التنظيم الدولي للإخوان.. خطط واستراتيجيات لكسر الحصار عبر «بوابة العنف»
"ثعبان يختبئ في حجر ينتظر الوقت المناسب للخروج وتوزيع اللدغات".. هذا هو ديدن التنظيم الدولي للإخوان الذي مني بهزائم لم تنقطع خلال العقد الماضي، لكنه لا يتوقف عن محاولة العودة من جديد.
وآخر محاولات التنظيم للعودة للمشهد، كشفت عنها مصادر مطلعة، أكدت أنّ التنظيم عقد اجتماعًا عبر تقنية زوم وبعض البرامج المشفرة بهدف مناقشة عدد من القضايا، على رأسها استغلال الأوضاع الإقليمية والاقتصادية للعودة عبر أساليب وطرق متعددة أبرزها «العنف».
- هل تأثر التنظيم الدولي بانقسام الإخوان؟. تقرير استخباراتي ألماني يجيب
- إرث إخوان مصر وأطماع التنظيم الدولي.. شهادة وفاة من الداخل
ويسعى التنظيم للعودة عبر محاولة استغلال الأوضاع الاقتصادية في مصر وإثارة الشارع، كما ناقش الاجتماع الذي حضره قيادات كبيرة بالتنظيم في إسطنبول والعاصمة البريطانية لندن وبعض ممثلي الأقطار الأخرى، بعض القضايا المتعلقة بما يجري في فلسطين ومصر.
وأكدت المصادر، أنّ "هذا الاجتماع هو الثاني بعد أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 حيث عقد اجتماعا آخر بعد الحرب في غزة ناقشوا فيه استراتيجية التنظيم خلال الفترة المقبلة وانعكاسات هذه الحرب على وجود التنظيم في عدد من البلدان العربية وغير العربية، وتوصل المجتمعون إلى ضرورة استمرار الجماعة في أنشطتها حتى سقوط النظام السياسي في مصر.
وبحسب المصادر فقد فاق عدد المجتمعين 50 عضوًا، سواء من الممثلين لما يُسمى بالإرشاد العالمي أو الشورى العالمي أو القيادات التي تم اختيارهم كبديل لإدارة التنظيم بعد إلقاء القبض على أعضاء مكتب الإرشاد في القاهرة، ومسؤولي بعض الملفات.
وأوضحت أنه "تم الإعداد للمؤتمر على مدار ثلاثة أيام من خلال لجنة تقنية قامت بإعداد أجهزة الكمبيوتر التي يدخل من عليها المجتمعون وتأمين عدم اختراقها".
اجتماع عن بُعد
واختار التنظيم حيلة الاجتماع عن بعد الذي عقد في نهاية الأسبوع الأول من رمضان، عبر تقنية زوم وبعض البرامج المشفرة، بعد التقارب المصري التركي والتضييق على أي أنشطة علانيّة للإخوان أو ما يُوثر على العلاقات المصرية التركية مستقبلًا.
كما رفض التنظيم عقد الاجتماع في العاصمة البريطانية لندن، بعد انتقال القائم بعمل المرشد الطبيب صلاح عبد الحق، للإقامة في تركيا، بعدما كان يُقيم سابقه، إبراهيم منير، في قلب العاصمة البريطانية لعقود.
كما أنّ جبهة إبراهيم منير، التي عقدت الاجتماع استشعرت الحرج والخطر في نفس الوقت من الدعوة لعقد الاجتماع في بريطانيا في ظل حالة من التوتر بين التنظيم والحكومة البريطانية على خلفية القرار المرتقب الذي يُلزم بوضع التنظيم على القوائم السوداء للإرهاب، وهو ما استلزم تعويض الاجتماع عبر تقنيات إلكترونية مشفرة عن بُعد.
سبل العودة للمشهد.. البداية مصر
وأقر المجتمعون أنّ الأوضاع السياسية والحروب التي ضربت العالم وأحداث غزة، كل هذه الأسباب باتت مهيئة لكسر الحصار الذي فرض على التنظيم في مصر وعدد من الدول الأخرى.
