في موقف قانوني وإنساني بارز، أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي حكماً برفض الدعوى المقدّمة من القوات المسلحة السودانية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، استناداً إلى غياب الاختصاص القضائي.
هذا القرار ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو شهادة دولية تؤكد نزاهة الإمارات، وتدحض محاولات خبيثة لتشويه سمعتها، واستغلال المحاكم الدولية كأداة تضليل سياسي.
القرار الذي جاء بعد أكثر من ربع قرن، إذ لم تُصدر محكمة العدل الدولية قراراً مماثلاً في مرحلة “التدابير المؤقتة” منذ 25 عاماً، يكشف بوضوح أن القضية لم تكن إلا محاولة للهروب من المساءلة، وصرف الأنظار عن الجرائم الإنسانية التي وقعت بحق الشعب السوداني. وقد شكّل هذا الرفض القضائي صفعة قانونية حاسمة، وقطعاً للطريق أمام كل من يسعى لاختلاق خصومة مفتعلة ضد الإمارات..
الإمارات، ومنذ اندلاع الحرب في السودان، كانت ولا تزال من أبرز الأصوات الداعية لوقف إطلاق النار، وإطلاق عملية سياسية شاملة تُنهي معاناة المدنيين وتفتح باب الإغاثة والتنمية. وبدلاً من الانخراط في الاتهامات أو الرد على الأكاذيب، آثرت أن تكون حاضرة في الميدان الإنساني، وفي قاعات المحاكم، بدبلوماسية رصينة وقانونية رفيعة.
وفي مرافعتها أمام المحكمة، أكدت سعادة ريم كتيت، نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية، أن الدعوى المرفوعة ضد الإمارات تفتقر لأي أساس قانوني، وكانت محاولة واضحة لاستغلال القضاء الدولي في نشر معلومات مضللة. وأشارت إلى أن مثل هذه المناورات لا تخدم الشعب السوداني، بل تكرّس معاناته وتُبعد فرص الحل السياسي الحقيقي.
فبينما ينشغل البعض بتوجيه الاتهامات وتلفيق الروايات، تمضي الإمارات في جهودها لتأمين المساعدات، وبناء جسور السلام، والعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتحقيق حل دائم ومستدام للشعب السوداني الشقيق .
كما تؤكد الإمارات أن استخدام مفاهيم السيادة لتبرير الانتهاكات أو عرقلة المساعدات هو سلوك مرفوض دولياً، ويجب أن يواجه بموقف موحّد من المجتمع الدولي. فصوت الحق لا يجب أن يصمت أمام التجاوزات، والعدالة يجب أن تكون مرآة لكل من ينادي بها.
وبينما تسعى الإمارات لتعزيز الاستقرار ودعم الشعب السوداني، لا يمكن إغفال الحقيقة المؤلمة التي يدركها العالم اليوم: أن الشعب السوداني هو الضحية الأولى لعصابة إجرامية ممثلة في تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي، الذي لا يتورع عن المتاجرة بمعاناته وتوظيف مأساته لتحقيق مكاسب سياسية.
لقد قادت “عصابة البرهان” البلاد نحو الخراب، وغرّبت آمال السودانيين في مستقبل آمن، عبر صراعات عبثية وانتهاكات جسيمة، جعلت من السودان ساحة مفتوحة للفوضى، ومأساة مستمرة تئن تحت صمت العالم.
جسّدت كوادر وزارة الخارجية الإماراتية في لاهاي أرقى صور الدبلوماسية الرصينة ، بثقة هادئة ومنهج قانوني صارم، حيث حوّلوا أروقة المحكمة إلى منبر يُعبّر عن جوهر الدولة الإماراتية: صوت للسلام، شريك للإنسانية، ومدافع صلب عن المبادئ دون صخب أو تنازل.
ختاما..
قرار محكمة العدل الدولية لا يُعد فقط إنصافاً للإمارات، بل صفعة لكل من يحاول تسييس القانون، وتضليل الرأي العام العالمي. وهو في الوقت ذاته دعوة للمجتمع الدولي إلى أن ينظر بجدية في حقيقة ما يحدث في السودان، ويحمّل كل الأطراف المسؤولة عن الدمار والتشريد مسؤوليتها الكاملة. ستبقى الإمارات صوت الحق حين يصمت الآخرون، تنحاز للإنسان لا للمصالح، وتثبت في كل موقف أن المبادئ أقوى من الضجيج، وأن الكرامة لا تُقايض. وفي قلب كل أزمة، تؤكد أن رسالتها واحدة: نصرة الإنسان، وصون الحياة، مهما اشتدت التحديات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة