مبادرات الإمارات.. معادلة نموذجية لتجذير حوار الأديان ومكافحة التطرف
الإمارات تحتضن جاليات تنتمي إلى ما يفوق 200 جنسية من مختلف دول العالم، يعيشون على أراضيها بتناغم وتجانس، ما يُشكِّل نموذجاً فريداً
أقرّت دولة الإمارات العربية المتحدة 2019 عاماً للتسامح، بغية ترسيخ دورها الحضاري كمرجعية عالمية للتعايش السلمي والتلاقي الثقافي.
ويستند "عام التسامح" إلى 5 محاور رئيسية، أوّلها تعميق قيم الانفتاح على الثقافات، وثانيها ترسيخ مكانة الإمارات عاصمةً عالميةً للتسامح، من خلال مبادرات ومشاريع كبرى، ودراسات اجتماعية.
ويتمثّل المحور الـ3 في التسامح الثقافي، والـ4 بوضع تشريعات وسياسات تهدف إلى مأسسة قيم التسامح الثقافي والديني والاجتماعي، بينما يتعلّق الـ5 بتعزيز خطاب التسامح، وتقبُّل الآخر عبر تكثيف البرامج الإعلامية.
- البابا فرنسيس يحل ضيفا على الإمارات في زيارة تاريخية 3 فبراير
- باحثون لـ"العين الإخبارية": زيارة البابا تعزز مكانة الإمارات كعاصمة عالمية للتسامح
وتحتضن الإمارات جاليات تنتمي إلى ما يفوق 200 جنسية من مختلف دول العالم، يعيشون على أراضيها بتناغم وتجانس، ما يُشكِّل نموذجاً فريداً مجتمعياً وحضارياً فريداً من نوعه، إذ انتهجت القيادة الإماراتية الرشيدة، منذ تأسيس الاتحاد، سياسة الانفتاح والحوار مع الآخر، مرتكزةً على وسطية الإسلام، وشمولية المبادئ الإنسانية، ونبذ التمييز والتطرّف.
مؤتمر دبي العالمي للسلام
أطلقت الإمارات مؤتمر دبي العالمي للسلام عام 2010، بغرض تكريس مفهوم السلام ونشره في ضوء تعاليم القرآن الكريم، وإرساء دعائم الاستقرار على مستوى العالم، فضلاً عن مساندة أصوات التعقُّل الداعية إلى الحوار الحضاري بعيداً عن التعصّب والصدام.
جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمي
أعلنت الإمارات عام 2011 عن إطلاق جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمي، كأغلى الجوائز على مستوى العالم، بقيمة 1.5 مليون دولار، إذ تهدف الجائزة إلى تكريم الفئات والجهات صاحبة الإسهامات المتميزة في قضية حفظ السلام، باعتباره وسيلة تفاعل حضاري بين الشعوب.
وترمي الجائزة أيضاً إلى تشجيع الحوار بين الأديان، وإبراز صورة الإسلام الحقيقية لِكونه دين تسامح وسلام.
مركز "هداية" لمكافحة التطرّف العنيف
في ديسمبر/ كانون الأول 2012، افتُتح في العاصمة الإماراتية أبوظبي مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف، المعروف باسم "هداية".
ويعمل المركز على بناء شراكات مع مؤسسات عدة، ضمن مجال مكافحة التطرف العنيف، إذ يركّز على مجالات مهمة مثل الدبلوماسيتين الرياضية والثقافية، والمناهج التربوية، ونبذ الراديكالية في السجون، ودعم ضحايا الإرهاب.
منتدى تعزيز السلم
احتضنت أبوظبي عام 2014 منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، الذي أسّسه الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، وصار يعقد سنويًا، في مسعى إلى تأكيد أولوية السلم، باعتباره الضامن الحقيقي لسائر الحقوق، فضلاً عن تعزيز دور العلماء في نشر الفهم الصحيح والمنهجية السليمة للتدين.
ويُحيي المنتدى قيم الرحمة والحكمة والمصلحة والعدل، كما يتولى تأصيل ثقافة السلم والحوار والتعايش الإنساني في الإسلام، ورفد الخطاب السلمي العالمي بمبادئ التعارف الإسلامية، ونبذ العنف والتطرف، إلى جانب إقصاء الغلاة والمتشددين.
ويستلهم مرتكزاته من روح القرآن الكريم وجوهر السنة النبوية الشريفة، إضافة إلى تصحيح المفاهيم الدينية الملتبسة لدى البعض.
