إرث إخوان مصر وأطماع التنظيم الدولي.. شهادة وفاة من الداخل
في تحول تاريخي يمثل "شهادة وفاة" من الداخل، بدأت قيادات إخوانية في التنظيم الدولي للجماعة محاولات لانتزاع منصب الإرشاد من القاهرة.
ومرشد الجماعة تاريخيا مصري الجنسية، لكن على ما يبدو باتت هذه الحقيقة محل نزاع في ضوء الصراع القائم حاليا بين جبهتي القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير غير المعترف به من الجبهة المنافسة التي يقودها الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين.
مؤشرات أكدها خبراء في شؤون حركات الإسلام السياسي في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" بشأن قراءتهم لتحركات قيادات إخوانية في الخارج للمطالبة بتنحي كل من جبهتي منير في لندن، وجبهة حسين بإسطنبول، على خلفية قرار الأخيرة، بفصل منير و13 إخوانيا.
وكان القيادي الإخواني السوري، ملهم راتب الدروبي، أحد رموز الجماعة الإرهابية غير المصريين، قد دعا كلا من محمود حسين وإبراهيم منير إلى "مغادرة منصبهما، وترك القيادة لمن يستحقها".
وقال عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إنه: "واضح لدي ضعف القيادات من الصف الثاني، وانجرارهم وراء هذا الخلاف بدلاً من الوقوف بوجهه بحزم وعزم، أو يعزلوا الأخوين المختلفين فقد جانبا الصواب وعليهما أن يفيا بالبيعة، ويغادرا منصبهما ويتركا القيادة لمن يستحقها".
كما أكد أشرف عبد الغفار القيادي الإخواني المقيم في تركيا، انتهاء شرعية الطرفين (جبهتي حسين ومنير)، قائلا إن :"من يدعو لبقائهم هو ينخر فيما بقي من جسد الجماعة، بل ويخون بيعته وأهدافه".
ويبايع أعضاء الجماعة المرشد العام على السمع والطاعة، تنظيم عرف بتراتبيته الصارمة، ما يمثل مأزقا جوهريا في أي صراع على السلطة داخلها.
وغالبية القيادات التاريخية في مصر تقضي عقوبة السجن على خلفية جرائم إرهابية، بمن فيهم المرشد الحالي محمد بديع، ونائبيه محمود عزت وخيرت الشاطر.
وفي تعقيبه على التطورات الأخيرة، قال منير أديب، الخبير المصري في شؤون الجماعات الإسلامية والإرهاب الدولي، في حديث لـ"العين الإخبارية" إن "قيادات الإخوان في الخارج تريد إنهاء هذه الأزمة حتى لا ينهار التنظيم، عبر دعوتها لقيادات الجبهتين بأن يبتعدا تماما عن القيادة".
وإزاء تحرك قيادات الخارج، يؤكد أديب أن "هناك أكثر من 3 جبهات رئيسية متصارعة داخل التنظيم، وهم؛ جبهتي منير وحسين علاوة على المكتب العام"، مشيرا إلى أنه "داخل كل جبهة من الثلاث جبهات صراعات وانقسامات، حيث إن هناك صراعا داخل جبهة منير، بعد أن خرجت من الجبهة القيادي السوري المطالب بتنحي الجبهت الأخريين".
وفي هذا الصدد، يقول الخبير المصري إن التنظيم "وصل إلى مرحلة الشيخوخة، وبالتالي ما يحدث داخله ليس خلافا أو اختلافا وإنما انهيار للتنظيم بشكل حقيقي وواقعي".
وأوضح: "نتحدث الآن عن أكثر من مرشد داخل التنظيم، وكذلك عن كيانات وكيانات موازية، بالإضافة إلى اتهامات متبادلة لها علاقة بكل طرف بأن الآخر لا يعبر عن التنظيم، ولا يعبر عن الإسلام الذي يمثل التنظيم، كما يرى كل طرف، وبالتالي هذه المعركة سوف تقضي على ما بقي من التنظيم نهائيا بحسب ما يظهر البيان الأخير".
ويعتقد أديب أن مصير التنظيم إلى أفول مؤسساته وانفضاض أعضائه، مشددا على أننا نشهج ما اعتبره "مرحلة اندثار الإخوان".
وبدوره، قال هشام النجار، الخبير المصري في شؤون حركات الإسلام السياسي: هناك بالفعل وكما هو متوقع تحركات من جبهات متربصة ومتحفزة ظلت تخطط للقفز على قيادة الجماعة وتنظيمها الدولي، وهي تجد أن الصراع على قيادة الجماعة والذي طال بين جبهتي منير وحسين يمثل فرصة ثمينة لها لتحقيق هذا الهدف.
ويتابع في حديث خاص لـ"العين الإخبارية": "يأتي في مقدمة تلك الجبهات المستفيدة أولا من يسعون منذ سنوات لنقل قيادة الجماعة، وقيادة تنظيمها الدولي ومنصب المرشد الجماعة العام من المصريين إلى غير المصريين، وهذه رغبة قديمة أثارت في السابق جدلا ومعارك وخلافات بين قيادات مصرية وغير مصرية بالتنظيم الدولي للإخوان".
ويستطرد: "في كل مرة ينجح المصريون في أن يظل الوضع كما هو عليه بحكم نشأة الجماعة في مصر، وأن التقليد المتبع أن تكون القيادة مصرية.. من بدون شك فإن ما يحدث من انقسام وصراعات فضحت الكثير من الفشل والفساد داخل هياكل الجماعة العليا، وهو أمر مغري جدا لأجنحة وقيادات غير مصرية تجد أن الأوان قد حان لنقل قيادة الجماعة لغير المصريين".
أما الجبهة الثانية المستفيدة، والحديث لـ"النجار"، فتحاول استغلال ما يجري من صراعات لتشكيل جبهة ثالثة منافسة تمثل طريقا ثالثا قد يكون حلا للخروج من المأزق هي مجموعة القيادي أشرف عبد الغفار.
من جانبه، يرى أحمد بان الخبير المصري في شئون حركات الإسلام السياسي في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "الأزمة التنظيمية ستتواصل لتكشف المزيد من المشاهد المخزية".
وأوضح أن "هذا التنظيم اكتسب قوته تاريخيا من وحدته، ووحدة القيادة، وهذا الأمر لم يعد قابلا للتحقق من جديد وبالتالي ستتواصل مشاهد التخوين والعزل المتبادل لتؤكد على فشل المشروع الإخوانى، وهشاشة القشرة الأخلاقية لرموز وعناصر هذا التنظيم".
ويتابع: "هذا ما يعزز صورة التنظيم كحزب سياسي هدفه الوحيد حكم البلاد، وليس تمكين القيم والأخلاق في سياق الدعاية السابقة للتنظيم".
ويعيش الإخوان حالة انشطار غير مسبوقة بين قيادات تاريخية حسمت موقفها لصالح منير، القائم بأعمال المرشد (جبهة لندن)، مقابل تصعيد المواجهة من جبهة الأمين العام السابق محمود حسين، بإعلان عزل نائب المرشد عبر مجلس شورى مطعون في شرعية قراراته، فيما يطالب قسم ثالث من الإخوان وبينهم الشباب بالإطاحة بقيادات الجبهتين.
ومؤخرا، قال معسكر إسطنبول، في بيان، إن "مجلس الشورى بحث الممارسات الفردية والإجراءات غير المؤسسية التي يقوم بها البعض في محاولة لفرض واقع جديد وإنشاء كيانات موازية للكيانات الشرعية بالجماعة".
وجاء في قرارات مجلس الشورى العام المطعون في شرعيته، حول فصل منير، أنه "نظرا لقيام إبراهيم منير، عضو المجلس بعدم الالتزام بقرارات مؤسسات الجماعة، وتشكيل كيانات موازية بعيداً عنها، يكون قد أعفى نفسه من جماعة الإخوان، وعليه لم يعد يمثل الجماعة أو يعبر عنها".
كما قررت جبهة حسين أيضا فصل كل من: "أحمد شوشة وأسامة سليمان وحلمي الجزار، وعبد الله النحاس ومحمد البحيري ومحمد الدسوقي ومحمد جمال حشمت ومحمد طاهر نمير ومحمد عبد المعطي الجزار ومحمود الإبياري ومحيي الزايط ومسعد الزيني ونجيب الظريف، وعليه لم يعد أي من هؤلاء ممثلا للجماعة أو معبرا عنها".