الطاقة المتجددة والأمن القومي الأمريكي.. معركة تصدم المناخ
أعلنت وزارة الداخلية الأمريكية تعليق أعمال البناء في جميع مشاريع طاقة الرياح البحرية قيد التنفيذ.
الخطوة غير المسبوقة أثارت جدلًا سياسيًا واقتصاديًا واسعًا، لا سيما في أوساط قطاع الطاقة النظيفة. وبحسب ما أوردته صحيفة "بوليتيكو"، بررت الوزارة القرار بوجود مخاوف تتعلق بالأمن القومي، مشيرة إلى الحاجة لإعادة تقييم تأثير هذه المشاريع على المصالح الدفاعية والعسكرية للولايات المتحدة.
والقرار، الذي صدر في 22 ديسمبر/كانون الأول 2025، يشمل عددًا من أكبر مشاريع الرياح البحرية على الساحل الشرقي، والتي كانت قد حصلت بالفعل على تصاريح فدرالية وبدأت مراحل متقدمة من التنفيذ. ووفقًا للتقرير، أكدت وزارة الداخلية أن التعليق يهدف إلى منح الحكومة وقتًا إضافيًا لدراسة المخاطر المحتملة المرتبطة بتلك المشاريع، بالتنسيق مع وزارة الدفاع ووكالات الأمن القومي.
ونقلت "بوليتيكو" عن مسؤولين في الإدارة أن أحد أبرز مصادر القلق يتمثل في احتمال تداخل توربينات الرياح مع أنظمة الرادار والمراقبة العسكرية، وهو ما قد يؤثر على القدرة التشغيلية للقواعد والمنشآت الدفاعية الساحلية. وأشار هؤلاء إلى أن حركة شفرات التوربينات الضخمة قد تخلق تشويشًا على الرادارات، ما يستدعي مراجعة شاملة قبل السماح باستكمال البناء.
انتقادات حادة
لكن القرار قوبل بانتقادات حادة من جانب مسؤولين محليين وديمقراطيين في الكونغرس، الذين أكدوا -بحسب "بوليتيكو"- أن مشاريع الرياح البحرية خضعت بالفعل لسنوات من المراجعات البيئية والأمنية، بما في ذلك مشاورات مع وزارة الدفاع خلال مراحل الترخيص الأولى. واعتبر منتقدو القرار أن تعليق المشاريع بعد بدء تنفيذها يبعث برسالة سلبية إلى المستثمرين ويقوض الثقة في استقرار السياسات الفيدرالية.
من جانبها، حذرت شركات الطاقة المتضررة من أن وقف الأعمال سيؤدي إلى خسائر مالية كبيرة وتأخير في تحقيق أهداف الولايات المتحدة المتعلقة بالتحول إلى الطاقة النظيفة، فضلًا عن تأثيره المحتمل على آلاف الوظائف المرتبطة بسلاسل التوريد والبناء والخدمات البحرية. وأشارت الصحيفة إلى أن بعض الولايات الساحلية كانت تعول على هذه المشاريع لتعزيز أمن الطاقة على المدى الطويل.
وسياسيًا، يعكس القرار تصاعد التوتر بين الإدارة الحالية وقطاع الطاقة المتجددة، في وقت تشهد فيه البلاد نقاشًا محتدمًا حول أولويات الأمن القومي مقابل التزامات مكافحة تغير المناخ. ووفقًا لتحليل "بوليتيكو"، قد يؤدي هذا التعليق إلى تعطيل مفاوضات أوسع في الكونغرس بشأن إصلاح نظام تصاريح مشاريع البنية التحتية والطاقة.
وفي ظل غياب جدول زمني واضح لرفع التعليق، يبقى مستقبل مشاريع الرياح البحرية الأمريكية محل تساؤل، وسط مخاوف من أن يتحول هذا الإجراء المؤقت إلى سابقة تنظيمية تعيد رسم ملامح الاستثمار في الطاقة النظيفة داخل الولايات المتحدة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز