اليوم الدولي للسلام.. مبادرات إماراتية تنير تاريخ الإنسانية

«من أجل عالم يسوده السلام».. تتواصل مبادرات الإمارات العابرة للحدود والقارات لنشر السلام والوئام والتسامح حول العالم.
جهود ومبادرات يستذكرها العالم بامتنان وتقدير، وهو يحتفل باليوم الدولي للسلام، الذي أقرته الأمم المتحدة يوم 21 سبتمبر/أيلول.
يحل احتفال هذا العام 2025، تحت شعار " اعملوا الآن من أجل عالم يسوده السلام"، في وقت تتواصل فيه جهود الإمارات لتطبيق هذا الشعار على أرض الواقع.
مبادرات تاريخية
جهود ومبادرات إماراتية يسجلها تاريخ الإنسانية بأحرف من نور لإسهامها في نزع فتيل أزمات عدة حول العالم، ونشر السلام والتسامح وتعزيز الاستقرار والازدهار في أرجاء المعمورة.
فقبل شهرين، استضافت الإمارات في 10 يوليو/تموز الماضي، قمة أذرية - أرمينية، قادت إلى إنهاء خلاف دام 4 عقود بين البلدين الواقعين في جنوب القوقاز، وإتمام السلام بينهما، الأمر الذي يجسد العلاقات القوية التي تجمع الإمارات بالبلدين والثقة الدولية المتنامية في الإمارات وقيادتها كوسيط داعم لتحقيق السلام في المنطقة والعالم.
ورحّبت دولة الإمارات 9 أغسطس/آب الماضي بإعلان جمهورية أذربيجان وجمهورية أرمينيا التوصّل إلى اتفاق سلام تاريخي برعاية أمريكية، مثمنة هذه الخطوة التي تعد إنجازا دبلوماسيا مهما يُجسد انتصار الحوار ويكرّس مبادئ حسن الجوار والتعايش السلمي.
جاء هذا الإنجاز، فيما تتواصل جهود الإمارات لإنهاء الأزمة الأوكرانية، الأمر الذي توج بنجاحها في إبرام 17 وساطة لتبادل الأسرى منذ مطلع عام 2024 ، كان أحدثها في 24 أغسطس/آب الماضي، تم بموجبها إطلاق 4592 أسيرا، وهو رقم كبير يجسد إنجازا دبلوماسيا وإنسانيا غير مسبوق في أزمة تشهد تصعيدا متواصلا بين طرفيها.
وساطات متتالية نجحت في إبرامها دولة الإمارات لتثبتت من خلالها أنها لم تكن فقط مجرد وسيط محايد، بل صانعة فرص سلام، لتؤكد أن الدبلوماسية النابضة بالإنسانية قادرة على اختراق جدران الحرب.
أيضا تأتي الوساطات في وقت تتبادل فيه روسيا وأوكرانيا الهجمات، لتبقي تلك الوساطة نافذة أمل لإنهاء تلك الأزمة دبلوماسيا في ظل تلك الأجواء المشحونة.
جهود متواصلة في السودان
جهود الإمارات لإحلال السلام في العالم تتواصل حاليا للدفع بحل سياسي للأزمة في السودان، وقبل أيام أصدر وزراء خارجية دولة الإمارات والسعودية ومصر وأمريكا بيانا مشتركا بشأن استعادة السلام والأمن في السودان، أكدوا فيه التزامهم باستعادة السلام وإنهاء معاناة الشعب السوداني، واستعدادهم للتعاون مع الدول والمؤسسات الإفريقية، والعربية، والأمم المتحدة، والشركاء الدوليين، لتحقيق هذه الغايات.
ودعمت الإمارات كافة الجهود الهادفة إلى دفع مبادرات السلام الخاصة بالسودان قدماً.
وعلى مدار أكثر من عامين من عمر الأزمة، شكّلت المبادرات والمساعدات الإماراتية، التي بلغت 680 مليون دولار، طوق نجاة لملايين المتضررين، حيث بلغ عدد المستفيدين المباشرين من تلك المساعدات ما يزيد على مليوني شخص، وسط جهود متواصلة لضمان وصول المساعدات إلى 30 مليون سوداني يواجهون خطر المجاعة، بينهم أطفال ونساء.
