اليوم العالمي للتنوع البيولوجي.. الإمارات حصن الطبيعة
في الثاني والعشرين من شهر مايو/أيار من كل عام، يحتفل العالم باليوم الدولي للتنوع البيولوجي.
ويعتبر التنوع البيولوجي النسيج الحي الذي يشكل كوكبنا. فهو الذي يحدد عافية الإنسان في الحاضر كما في المستقبل، وعليه فإن التراجع السريع الذي يصيبه من شأنه أن يشكل خطرا على الطبيعة والبشر على حد سواء.
وحسبما جاء في التقارير التي صدرت عام 2018 من قبل المنتدى الحكومي الدولي للعلوم والسياسات المعني بالتنوع البيولوجي وخدمات النُّظم الإيكولوجية (IPBES)، فإن العوامل العالمية المسببة لخسارة التنوع البيولوجي تتمثل بالتغير المناخي وانتشار الأنواع الغازية، والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية والتلوث والتوسع الحضري.
ومن أجل الحد من هذا التراجع أو ربما عكس نتائجه فقد بات من الضروري إجراء تغيير على الدور الذي يلعبه الأفراد وممارساتهم وعلاقاتهم مع التنوع البيولوجي.
وهناك العديد من الحلول المطروحة لوضع نهاية للتدهور الحاصل على التنوع البيولوجي، إذ استطاعت اليونسكو من خلال شبكاتها على مختلف أشكالها وبرامجها وشركائها رصد بذور تغيير ملهمة وإيجابية حول العالم.
هذا هو الوقت للتحرك من أجل التنوع البيولوجي، إذ أعلنت الأمم المتحدة 22 مايو/أيار اليوم العالمي للتنوع البيولوجي من أجل تقديم فهم أوسع ومعرفة أعمق بالقضايا المتعلقة بالتنوع البيولوجي.
وتسطع دولة الإمارات كنموذج ملهم في ضمان استدامة النُّظم الإيكولوجية والحفاظ على التنوع البيولوجي.
- «مركز محمد بن زايد - جوكو ويدودو لأبحاث القرم» في إندونيسيا.. ركيزة للاستدامة المناخية والبيئية
- هيئة البيئة-أبوظبي تنتهي من زراعة 10 أشجار قرم لكل زائر من زوار COP28
تعزيز التنوع البيولوجي.. ركيزة وأولوية إماراتية
من جانبها، أكدت الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة أن تعزيز التنوع البيولوجي ركيزة رئيسية لجهود استعادة الطبيعة الأم والنظام الإيكولوجي، ما يعزز مساعي دولة الإمارات في مواجهة التغيرات المناخية من خلال الحلول القائمة على الطبيعة، والحفاظ على البيئة، وتحقيق التنمية المستدامة في كل القطاعات.
وقالت: "ينطلق اليوم الدولي للتنوع البيولوجي هذا العام تحت شعار (كن جزءاً من الخطة) لدعوة كافة الشركاء لوقف فقدان التنوع البيولوجي. ويواكب هذا الشعار توجه دولة الإمارات في إشراك جميع الجهات المعنية والقطاع الخاص في الجهود ذات الصلة، مع منح أولوية أكبر لكل أفراد المجتمع ليكونوا جزءاً من العمل والتغيير وقيادة المسار نحو العودة لأحضان الطبيعة الأم التي تمثل حاضرنا ومستقبلنا".
وأضافت: "تمثل الطبيعة خط الدفاع الأول لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دولة الإمارات والعالم، لما لها من أهمية كبرى في الحفاظ على الموارد الطبيعية والتوازن البيئي ومواجهة آثار التغيرات المناخية. لذلك يعد فقد التنوع البيولوجي تهديداً حقيقياً للإنسان وكوكب الأرض. شهد العالم انخفاض هائل في أعداد الحياة البرية بمعدل 69% خلال الخمسين عامًا الماضية وذلك نتيجة مباشرة لإزالة الغابات وعمليات التصحر، كما تسببت الأنشطة البشرية في تغيير طبيعة أكثر من 70% من جميع الأراضي الخالية من الجليد على سطح الأرض، ما يهدد فقدان المزيد من الحياة البرية ومواجهتها المزيد من خطر الانقراض".
