مبادرات جديدة على مواقع التواصل الاجتماعي تروج للقراءة في مصر
"العين الإخبارية" تناقش أثر منصات القراءة وحلقات اليوتيوب المعنية بالتشجيع على القراءة في مصر، وتتساءل عن أثرها في صنع ذائقة القارئ.
تشهد مصر حالياً رواجاً ملحوظاً للمنصات المعنية بتقديم قراءات ومراجعات للكتب، والتشجيع على القراءة بوجه عام، سواء من خلال منصة التواصل الاجتماعي الأوسع انتشاراً "فيسبوك"، أو من خلال الفيديوهات التي تنشر على موقع "يوتيوب".
وفي ظل اهتمام العديد من الدول بالقراءة، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة التي انطلق فيها شهر القراءة العربي مع بداية مارس/آذار الجاري، تناقش "العين الإخبارية" أثر منصات القراءة وحلقات اليوتيوب المعنية بتشجيع الناس على القراءة، وتتساءل عن أثرها في صنع ذائقة لدى القارئ، وعن تطوير أفكار أندية القراءة لتصبح مشروعاً عاماً تتبناه الدولة، وعن تأثيرها على مبيعات الكتب.
ومن هذه المبادرات التي حققت انتشاراً مبادرة (نادي القراء المحترفين) للمدون إبراهيم عادل الذي دفعه شغفه بالقراءة إلى أن يؤلف كتاب (أن تعيش فتقرأ)، وعن هذه التجربة التي تجرى اجتماعاً شهرياً في مقر دار (بتانة) للنشر، يقول: "الفكرة كانت من البداية طموحة جداً، تهدف لإنشاء موقع خاص للنادي يكون مماثلاً لجودريدز ويتم تقييم قراءات أعضاء النادي ومكافآتهم من خلال نشاطهم بخصومات على الكتب من خلال العضويات المختلفة، ولكن الأمر اقتصر في النهاية على صفحة فيسبوك ولقاءات أعضاء النادي الشهرية".
وأوضح صاحب كتاب "أن تعيش فتقرأ" أن الهدف بالنسبة له كان التعرف على قراء مختلفين، وقال: "تأكدت خلال التجربة العملية أن القراءة وجمهورها سواء من الشباب أو الكبار ما زالت بخير، ينقصهم فقط الدافع والتحفيز للتعبير عن أنفسهم، وتعريف الناس بالإصدارات الجديدة والمميزة التي تعمل على تفعيل القراءة بشكل إيجابي".
وعن مسألة الترويج لكتاب بعينه أوضح: "ليست هناك منصة يمكنها أن تفرض ذوقها أو اختيارها على القراء، رغم ما يبدو عليه هذا الأمر أحياناً، ولكن ما يحدث في ظني هو العكس، حيث يلتف عدد من القراء بداية حول اسم أو كتاب، فتتكون ظاهرة تلفت أنظار الناس، ثم تتلاشى تدريجياً، وهذا ما حدث مع عدد من الروايات التي حققت أرقام مبيعات كبيرة مؤخراً، ثم سرعان ما انفض القراء عنها وعن مؤلفها".
وعن إمكانية تبني المؤسسات الثقافية الرسمية هذه المبادرة لتكون مشروعاً عاماً، يقول إبراهيم عادل: "في ظني إن أي توجه واهتمام توليه الحكومة لمجموعات القراءة تلك سيكون إيجابياً ومثمراً، فقط إذا توفرت النية الحقيقية لذلك، فالأندية والمجموعات موجودة، وتمارس نشاطها بشكل دوري، دون أي رعاية أو وصاية من أحد، ولكنها تحتاج إلى المزيد من إلقاء النظر، أو إتاحة فرصة الوجود في الأماكن الثقافية البارزة مثلاً، أو تقديم عروض خاصة أو تخفيضات خاصة لبعض الإصدارات والكتب مثلاً، وغير ذلك الكثير".
وتشير نورا رشاد، عضو مجلس إدارة بالدار المصرية اللبنانية، إلى أنه "بغض النظر عن حيادية بعض هذه المنصات، من عدمها، فبعضها يرتبط بعلاقات ببعض دور النشر، هذه الظاهرة إيجابية للغاية، وصار لها متابعوها الذين ينتظرونها".
وأكدت أن المؤسسات الثقافية الرسمية بالفعل لها دور، وقالت: "نادي القراءة الخاص بنا يقام في مكتبة القاهرة الكبرى، بتسهيلات كبيرة من وزارة الثقافة، وفي إدارتي للأمر، فإنني أحرص على أن تكون المناقشات بسيطة في طرحها وتناولها للكتب؛ حيث يستطيع القارئ العادي التفاعل معها، فلا أفضل التقعير في مثل هذا المقام، رغم أن معظم الضيوف المشاركين معنا من النقاد والكتاب المحترفين".
ويوضح محمد شادي (يوتيوبر) أن "حلقات اليوتيوب والكيانات القائمة على فكرة القراءة التفاعلية والنقاشات تساعد الأفراد على تكوين ثقافة وذائقة خاصة، وغالباً ما يبدأ الأمر من خلال ترشيح إحدى الروايات من شخص قارئ ذي ثقة، ما يدفعه إلى استكمال الكتب التي هي من ترشيحات هذا الشخص، وباستمرار الممارسة يكوّن القارئ حساً نقدياً".
وأشار مقدم حلقات "بتاع الكتب" إلى عدم اهتمام المؤسسات الثقافية الرسمية بهذا النشاط بالدرجة المطلوبة، وتابع: "لعل هذا راجع إلى اختلاف الجمهور المستهدف لديهم عن نظيره الذي تستهدفه هذه الفعاليات والكيانات المعنية بتقديم قراءات في الكتب بأنواعها".
وأضاف: "لمنصات الكتب دور في الترويج لبعض الكتب، وبحكم عملي في واحدة من كبرى مكتبات القاهرة لفترة، أستطيع الجزم بأن الكتاب الذي يتناوله بالعرض أي (يوتيوبر) مشهور يحقق مبيعات كبيرة، وغالباً ما تنتهي كميته المعروضة بالفعل، فنضطر إلى طلب عدد من النسخ الإضافية منه".
ويرى أحمد سعيد مدير (منشورات الربيع) أن "هذه المنصات لا تعبر إلا عن ذائقة صاحب القناة، وهي بالتالي تقدم فهمه الشخصي للكتاب، وليست بالطبع قراءة نقدية، والجميل في الأمر أن تحتل مثل هذه الحلقات مساحة من منصات التواصل والتأثير مثل (يوتيوب) و(فيسبوك)، وإلى الآن لم تقدم هذه الحلقات شخصاً ذا وعي نقدي، لكنها لا تصنع ذائقة لدى القارئ بالطبع".
وعن التأثير في حركة المبيعات يقول: "السوق في حالة تذبذب، فالبعض صار يتجه إلى الكتب الفكرية والأدب العالمي، والبعض الآخر من القراء ما زال يحرص على قراءة الكتب الوسطية الجماهيرية التي ترضي الجميع، وهذه المنصات أحياناً ما تروج للكتب المشهورة بالفعل، وإن كنت لا أظن أنها يمكن أن تحقق رواجاً لكتاب قيم".