سباق الغواصات النووية.. هل تلحق الهند بالصين؟
من مكان سري في خليج البنغال، اختبرت الهند صواريخ باليستية تطلقها الغواصات.
في أواخر الشهر الماضي، انضمت ثاني غواصة قادرة على حمل صواريخ باليستية نووية إلى الأسطول البحري الهندي في خطوة اعتبرت الحكومة أنها تعزز الردع النووي حيث تراقب نيودلهي بحذر كل من الصين وباكستان.
وفي ظل التوترات المتصاعدة على طول الحدود المشتركة بينهما، لا تزال الهند تحاول اللحاق بالصين التي تعمل على تنمية أسطولها البحري إضافة إلى قدراتها البرية والجوية وذلك وفقا لما ذكرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.
وفي حفل تدشين الغواصة النووية الجديدة التي حملت اسم "آريغات" أي "مدمرة للعدو" باللغة السنسكريتية، قال وزير الدفاع الهندي راجنات سينغ شين إنها "ستساعد في إرساء التوازن الاستراتيجي" بالمنطقة.
حتى الآن يميل التوازن لصالح الصين التي تمتلك أكبر بحرية في العالم من حيث الأعداد، وتضم أيضا 6 غواصات باليستية عاملة من فئة جين تعمل بالطاقة النووية وتتفوق هذه الغواصات على مثيلاتها الهندية "آريغات" و"آي إن إس أريهانت" من حيث القوة النارية.
ويمكن للغواصات الصينية حمل عشرات الصواريخ الباليستية بمدى لا يقل عن 8000 كيلومتر (4970 ميلاً) ولديها القدرة على حمل رؤوس حربية نووية متعددة.
وقال المحلل كارل شوستر، المدير السابق للعمليات في مركز الاستخبارات المشترك للقيادة الأمريكية في المحيط الهادئ، إن الغواصات الهندية يمكنها بالكاد الوصول إلى الأهداف الصينية على طول الحدود المشتركة من المياه الساحلية لخليج البنغال الشمالي الذي يعد ضحلا بشكل خطير بالنسبة للغواصة.
ودائما ما كانت الحدود بين الهند والصين، المعروفة باسم "خط السيطرة الفعلية"، بمثابة نقطة اشتعال. واندلعت اشتباكات مؤخرا بين القوات هناك في 2022 وقبلها في 2020.
وتلتزم الهند الصمت بشأن قدرات أريغات ولم تنشر أي صور لها منذ تكليفها في 29 أغسطس/آب الماضي، واكتفت بالقول إن "التقدم التكنولوجي الذي تم إجراؤه محليًا على هذه الغواصة يجعلها أكثر تقدمًا بشكل ملحوظ من سابقتها" والتي جرى تكليفها قبل 8 سنوات.
ويقول محللون بحريون إن الهند تسير بوضوح في طريقها لتطوير رادع نووي تحت سطح البحر، وعلى الرغم من أن هذا الرادع قد لا يكون كبيرًا مثل الصين، إلا أنه سيحمل ما يكفي من الضربة الثانية لردع بكين عن اتخاذ إجراءات عدائية ضدها.
وقال مات كوردا، المدير المساعد لمشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأميركيين "على الرغم من أن الردع النووي البحري للهند لا يزال في بداياته النسبية، إلا أن نيودلهي لديها طموح لنشر قوة نووية بحرية متطورة مع التركيز على الغواصات القادرة على حمل الصواريخ الباليستية".
وأضاف أن هذه الغواصات هي جزء أساسي من جهود الهند لإنشاء قوة نووية آمنة للضربة الثانية، وبالتالي السماح للبلاد بتهديد الأهداف المعادية إذا نجحت في النهاية في بناء غواصاتها الثالثة والرابعة والتي قد لا تنضم إلى الأسطول قبل 2030.
وقال توم شوجارت، زميل مساعد في مركز الأمن الأمريكي الجديد وقائد غواصات سابق في البحرية الأمريكية، إن الغواصة الباليستية الثانية مهمة للنفسية البحرية والعسكرية الهندية مشيرا إلى امتلاك جميع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا) غواصات تطلق صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية.
وقبل تشغيلها، كانت أريغات تلفت الانتباه في الصين، ونقلت صحيفة "جلوبال تايمز" المملوكة للدولة عن خبراء صينيين قولهم إنه "يجب استخدام الأسلحة النووية في حماية السلام والاستقرار، وليس استعراض العضلات".
وقال كاندليكار فينكاتيش، المحلل في شركة جلوبال داتا للتحليلات "إن بناء الصين المكثف للأسلحة البحرية للصين والنشر المنتظم لدوريات الردع النووي المسلحة بالكامل بواسطة غواصات يُنظر إليها من قبل دول أخرى مثل الهند على أنها تهديد" وأضاف أن "نشر الهند لغواصاتها سيوفر درجة معينة من التكافؤ مع نظيراتها الصينية".
واعتبر أبيجيت سينغ، الزميل البارز في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث في مومباي أن الهند لا تتطلع إلى الصين فقط من خلال تطوير الغواصات وقال في مقال لصحيفة "هندوستان تايمز" إن "الدافع الحقيقي لتوسيع الهند لقدراتها على الضربة الثانية هو النمو الكبير للبحرية الباكستانية والصينية في المحيط الهندي".
وأشار إلى أن إسلام أباد بصدد الحصول على 8 غواصات هجومية من طراز 039B مصممة صينيًا لتحديث أسطولها لتضييق الفارق في القوة البحرية مع الهند.
وتتنازع الهند وباكستان منذ فترة طويلة على منطقة كشمير وتقسم الحدود الفعلية التي تسمى خط السيطرة بين نيودلهي وإسلام آباد هذه المنطقة مما أدى إلى 3 حروب بين الدولتين.
وأوضح كوردا، الخبير في اتحاد العلماء الأمريكيين، أن الغواصات الهندية ليست سبباً للقلق في حد ذاتها بل الصواريخ متعددة الرؤوس التي تحملها ففي أبريل/نيسان الماضي، أعلنت الهند انضمامها إلى نادي الصواريخ الباليستية متعددة الرؤوس، الذي يضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وروسيا والصين.
وادعت باكستان أنها تمتلك تكنولوجيا الصواريخ متعددة الرؤوس، لكن الخبراء يقولون إن هذا الأمر غير مؤكد ومع ذلك يتعين على الخصوم افتراض صحة الادعاءات خشية الوقوع في فخ عدم الاستعداد في حالة نشوب صراع فعلي.