وأضافت: "إن تعزيز التنوع البيولوجي أولوية قصوى للإمارات، حيث تحتضن الدولة 49 منطقة محمية تزخر بالتنوع البيولوجي والكائنات المهددة بالانقراض، كما تولي دولة الإمارات أهمية خاصة لزيادة غابات القرم لما لها من دور كبير كخزانات طبيعية للكربون ودورها في حماية البيئة الساحلية، من خلال التعهد بزراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030 ضمن جهودها لمواجهة التغير المناخي وتعزيز التنوع البيولوجي".
واختتمت: "كان للتنوع البيولوجي أولوية خاصة في أجندة مؤتمر الأطراف COP28 الذي اختتم باتفاق الإمارات التاريخي الذي أكد على الدور الحاسم للطبيعة والنظم البيئية في الاستراتيجية العالمية لمواجهة تغير المناخ، وذلك ضمن قرار الاستجابة للحصيلة العالمية الذي ركّز على أهمية التكامل بين الطبيعة والتنوع البيولوجي في مواجهة تحديات المناخ. بالإضافة إلى ذلك أقر المؤتمر "البيان المشترك لـ COP28بشأن المناخ والطبيعة والإنسان" وحصل على دعم 18 دولة و11 شراكة للتنوع البيولوجي، كما وصلت الإسهامات المالية خلال الحدث الكبير إلى 2.6 مليار دولار في مجال حماية الطبيعة".
إرث طويل من العمل الوطني.. وريادة عالمية
حظيت قضية التنوع البيولوجي (المحافظة على الحياة الفطرية وتنميتها) باهتمام بالغ ومبكر في دولة الإمارات العربية المتحدة، تعكسه الجهود الضخمة التي بذلتها الدولة وما حققته من إنجازات هامة في هذا المجال، بدءاً بسن التشريعات ومراقبة تطبيقها، مروراً بإنشاء المناطق المحمية والتوسع فيها، وانتهاءً بالمحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض وإكثارها وإعادة توطينها في مناطق انتشارها الطبيعية.
لقد اهتمت دولة الإمارات بالحفاظ على التنوع البيولوجي بمختلف صوره، مستندة إلى إرث طويل من العمل الوطني بدأه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، "طيب الله ثراه"، وواصلت الدولة جهودها في هذا السياق، من خلال منظومة تشريعية متكاملة، وإطلاق حزمة من المبادرات والخطط الاستراتيجية، وإنشاء المناطق المحمية والتوسع فيها، والمحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض وإكثارها، إضافة إلى التوقيع على العديد من الاتفاقيات الإقليمية والدولية التي تعزز التنوع البيولوجي وتحافظ عليه، بما يضمن تحقيق الاستدامة البيئية، وإيجاد مستقبل أفضل للأجيال الحالية والقادمة.
ونتيجة حتمية لجهود دولة الإمارات الحثيثة في المحافظة على التنوع البيولوجي على مدار السنوات الماضية، تصدرت الإمارات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الترتيب العام لتقرير "مؤشر الأداء البيئي 2022" الصادر عن جامعة ييل، الذي يرصد الأداء البيئي لـ 180 دولة، حيث حصدت المركز الأول عالمياً في مؤشرات المحميات البحرية، وخدمات النظام الإيكولوجي، وقلة انحسار الأراضي الرطبة، والمركز الأول إقليمياً والثالث عالمياً في مؤشر حيوية النظام البيئي، والمركز الأول إقليمياً في مؤشر التنوع البيولوجي والموائل الطبيعية.
وتولي الإمارات أهمية كبيرة لإطلاق مبادرات طموحة وإيجابية لحفظ التنوع البيولوجي، باعتبارها تمثل حلولاً ملموسة يحتاجها العالم للتخفيف من ظاهرة التغير المناخي.
وتتمتع دولة الإمارات، بمجموعة من الأنظمة الإيكولوجية والمواطن الطبيعية والكائنات البرية والمائية، التي تشكل تنوعاً بيولوجياً متكيفاً مع البيئات والظروف المناخية، وبناءً عليه اتخذت الدولة عدة إجراءات للمحافظة على هذا التنوع البيولوجي، إلى جانب تنفيذ مجموعة واسعة من البرامج والمبادرات الخاصة، وذلك في سياق الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر، والاستراتيجية الوطنية لاستدامة البيئة البحرية والساحلية، وغيرها.
