أسعار الفائدة والدولار.. هل اقترب الاقتصاد العالمي من "حلقة الموت"؟
تستخدم دول العالم عملة الدولار في المقام الأول، كعملة مدفوعات رئيسية لتجارة السلع والخدمات.
إحدى أكثر الضرائب كلفة على تبني الدولار الأمريكي كعملة عالمية من جانب الاقتصادات، ويتحكم بها بنك مركزي لدولة واحدة، هو ارتفاع التكاليف الناجمة عن قوة الدولار.
نفذ الفيدرالي الأمريكي هذا العام 4 زيادات متتالية على أسعار الفائدة، ليصل إلى نطاق 2.25% - 2.50%، هذه الزيادة قادت الدولار للارتفاع من جهة، وزيادة كلفة الحصول عليه من جهة أخرى.
ماذا يعني ذلك؟.. الدولار الأمريكي ليس متوفرا في كافة دول العالم، بعضها يجهد لتوفير حاجته من النقد الأجنبي، والبعض الآخر يقترض للحصول عليه، وآخرون لديهم فوائض مرتفعة من الدولار.
- الدولار الأمريكي يتجاوز 19 جنيها مصريا.. عودة ذكريات التعويم
- نزوح الدولار من روسيا.. فرصة تاريخية لليوان نحو أداء استثنائي
تستخدم دول العالم عملة الدولار في المقام الأول، كعملة مدفوعات رئيسة لتجارة السلع والخدمات، وكلما كان الدولار قويا، كانت كلفته على الاقتصادات أعلى، لأنها تقوم بشراء السلع بالدولار، وتبيعها بعملاتها المحلية.
في هذه الحالة، يتحمل المستهلك النهائي، أية فروقات إضافية في سعر الصرف، كما يتحمل المستهلك أسعار الفائدة التي تدفعها الدولة مقابل اقتراض الدولار لشراء السلع المباعة في الأسواق المحلية.
على سبيل المثال، حصول بلد مثل لبنان على قرض لتوفير الحبوب والوقود بقيمة مليار دولار وفائدة 200 مليون دولار، فإن الحكومة ستقل أصل القرض وقيمة الفائدة على السعر النهائي للسلع المستوردة، وبالتالي تكون بالمحصلة نسبة تضخم إضافية.
هذه الدوامة، تقود بشكل أو بآخر إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات، خاصة في الاقتصادات الناشئة والنامية والفقيرة، ذات الدخل المحدود، ووفرة النقد الأجنبي المتذبذبة من شهر لآخر.
في لبنان وبعدها سريلانكا، عجزت الحكومتان عن توفير النقد الأجنبي اللازم للاستيراد، نجم عنه تضخم مرتفع بسبب زيادة أسعار السلع وشحها في الأسواق، بينما بدأ مستوردون يبحثون عن الدولار بطرق أخرى وبكلفة أعلى.
وفق بيانات منظمة التجارة العالمية، فإن 86% من التجارة حول العالم تتم بعملة الدولار الأمريكي، بينما 55% من إ جمالي احتياطات الدول حول العالم بعملة الدولار، وهنا يظهر وزن الدولار في المعاملات بين الدول.
ولتجنب التكاليف الباهظة للدولار القوي ذو أسعار الفائدة المرتفعة، تبحث اقتصادات مثل الصين والهند وتركيا وروسيا، عن تبادل تجاري بعملات محلية بعيدا عن الدولار، لتجنب تكلفته المرتفعة، ولتجنب إرهاق احتياطات النقد الأجنبي.
في المقابل، لا تستطيع دول العالم حاليا، الانفكاك عن الدولار الأمريكي كعملة أولى أو ثانية، بسبب الاعتماد الكبير عليه في مختلف المعاملات التجارية.
حتى العملات المشفرة، فإن تحويلها يتم في الغالب بعملة الدولار أو اليورو، بنسبة تتجاوز 75% من إجمالي عمليات "تكييش أو تسييل" العملات المشفرة.
أمام هذا النظام المالي العالمي، فإن الاقتصادات بحاجة إلى درجة كبيرة من الاكتفاء الذاتي لتجنب أية مدفوعات بعملة الدولار، وهي حالة لا تتوفر اليوم حتى في الصين، التي تعتمد على الدولار في 60% من تجارتها الخارجية.