وبمساعداتها خلال الأزمة، يرتفع إجمالي مساعدات الإمارات للسودان على مدار السنوات العشر الماضية إلى أكثر من 3.5 مليار دولار.
القضية الفلسطينية
كذلك تحل تلك المناسبة، فيما تتواصل جهود الإمارات لحماية الحقوق الفلسطينية والدفع بحل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل.أيضا تواصل دولة الإمارات جهودها الإنسانية في قطاع غزة، وتمضي في إطار دبلوماسيتها الحكيمة وعلاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة من أجل إيجاد حل يضمن وقف الحرب والعودة إلى الاستقرار في القطاع وما يتبع ذلك من ترتيبات سياسية وإنسانية.
السلام في أفريقيا
ومع كل جهد إماراتي لدعم السلام والاستقرار، يستذكر العالم بامتنان وتقدير نجاح وساطة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لنزع فتيل أطول نزاع في أفريقيا بين إثيوبيا وإريتريا، في يوليو/تموز 2018، الأمر الذي أسهم في إرساء علاقات استقرار في المنطقة واحترام حسن الجوار.
وعلى صعيد دعمها لأي مبادرة لدعم الاستقرار السلام في القارة السمراء، أعربت دولة الإمارات في بيان أصدرته 28 يونيو/حزيران الماضي عن ترحيبها العميق بتوقيع جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا اتفاق السلام في واشنطن، مشيدة بأنه سيعزز السلم والأمن والاستقرار في القارة الأفريقية.
وجددت الإمارات التأكيد على نهجها الراسخ في تعزيز جسور الشراكة والحوار ودعمها لأي جهد يسهم في تعزيز الأمن والسلام والتنمية المستدامة في القارة.
مبادرات أممية
أيضا يسجل تاريخ الأمم المتحدة للإمارات عددا من المبادرات الرائدة لنشر السلام في العالم.
فمجلس الأمن الدولي الذي حظيت الإمارات بعضويته على مدار عامي 2022 و2023 كان شاهدا على جهودها المتواصلة لنشر الأمن والسلم الدوليين وتعزيز التسامح.
وقادت دولة الإمارات خلال رئاستها مجلس الأمن في يونيو/حزيران 2023، جهود اعتماد القرار التاريخي رقم 2686 بشأن التسامح والسلام والأمن الدوليين، الذي تضمّن لأول مرة إقراراً دولياً بوجود ارتباط بين خطاب الكراهية وأعمال التطرف والسلام والأمن الدوليين، كما حث القرار على نشر قيم التسامح والتعايش السلمي.
أيضا من أبرز المبادرات الرائدة التي تقودها دولة الإمارات لنشر السلام بالتعاون مع الأمم المتحدة، مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات" ، رئيسة الاتحاد النسائي العام ، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة ، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، لتمكين المرأة في السلام والأمن.
وأسهمت المبادرة في تدريب مئات النساء من العالم العربي وإفريقيا وآسيا على المهارات القيادية في مجالات الأمن وحفظ السلام.
وتُعد هذه المبادرة جزءاً من رؤية استراتيجية أوسع لتعزيز دور المرأة في صنع القرارات الأمنية والحفاظ على السلام المستدام.
وتعد الإمارات الدولة الأولى على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تمتلك برنامجا وطنيا لدعم تنفيذ الالتزامات العالمية بشأن المرأة والسلام والأمن مع إطلاقها في 2019 "مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن"، وذلك تنفيذا للقرار 1325 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تأكيداً على أهمية الدور الذي تلعبه المرأة في قطاعي السلام والأمن.
جوائز السلام
وفي إطار احتفائها بجهود الأفراد والكيانات التي تصب في مصلحة تعزيز السلام والتعايش السلمي، أطلقت دولة الإمارات العديد من الجوائز العالمية لهذا الهدف ومنها جائزة زايد للأخوة الإنسانية، وجائزة محمد بن راشد للتسامح، وجائزة محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمي، وجائزة الإمارات العالمية لشعراء السلام.