وركز هؤلاء في خطتهم على مصر، ظنًا منهم أن كسر الحصار المفروض عليهم في مصر سوف يُعطيهم قوة أكبر في بقية بلدان العام، وتحسين جزء من صورتهم التي اعتقدوا أنه تم تشويهها.
واعتبر المجتمعون أنّ "الوقت بات مناسبًا لتحريك بعض خلاياهم الخاملة، في ظل أوضاع اقتصادية يُعاني منها بعض الفقراء.
وأوصى بضرورة العودة للمشهد السياسي من خلال تقديم مواد إغاثة عينية، بهدف كسب ود بعض الأسر الفقيرة وغسل جزء من سمعة التنظيم حيث يراه قطاعات واسعة بأنه التنظيم الأخطر على أمن البلاد بسبب أهدافه التي يُحاول الوصول إليها من خلال ممارسة العنف.
كما طالب التنظيم الدولي من مسؤولي الأقطار الأخرى دعم أعضاء التنظيم في مصر، سواء بالتبرعات التي يستطيعون من خلالها العودة للمشهد السياسي في مصر عبر تقديم بعض المساعدات العينية للفقراء والمعدمين أو من خلال نشر المقالات والتدوينات على بعض الحسابات الشخصية وبعض وسائل الإعلام والتي تهدف إلى تشويه النظام السياسي في مصر، حتى تجد خلايا التنظيم هدفها بسهولة.
جدير بالذكر أنّ التنظيم في تركيا كان عازما على عقد إفطار رمضاني عام، يُعقد اجتماع التنظيم على هامشه إلا أنه تخلى عن الفكرة للأسباب السابق ذكرها، وبعدما تأكد فشل الهدنة بين حماس والفصائل الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية قبيل شهر رمضان مباشرة.
واعتبر أنّ "الإفطار أحد المظاهر الاحتفالية حيث تم التراجع عن تنظيم الإفطار في اللحظات الأخيرة، والاستعاضة عنه بالوجود الافتراضي لأعضاء التنظيم الدولي.
كسر الحصار وتحريك الجماهير
وفوض التنظيم الدولي قياداته بمصر في تحريك الجماهير دون الظهور في المشهد على الأقل في الشهور القليلة المقبلة خشية أنّ يتم إلقاء القبض عليهم.
كما أنّ الجماعة تحتاج إلى تمهيد ظهورها حتى لا يُؤثر ذلك على فاعلية الأهداف، وإعداد تقرير شهري يرصد ما تم تحقيقه والتواصل مع قيادات الخارج بشكل يومي لعرض تقرير آخر يتعلق بالتحديات أو المستجدات التي تحتاج إلى اتخاذ قرار سريع.
وأكد المجتمعون أنّ "الهدف المقدم على تحريك الجماهير هو كسر الحصار"، مؤكدين أنّ "تحريك الجماهير لن يكون إلا بعد كسر الحصار أو الدخول في مواجهة، وكلاهما مرتبط بما أقروه من ضرورة التحرك بهدوء حتى لا تنتبه الدولة لهم، وبالتالي يُحققوا أهدافهم".
«لجنة إشراف»
وشُكل التنظيم لجنة برئاسة السعدني أحمد، أحد قيادات جبهة إبراهيم منير والمشرف على أموال واشتراكات واستثمارات الإخوان، ومسؤول رابطة الإخوان في تركيا "أحد أشكال هياكل الإخوان التنظيمية المستحدثة بعد العام 2013".
وضمت عددًا من قيادات التنظيم صاحبة السلطة في أموال واستثمارات الإخوان، خاصة وأنّ التنظيم يُدرك أنّ التحدي الأهم والأبرز أمام الإخوان خلال الفترة المقبلة مالي، خاصة وأنّ الجماعة تسعى من خلال تقديم إعانات مادية ومالية لبعض الأسر الفقيرة إعادة تقديم نفسها من جديد.
وستقوم اللجنة المشكلة بتوفير الأموال اللازمة عبر تعزيزات مالية سيتم إرسالها من بعض الدول الأفريقية أو الأسيوية، خشية أنّ يتم رصدها وتعقب الأشخاص الذين تأتي عليهم التحويلات المالية.
