تركيا تتخبط بعد "انفلات" التضخم.. وخبراء يؤكدون رفع أسعار الفائدة حتمي
هل يقوم البنك المركزي التركي في المرحلة القادمة برفع أسعار الفائدة، في محاولة لكبح جماح التضخم الذي سجل مستويات هي الأعلى في 15 عاما؟
خطة جديدة لجأت إليها تركيا في محاولاتها؛ لمواجهة التضخم الذي وصل إلى أعلى معدلاته منذ 15 عاما، على وقع انهيار الليرة وتراجع مؤشرات الاقتصاد بسبب الممارسات الخاطئة لأردوغان.
وعلى خلفية ذلك، قالت جريدة زمان التركية، إن السلطات في تركيا أصدرت قرارا بإقالة نائب رئيس هيئة الإحصاء أنور تاشتي، المسؤول عن إعداد تقارير وبيانات التضخم التركية.
ارتفع تضخم أسعار المستهلكين في تركيا إلى أعلى مستوياته منذ وصول رجب طيب أردوغان إلى السلطة قبل 15 عاما، مما حفَّز على المطالبة برفع أسعار الفائدة للحد من الأسعار.
وواصل معدل التضخم الصعود للشهر السادس إلى 24.5% في سبتمبر/أيلول 2018، مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، وهو ما تجاوز كل التوقعات بما فيها مسح وكالة بلومبرج والذى توقع 21.1%.
وقفز المعدل الشهري للتضخم 6.3% مدفوعا بقفزة عريضة نتجت عن انهيار الليرة، وألقى وزير الخزانة والمالية بيرات البيرق باللائمة على المضاربين، متمنيا أن يتوقف التضخم عن التسارع في أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
من ناحيته حاول وزير المالية والخزانة التركي، بيرات البيرق، في كلمة له خلال اجتماع تشاوري للحزب الحاكم في تركيا، أن يبرر التدهور الاقتصادي قائلا: "إن الخطة الاقتصادية الجديدة على المدى المتوسط، المرتكزة على 3 قواعد رئيسية، هي "التوازن والانضباط والتغيير"، وخصوصا أن "مرحلة التوازن" قد بدأت تؤتي ثمارها".
ووفقا للبيانات الرسمية المعلن عنها، تجاوزت تركيا جارتها إيران في معدلات التضخم، وأصبحت تحتل المرتبة الثانية عالميا بعد الأرجنتين من حيث أعلى الدول النامية في معدلات التضخم.
ويُعد فقدان الليرة التركية لنحو 40% من قيمتها أمام الدولار هذا العام، وارتفاع أسعار النفط من الأسباب المهمة للزيادة القياسية في معدلات التضخم، والتي تجاوزت التوقعات الحكومية.
تقرير التضخم يوم الأربعاء وضع الحكومة التركية في مأزق، ورفع البنك المركزي تكاليف الاقتراض الشهر الماضي إلى أعلى مستوى له منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، إلا أن الأسعار تكتسب أسرع وتيرة لها منذ يونيو/حزيران 2003.
وبالنظر إلى نفور البنك المركزي من ارتفاع أسعار الفائدة ووجود تباطؤ واضح في الاقتصاد، فإن البنك لا يملك مجالا كبيرا للتحرك ضد المزيد من الارتفاع المفاجئ في الأسعار، ولكن مع خسائر الليرة المستمرة، فإن الأسوأ ربما يكون لم يأت بعد، إذا لم تكن قرارات المركزي تتمتع بالاستقلالية بعيدا عن ضغوط أردوغان.
وضعفت الليرة بنسبة 1.6% بعد صدور بيان التضخم، وكان يتم تداولها تداول بانخفاض 0.8% عند 6.0330 للدولار في الساعة 11:40 صباحا في إسطنبول. ويبلغ معدل التضخم 5 أضعاف الهدف الذي حدده البنك المركزي بنسبة 5٪، وتقريبا ضعف توقعاته في 2018.
وقال المحلل نايجل رينديل في شركة "ميدلي جلوبال أدفايزرز" في لندن، إن رقم التضخم كان صادما. وأضاف أن "معدلات الفائدة 24% قد توفر بعض الحماية المؤقتة للوضع المتأزم في تركيا".
وأوضح إنان دمير، الخبير الاقتصادي في نومورا إنترناشيونال في لندن: "إن ارتفاع التضخم سيئ للغاية لدرجة أنه يبدو حقا مثل تركيا في عصورها القديمة قبل التطور".
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن المحلل الاقتصادي زياد داوود كبير المحللين الاقتصاديين في شؤون الشرق الأوسط والتابع لمؤسسة "بلومبرج إيكونوميكس" القول إن الزيادة في معدل التضخم كانت مفاجئة في حجمها، وهو ما قد يدفع البنك المركزي إلى زيادة الفائدة مجددا خلال اجتماعه المقبل المقرر يوم 25 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وتجدر الإشارة إلى أن التضخم السنوي يفوق الآن معدل توقعات البنك المركزي التركي بنسبة 50%، مما يستدعي رفع سعر الفائدة مجددا، وفقا لآراء الخبراء.
وتأتي بيانات التضخم الأخيرة لتزيد الضغوط على صناعة السياسة النقدية في تركيا، خاصة بعد قرار زيادة أسعار الفائدة مؤخرا لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ نحو 20 عاما.