ولا ينسى العالم دور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في رعاية وثيقة "الأخوة الإنسانية"التي وقّعها قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية الراحل، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، يوم 4 فبراير/شباط 2019، وتحول يوم توقيعها ليوم عالمي للأخوة الإنسانية يٌحتفى به دوليا كل عام.
ووثيقة الأخوة الإنسانية تؤسس دستورا جديدا للتعايش السلمي يجمع الشرق بالغرب، يتضمن عدداً من الثوابت والقيم، منها قيم السلام وثقافة التسامح وحماية دور العبادة وحرية الاعتقاد ونشر الأخلاق ومفهوم المواطنة.
حفظ السلام.. جهود تاريخية
ومنذ عهد القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كرّست دولة الإمارات نفسها لاعبا أساسيا وشريكا هاما في إنجاح مبادرات السلام على المستوى الإقليمي والدولي وذلك انطلاقا من إرثها الإنساني ورسالتها الحضارية القائمة على إعلاء قيم المحبة والتسامح ونبذ التعصب
وخلال العقود الماضية شاركت الإمارات في عمليات لحفظ السلام في عدة مبادرات دولية، حيث شاركت في عام 1976 بقوة ضمن قوات الردع العربية في لبنان في محاولة لدرء مخاطر تفجر الحرب الأهلية وحفظ السلام.
وانطلاقا من وفاء دولة الإمارات بعهودها والتزاماتها المؤيدة لقضايا الحق والعدالة، شاركت الإمارات ضمن قوات درع الجزيرة في عملية تحرير الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي عام 1991 ضمن التحالف الدولي.
وترجمة لالتزام الدولة بمد يد العون لإعادة بناء ما دمرته الصراعات في الصومال واستقراره، أرسلت الإمارات عام 1993 كتيبة من القوات المسلحة إلى الصومال للمشاركة في "عملية إعادة الأمل" ضمن نطاق الأمم المتحدة بناء على قرار مجلس الأمن الدولي.
كما وقفت دولة الإمارات في عام 1994 بصورة واضحة إلى جانب البوسنة، بعدما تفجر الصراع بين البوسنيين والصرب، وأعربت للعالم عن قلقها العميق لما يجري للمسلمين في البوسنة.
وأقامت القوات المسلحة الإماراتية عام 1999 معسكرا لإيواء آلاف اللاجئين الكوسوفيين الذين شردتهم الحروب في مخيم "كوكس" بألبانيا، كما شاركت في عمليات حفظ السلام في كوسوفو.
وفي عام 1999 كانت الإمارات هي الدولة المسلمة الوحيدة التي قامت بإرسال قوات لتنضم إلى القوات الدولية لحفظ السلام في كوسوفو بموافقة قيادة حلف شمال الأطلسي.
وفي عام 2003 شاركت دولة الإمارات ضمن قوات حفظ السلام في أفغانستان "إيساف"، وبلغ عدد أفراد قواتها المسلحة المشاركة في القوة أكثر من 1200، حيث لعبت هذه القوات دورا حيويا في تأمين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني، فضلا عن قيامها بدور مواز في خطط إعادة الإعمار والحفاظ على الأمن والاستقرار هناك.
وبعد الأحداث التخريبية التي شهدتها البحرين ومحاولات التدخلات الخارجية في شؤونها في مارس/آذار 2011، شاركت دولة الإمارات بفاعلية ضمن قوات درع الجزيرة التي حافظت على أمن واستقرار ووحدة الشعب البحريني ودرأت عنه مخاطر الفتن المذهبية.
وانضمت دولة الإمارات إلى التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي في عام 2014، وشاركت بفاعلية في العمليات العسكرية الموجهة ضد عناصر هذا التنظيم في سوريا مع مجموعة من الدول العربية والأجنبية
على صعيد جهود مكافحة الإرهاب تتواصل جهود الإمارات محليا ودوليا في هذا الصدد، على مختلف الأصعدة.