تصديرها حتى نهاية هذا العام.
وفرضت تركيا حظرًا على مجموعة متنوعة من منتجات الحبوب وكذلك لحوم البقر والضأن والماعز والزبدة. ستستمر هذه القيود حتى 31 ديسمبر.
وفرضت إندونيسيا ، أكبر منتج لزيت النخيل في العالم، حظرًا على تصدير العديد من منتجات زيت النخيل في أواخر أبريل/ نيسان في محاولة لتأمين الإمدادات المحلية وخفض الأسعار المرتفعة.
كان لهذه الخطوة تأثير متتالٍ، مما جعل أسعار الزيوت النباتية العالمية ترتفع بشكل كبير.
كما فرضت الجزائر حظرا على تصدير المكرونة ومشتقات القمح وزيوت الخضروات والسكر.
وفعلت كازاخستان الأمر نفسه مع القمح والدقيق، وكوسوفو مع القمح والذرة والخضروات السكر.
وحظرت تونس تصدير الخضر والفاكهة ومنعت الكويت تصدير منتجات لحوم الدجاج والحبوب والخضراوات.
عالم جائع
أثرت قيود التصدير على 17% من الغذاء العالمي حتى الآن وفقًا للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية (IFPRI)، وهو منظمة مقرها واشنطن.
وقد أدى الأمر أيضا إلى قفزة في أسعار الحبوب الغذائية وزيت الطهي فمنذ منتصف فبراير إلى 17 مايو/ أيار الجاري، ارتفعت أسعار القمح بنسبة 60% ، بينما ارتفعت أسعار زيت الطعام بنسبة 25-40%.
وسلطت الأمم المتحدة الضوء على مدى خطورة الموقف، حيث قالت وفقًا لتقرير نيويورك تايمز، إن ما لا يقل عن 276 مليون شخص يواجهون الآن انعدامًا حادًا للأمن الغذائي، ارتفاعًا من 135 مليونًا قبل الوباء ، و 49 مليون شخص في 43 دولة على حافة الهاوية المجاعة.
ويؤكد ديفيد بيسلي، المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، إن العالم يمر بالفعل بأزمة غير مسبوقة.
aXA6IDE4LjIyNS4xNzUuMjMwIA==
جزيرة ام اند امز