ونجح المنتدى عام 2018 في إطلاق "حلف فضول عالمي" الذي يجمع العقلاء والحكماء من مختلف المشارب الفكرية والعقدية والأديان، من أجل تعزيز روح السلام المستدام في العالم، والدفاع عن القيم الإنسانية.
قانون مكافحة التمييز والكراهية
أصدرت الإمارات قانونًا بشأن مكافحة التمييز والكراهية، الذي يقضي بتجريم أشكال ازدراء الأديان والمقدسات، وخطابات الكراهية والتكفير، كما يحظر أشكال التمييز على أساس الدين أو العقيدة أو الطائفة أو المذهب أو الأصل أو العرق أو اللون، ويضع عقوبات مشدّدة لذلك.
ويجرم القانون الجديد كل قول أو فعل يدعو إلى إثارة الفتن والنعرات أو استغلال الدين.
مركز "صواب"
وفي عام 2015، أنشأت دولة الإمارات العربية المتحدة، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية، مركز "صواب"، وهو مبادرة تفاعلية للتراسل الإلكتروني، تعمل على دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد التطرف والإرهاب.
ويُسخّر المركز وسائل الاتّصال والإعلام الاجتماعي على شبكة الإنترنت، من أجل تصويب الأفكار الخاطئة ووضعها في منظورها الصحيح، مع إتاحة مجال أوسع لإسماع الأصوات المعتدلة والمتعقّلة، والتي غالباً ما تضيع وسط ضجيج الآراء المغلوطة المُروّجة من دعاة الفكر المتطرّف.
ويتعاون المركز مع حكومات دول المنطقة والعالم، بما فيها 63 بلداً مشاركاً ضمن التحالف الدولي ضدّ التطرّف.
ويعمل أيضاً مع عامة الناس، المؤسسات، الشركات والشباب، لدحض الكراهية والتعصب، وإبراز القيم الحقيقية للإسلام، التي تقوم على الاعتدال والتسامح والانفتاح.
البرنامج الوطني للتسامح
اعتمد مجلس الوزراء الإماراتي، في يونيو/ حزيران 2016، البرنامج الوطني للتسامح، بهدف إظهار صورة الاعتدال الحقيقية واحترام الآخر، ونشر قيم السلام والتعايش، إذ يرتكز البرنامج على 7 أركان رئيسة وهي: الإسلام، الدستور الإماراتي، إرث زايد والأخلاق الإماراتية، المواثيق الدولية، فضلاً عن الآثار والتاريخ، الفطرة الإنسانية، والقيم المشتركة.
ويُطبّق البرنامج الوطني للتسامح من خلال فرق عمل يتم تشكيلها بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
وتعمل الفرق ضمن 5 محاور رئيسة، تتمثّل في تعزيز دور الحكومة كحاضنة للتسامح، وترسيخ دور الأسرة المترابطة في بناء المجتمع، وتعزيز التسامح لدى الشباب ووقايتهم من التعصب والتطرف، إلى جانب إثراء المحتوى العلمي والثقافي، والمساهمة في الجهود الدولية لدعم التسامح وإبراز دور الدولة الرائد في هذا المجال.
تتضمن البادرة أيضاً كثيراً من المبادرات، منها تخصيص أسبوع للتسامح سنويًا، وإنشاء مركز الإمارات للتسامح، وبرنامج المسؤولية التسامحية للمؤسسات.
وزارة التسامح
استحدثت دولة الإمارات منصب وزير دولة للتسامح، في شهر فبراير/ شباط 2016، أثناء إعلان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، عن التشكيل الوزاري الـ12.
وتستهدف الوزارة دعم موقف الدولة نحو ترسيخ قيم التسامح، والتعددية، والقبول بالآخر فكريًا وثقافيًا وطائفيًا ودينياً.
المعهد الدولي للتسامح
في يونيو/ حزيران عام 2017، أصدر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، قانونًا بإنشاء المعهد الدولي للتسامح، هو الأول من نوعه في المنطقة.
ويشمل إطلاق "جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للتسامح"، كما يرمي إلى بث روح التسامح، وبناء مجتمع متلاحم، ومكافحة التطرّف ومظاهر التمييز بين الناس بسبب الدين أو الجنس أو العرق أو اللون أو اللغة.
ويُكرّم الفئات والجهات التي تسهم في إرساء قيم التسامح وتشجيع الحوار بين الأديان، إذ يوجه المعهد نشاطه إلى تأهيل قيادات وكوادر عربية شابة تؤمن بقيمة التسامح والانفتاح، والحوار بين الأديان والثقافات.