"توحش" التضخم يجبر بنك إنجلترا على قرار "مؤلم"
بنك إنجلترا يرفع معدلات الفائدة مجدّدا لأعلى مستوى لها منذ 15 عاما، وسط خشية من استمرار التضخم.
وقرر بنك إنجلترا الخميس رفع معدلات الفائدة للمرة الرابعة عشرة على التوالي، وهذه المرة بمقدار 0.25 نقطة مئوية، لتصل إلى 5.25% وهو أعلى مستوى لها منذ أوائل عام 2008، وذلك بهدف محاربة التضخم الذي يتوقع أن يستمر على الرغم من انخفاضه في الأشهر الأخيرة.
وقال المصرف المركزي "تشير بعض المؤشرات الحاسمة، بما في ذلك زيادات الأجور، إلى مزيد من الضغوط التضخمية المستمرة. قررت لجنة (السياسة النقدية) في هذا الاجتماع رفع أسعار الفائدة" مرة جديدة.
- التضخم لخانة الآحاد.. تعهد حاكم المركزي التركي بعد رفع توقعاته إلى 58%
- كيف أثر توحش التضخم على عادات الاستدامة في أمريكا؟
بذلك اختار بنك إنجلترا زيادة مماثلة لتلك التي قررها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي في نهاية يوليو/تموز، وإن عدّلت السلطة النقدية البريطانية توقعاتها التضخمية بزيادة طفيفة لفترة أطول متوقعة 2.5% في 2024 و1.5% في 2025.
بلغ التضخم 7.9% على أساس سنوي في المملكة المتحدة في يونيو/حزيران، وهو أعلى معدل بين دول مجموعة السبع الغنية على الرغم من التباطؤ الملحوظ، مما أدى إلى تفاقم أزمة تكلفة المعيشة في المملكة المتحدة، وفقًا لأحدث البيانات المتاحة.
وقال أندرو بيْلي رئيس بنك إنجلترا في بيان "التضخم يتراجع وهذه أخبار جيدة، نعلم أن التضخم يؤثر بشكل مباشر على الأقل ثراء ونحن بحاجة للعمل لضمان عودته إلى هدفنا البالغ 2%".
تسببت أسعار السلع والمواد الخام، ولا سيما الطاقة، في ارتفاع التضخم بعد الصدمات المتتالية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وكوفيد-19 ثم الحرب الروسية في أوكرانيا، لكن التضخم المتولد داخل المملكة المتحدة نفسها هو الذي يقلق البنك المركزي.
بنك إنجلترا الذي تعرض لانتقادات لأنه قلل من حجم هذه الصدمات، قال إنه راجع توقعاته مقارنة بتقريره الأخير في مايو/أيار "لدمج بعض المخاطر الصاعدة للتضخم على الأسعار المحلية والأجور".
يتبع البنك المركزي "سياسة نقدية مقيِّدة" تلقي بثقلها على النمو، ويعد بأن "لجنة السياسة النقدية ستضمن بقاء الفائدة المصرفية مقيدة بما يكفي لفترة كافية" لعكس اتجاه التضخم.
وقال بيْلي في مؤتمر صحفي عقده، الخميس، إن سياسة المصرف المركزي "بدأت تؤتي ثمارها، نظرا للفوارق (الزمنية) في انعكاس السياسات الاقتصادية على الاقتصاد الفعلي، ليس مفاجئا أن ذلك الأمر تطلّب وقتا".
- سياسة نقدية ثابتة
ويرى بنك إنجلترا أن هذا العبء على الاقتصاد لا ينبغي أن يتسبب بركود في المملكة المتحدة، لكنه يتوقع الآن نموًا بطيئًا بنسبة 0.5% في عام 2024 و0.25% في عام 2025، وهو أدنى بكثير من توقعاته القاتمة كذلك في شهر مايو/أيار (0.75% لعامي 2024 و2025).
وتقوّض زيادة معدلات الفائدة القدرة على الاقتراض للأسر والشركات على حد سواء. ونظرًا لعدم تثبيت الرهون العقارية على المدى الطويل في المملكة المتحدة، ترتفع أسعار الفائدة بالنسبة لأصحاب الديون.
وشدد وزير المال جيريمي هانت في بيان الخميس على أن ذلك "لا يعني أن الأمور سهلة بالنسبة إلى العائلات التي تواجه دفعات شهرية أكبر على قروضها العقارية، لذا نواصل القيام بما في وسعنا من أجل مساعدة الأسر".
وكان ريشي سوناك تعهّد بعيد توليه رئاسة الوزراء في أكتوبر/تشرين الأول 2022، بخفض التضخم إلى النصف بعدما كان في حينه يتخطى 10 في المئة. ودعم سوناك بنك إنجلترا في إجراءاته.
إلا أن المعارضة والنقابات تتهم حزب المحافظين الحاكم بعدم القيام بما يلزم في مواجهة أزمة غلاء المعيشة.
وتثير استراتيجية بنك إنجلترا الانقسام حتى في صفوف لجنة السياسة النقدية، إذ صوّت اثنان من أعضائها التسعة لصالح رفع معدلات الفائدة بنسبة نصف في المئة، بينما صوّت عضو آخر لصالح إبقاء المعدلات من دون تغيير تفاديا لتباطؤ الاقتصاد.
على رغم ذلك يبقى المصرف المركزي مصرّا على الاستمرار في سياسته الراهنة، إذ أكد في بيان أنه "في حال وجود أدلة على ضغوط تضخمية متواصلة سيكون من الضروري اعتماد مزيد من التشدد في السياسة النقدية".
وفي سوق القطع خسر الجنيه الاسترليني بعضا من قيمته في أعقاب قرار بنك إنجلترا بعدما كان بعض المستثمرين يأملون في تلقّي رسالة أكثر وضوحا من المصرف المركزي.
وقال المحلل لدى "بانثيون ماكروايكونوميكس" سامويل تومبز إن "التوقعات الجديدة لبنك إنجلترا تؤشر إلى أن زيادات إضافية متوقعة، لكننا اقتربنا من الحد الأقصى".
aXA6IDE4LjExNy4xMi4xODEg جزيرة ام اند امز