"الاستدلال".. تحذير من تأثيرات مميتة لهذه الطريقة أثناء جائحة كورونا
إذا كان المقربون وأفراد الأسرة الذين أصيبوا بكورونا يعانون من أعراض خفيفة، فقد يقنعك عقلك بأنك ستمر بنفس التجربة.
هذه الظاهرة المعروفة باسم "الاستدلال"، هي إحدى الطرق المختصرة المعرفية القليلة، التي تحافظ على طاقة الدماغ ويُفهم عمومًا أنها إيجابية ومفيدة.
ومع ذلك، فإن "هذه الاختصارات المعرفية يمكن أن تكون مميتة أثناء حدوث جائحة"، كما يحذر ثيودور بوشين، أستاذ علم النفس في مؤسسة ويليام وارن.
وفصل بوشين وزملاؤه الاختصارات المعرفية التي يمكن أن تؤثر على كيفية تقييمنا للمخاطر وقرارنا في التصرف في مواجهة الوباء في ورقة بحثية حديثة في مجلة "العقل والسلوك والمناعة".
ومن الاختصارات المعرفية مثلا عندما يخبرك المخ أن كبار السن فقط هم المعرضون لخطر الإصابة بالمرض، رغم من وفرة الأدلة التجريبية على عكس ذلك.
وكتب الباحثون: "قد نتجاهل أو نفشل في تفسير الحقائق الأساسية حول الفيروس ونقرر التعامل مع الأشخاص الذين نعتقد أنه من غير المحتمل أن يصابوا بالعدوى، على الرغم من أننا جميعًا معرضون لخطر التعرض والإصابة بهذا العامل الممرض الجديد".
وطوال الوباء، سعت السلطات في العديد من المجتمعات للحد من التجمعات الاجتماعية لإبطاء انتشار الفيروس،عندما تستخدم أدمغتنا الاختصار، فإننا نفترض أن معدلات الإصابة بين التجمعات الصغيرة تدل على معدل الإصابة الإجمالي للسكان، وهذا خطأ.
وكتب بوشين وزملاؤه: "في سياق الأمراض المعدية، قد تنحرف المجموعات الصغيرة بشكل كبير عن معدل الإصابة بالسكان نظرًا لأن أعضاء المجموعات الصغيرة غير عشوائيين، وغالبًا ما يتشاركون في الاتصالات الاجتماعية والمهن عالية الخطورة".
ويقول إن "إرساء الاستدلال" يشير إلى ميل البشر إلى التشبث بالمعلومات الأولية التي نتلقاها حول شيء ما، حتى عند تقديمها بمعلومات محدثة. ويعطي المؤلفون مثالًا على استمرار الأشخاص في الاستشهاد بالتصريح غير الدقيق في وقت مبكر من الوباء بأن الأقنعة غير فعالة، رغم الدراسات اللاحقة التي أثبتت فعاليتها.
وفي السبعينيات من القرن الماضي، أظهرت الدراسات التي أجراها عالما النفس الإسرائيليان عاموس تفيرسكي ودانيال كانيمان أن أدمغة الجميع - حتى الأطباء والمتخصصين في الصحة العقلية - تتخذ هذه الاختصارات العقلية للحفاظ على الموارد المعرفية، ووجدوا أيضًا أن الخبرة الحياتية الواسعة لا يمكن أن تتجاوز الاختصارات المعرفية، بل وقد تزيد من حدة هذه الاختصارات.
ويقول بوشين: "يجب أن يساعد التثقيف والتوعية وإجراء المزيد من الأبحاث حول دور الاستدلال في انتشار الأمراض المعدية على تحسين عملية صنع القرار وتقليل السلوك المحفوف بالمخاطر أثناء الجائحة، ولإجراء تقييمات دقيقة للمخاطر، والانخراط في السلوكيات الآمنة ووقف انتشار (كوفيد -19)، ويجب أن نأخذ في الحسبان الاستدلالات وتأثيرها على تصوراتنا وسلوكياتنا".