وتهدف الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي بصورة رئيسية إلى التصدي للأسباب الكامنة وراء فقدان التنوع البيولوجي عن طريق دمج قيم التنوع البيولوجي في جميع قطاعات الدولة، وخفض الضغوط المباشرة على التنوع البيولوجي وتعزيز الاستخدام المستدام، وتحسين حالة التنوع البيولوجي عن طريق صون النظم الإيكولوجية والأنواع والتنوع الوراثي، وتعزيز المنافع للجميع من التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، بالإضافة إلى تعزيز التنفيذ من خلال التخطيط التشاركي وإدارة المعارف وبناء القدرات.
وانطلاقاً من أهمية مكافحة التصحر في حفظ التنوع البيولوجي، أعدت وزارة التغير المناخي والبيئة بالتعاون والتنسيق مع شركائها الاستراتيجيين، أول استراتيجية وطنية لمكافحة التصحر في العام 2003، وتم تحديثها وتطويرها في العام 2014، كما اعتمد مجلس الوزراء العام الجاري الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر 2022 – 2030، والتي تتضمن 33 مبادرة رئيسية قصيرة وطويلة المدى، وأجندة عمل وطنية حتى العام 2030.
وخلال فعاليات مؤتمر الأطراف COP28، اعتمدت دولة الإمارات الإطار العام لاستراتيجية التنوع البيولوجي 2031 والتي تعمل على رصد وحماية النظم الطبيعية واستدامتها ورفع كفاءة كوادرنا الوطنية في هذا المجال.
فيما حظيت البيئة البحرية والساحلية في دولة الإمارات باهتمام كبير، وتعددت المبادرات لحماية البيئة البحرية وثرواتها، ومن أبرزها الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البيئة البحرية والساحلية التي تهدف إلى زيادة مستوى الوعي بمفاهيم البيئة البحرية والساحلية، وإدماج هذه المفاهيم في عمليات التخطيط وصنع القرار، والاهتمام بالممارسات والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية البحرية في تطوير السياسات والتشريعات المحلية والوطنية، بالإضافة إلى تحسين حالة التنوع البيولوجي عن طريق حماية الموائل والأنواع والتنوع الوراثي، وتأهيل الأنظمة البيئية الساحلية المتدهورة، وزيادة نسبة المناطق الساحلية والبحرية المحمية، وإنشاء شبكة للنظم الإيكولوجية وإدارتها بصورة فعالة.
وتتعدد جهود دولة الإمارات على صعيد حماية وتعزيز التنوع البيولوجي، بما في ذلك إنشاء المحميات الطبيعية والتوسع فيها، حيث تحتضن دولة الإمارات 49 محمية طبيعية، تمثل نحو 15.53% من إجمالي مساحة الدولة، وتنقسم هذه المحميات إلى 16 محمية بحرية تمثل نحو 12.01% من المناطق البحرية والساحلية، و33 محمية برية تمثل 18.4% من المناطق البرية في الدولة.
وفي إطار مبادراتها للحفاظ على التنوع البيولوجي وحماية الأنواع المهددة بالانقراض، أولت دولة الإمارات برامج إكثار الأنواع المهددة بالانقراض أهمية بالغة، حيث نجحت الدولة في توفير مراكز الإكثار ذات السمعة المرموقة على الصعيدين المحلي والعالمي، كما أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة العام الماضي القائمة الحمراء الوطنية للأنواع المهددة بالانقراض، والتي تضم تقييماً شاملاً لحالة الأنواع في البيئة المحلية للدولة.
وعبر جهودها في مسيرة العمل العالمي لحماية التنوع البيولوجي، انضمت دولة الإمارات عام 1990 إلى اتفاقية تنظيم الإتجار بأنواع النباتات والحيوانات المهددة بالانقراض (CITES)، تبعها عام 1998 الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر(UNCCD)، كما انضمت الدولة عام 2000 إلى الاتفاقية الدولية المتعلقة بالتنوع البيولوجي (CBD) وبروتوكولاتها الخاصة بالسلامة الأحيائية من الموارد المحورة وراثياً ، وبروتوكول التقاسم العادل الناشئ عن الموارد الوراثية، والاتفاقية الخليجية للمحافظة على الحياة البرية عام 2004، إضافةً إلى ذلك انضمت الدولة إلى الاتفاقية الدولية للأراضي الرطبة عام 2007، والمعاهدة الدولية للأنواع المهاجرة عام 2018، والاتحاد الدولي لصون الطبيعة عام 2020، وغيرها من التحالفات العالمية.
aXA6IDMuMTQ3LjYyLjUg جزيرة ام اند امز