كما أوصت اللجنة أعضاءها بالاعتماد على الأموال التي بحوزتهم في مصر حتى يتم إرسال التحويلات البنكية والمرجح أنّ تكون من خلال العملات المشفرة أو ما يُطلق عليه المال الأسود.
التوصيات وخطة المواجهة
وأوصى المجتمعون بعدم الدخول في خلاف على الأقل في الوقت الراهن مع جبهة محمود حسين ومحاولة توحيد الجهود من أجل العودة للمشهد السياسي وكسر الحصار المفروض عليهم وإزاحة النظام من السلطة عبر عدد من الفعاليات تنتهي بممارسة العنف، ولكن وفق طبيعة المرحلة وتعاطي المواطنين معهم.
واتفق التنظيم الدولي على عقد اجتماعين آخرين على الأقل خلال عام 2024 أحدهما في أغسطس/آب والآخر في ديسمبر/كانون الأول بهدف مناقشة التطورات الخاصة بمصر وفلسطين.
وكانت التوصية أنّ هذين الاجتماعين الهدف منهما إدخال تعديلات على الخطة بعد الاطلاع المفصل على ما جرى فيها، وأنه سوف يكون من خلال الحضور الفيزيائي عبر التقنيات المشفرة عبر شبكة المعلومات الدولية الإنترنت".
«المخزون الأيديولوجي»
كما أوصى التنظيم الدولي من خلال كلمة ألقاها القائم بعمل المرشد صلاح عبد الحق أعضاء التنظيم في القاهرة بضرورة الاهتمام بالجانب الروحي لأعضاء التنظيم، واصفًا، أنّ الجوانب الروحيّة لأعضاء التنظيم بمثابة المخزن المحرك له.
ووصف أزمة انكماش التنظيم بأنها "لم تكن بسبب مواجهته من قبل السلطات في مصر ولكن بسبب غياب ما سماه بـ«المخزون الروحي!».
كما أوصى عبد الحق في كلمته بالابتعاد عن مواطن الخلاف مع الجبهة الأخرى في التنظيم، جبهة محمود حسين، دون أنّ يسميها.
وأوضح أنّ "الأهم هو الاجتماع على هدف واحد، فالخلافات الجانبية تُعيق مسيرة التنظيم من تحقيق أهدافه واستراتيجياته التي ترمي للعودة إلى المشهد السياسي وإسقاط النظام الحالي من خلال عمليات العنف».
أهداف التنظيم
وترجم قيادات التنظيم الدولي الأهداف في عدة نقاط أهمها:
-العودة للدور الخدمي والدعوي ولكن بصورة متخفية دون الإعلان عن اسم التنظيم.
- البعد عن أي مظاهر خلاف سياسي أو الدخول في هذه المنطقة على الأقل الفترة الحالية.
- عدم تحريك أي مظاهرات أو الدخول في مواجهة مسلحة غير محسوبة، خاصة وأنّ الشارع ليس مع التنظيم.
-تأجيل أي خطط مواجهة إلا بعد كسر الحصار، بعدها لكل حادث حديث.
-تشكيل لجنة للمتابعة يرأسها مسؤول رابطة الإخوان والمعني بإدارة أموال التنظيم واستثماراته.
-رفع تقارير يومية وأسبوعية وشهرية، لمعالجة التحديات ومواجهة أي معوقات.
-تأجيل أي مواجهة مسلحة بعد 5 أشهر من تقييم المرحلة الحالية.
وكان التنظيم قد عقد اجتماعًا آخر في بداية عام 2023، ناقش فيه استراتيجيته الخاصة بمواجهة النظام السياسي في مصر، عبر عدد من الأنشطة بحيث تؤدي إلى تشويه النظام وإسقاط الدولة.
ووضع التنظيم اعتبارا لعدد من التحولات المهمة المرتبطة بالحروب والصراعات التي ضربت العام سواء في شرق أوروبا وتحديدًا في أوكرانيا منذ أكثر من عامين، أو الحرب الدائرة في السودان قبل عام أو الصراع في سوريا واليمن وغيره من البلدان.
aXA6IDE4LjExOC4zNy44NSA= جزيرة ام اند امز