شهادة دولية في عيد الاتحاد.. كيف تجاوز اقتصاد الإمارات التوقعات ليصبح نموذجا عالميا؟
في عيد الاتحاد الـ54، تتجدّد الشهادات الدولية التي تؤكد المكانة المتقدّمة لاقتصاد دولة الإمارات، في ظل نجاحه الدائم في تجاوز التوقعات وترسيخ موقعه كأحد أكثر اقتصادات العالم ديناميكية وقدرة على التكيّف.
فبين مؤشرات نمو تفوق المعدلات العالمية، وسياسات استباقية عززت التنويع والاستدامة، تبرز الإمارات كنموذج اقتصادي يحتذى به، يستند إلى رؤية واضحة واستثمارات استراتيجية وضعت الدولة في صدارة التقارير والتقييمات الدولية.
وباتت هذه الإنجازات محور إشادة من المؤسسات المالية والهيئات الاقتصادية العالمية، التي ترى في التجربة الإماراتية مثالاً متقدماً على كيفية بناء اقتصاد متوازن قادر على مواجهة التقلبات، وجذب الاستثمارات، وتحفيز الابتكار في مختلف القطاعات.
وعيد الاتحاد هو الاحتفال الوطني الذي تقيمه دولة الإمارات في 2 ديسمبر/كانون الأول، إحياءً لذكرى قيام الاتحاد عام 1971، حين توحّدت الإمارات تحت راية واحدة.
ومع احتفالات عيد الاتحاد الـ54، تتكامل هذه الشهادات الدولية مع ما حققته الدولة من نقلة نوعية في بيئة الأعمال، والتنافسية، والبنية التحتية، ما يعزز الثقة بأن اقتصاد الإمارات يمضي بخطى راسخة نحو مستقبل أكثر ازدهاراً وريادة على الساحة العالمية.
وواصل الاقتصاد الإماراتي تقدمه ليصبح من الأسرع نمواً عالمياً، مع توقعات صندوق النقد الدولي بتحقيق نمو بنسبة 4.8%، كما بلغت التجارة الخارجية غير النفطية خلال النصف الأول من العام الجاري 1.7 تريليون درهم بنمو 24.5%، في حين أقرت الدولة أكبر ميزانية اتحادية في تاريخها لعام 2026 بقيمة 92.4 مليار درهم، وأطلقت الإستراتيجية الوطنية للاستثمار 2031.
وتجاوزت الأصول المصرفية 5.199 تريليون درهم في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، وبالتوازي ارتفع الائتمان إلى 2.478 تريليون درهم، فيما أطلقت الدولة برنامج "الإمارات مركز عالمي للتجارة" لجذب 1000 شركة دولية.
وارتفعت نسبة مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي إلى 257.3 مليار درهم بنسبة 13%، واستقبلت المنشآت الفندقية أكثر من 16.1 مليون نزيل خلال النصف الأول من عام 2025، كما تم تسجيل إنجاز تاريخي بفوز شيخة ناصر النويس بمنصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة
البنك الدولي يرفع توقعاته ويؤكد: الأسرع نمواً في الخليج
رفع البنك الدولي في أكتوبر/ تشرين الأول توقعاته لنمو اقتصاد الإمارات إلى 4.8% في عام 2025، بزيادة 0.2 نقطة مئوية عن تقديراته الصادرة في أبريل/ نيسان الماضي، وبمعدل أسرع بمقدار 0.9 نقطة مئوية عن تقديرات أكتوبر/ تشرين الأول 2024، ليتصدر قائمة أسرع اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي نمواً هذا العام، بدعم التوسع القوي في الاقتصاد غير النفطي.
ورسم البنك صورة إيجابية لآفاق نمو الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط، مع استمرار اتساع نطاق النشاط الاقتصادي - مع مساهمات ملحوظة من قطاعات الخدمات المالية، والتشييد، والنقل والعقارات.
ووفقاً للتقرير يتوقع البنك الدولي أن يواصل النشاط الاقتصادي زخمه، خلال الفترة من 2025 وحتى 2027، بتسجيل نمو تصاعدي يصل إلى 5% العام المقبل 2026، بزيادة 0.9 نقطة مئوية عن توقعاته السابقة في شهر أبريل/ نيسان الماضي، وأن يرتفع إلى 5.1% في عام 2027.
وأشار البنك الدولي في تقريره إلى ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للدولة خلال العام الجاري بنسبة 2.4% وبنسبة 3.2% خلال العام المقبل، متوقعاً أن يصل معدل التضخم إلى 2.1% هذا العام وإلى 2.0% في العام المقبل 2026.
صندوق النقد: وجهة استثمارية آمنة ومُواتية
من جهته، توقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات بنسبة 4.8% في عام 2025، بدعم من نمو قوي في القطاعات غير النفطية وانتعاش إنتاج الهيدروكربونات مع رفع إنتاج مجموعة أوبك+، على أن يتسارع نمو الاقتصاد إلى 5% في عام 2026، بحسب بيان صادر عن فريق الصندوق في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقال فريق الصندوق في بيانه: "أظهرت دولة الإمارات مرونة قوية في مواجهة حالة عدم اليقين العالمية، والصراعات الإقليمية، وتقلبات سوق النفط. ومن المتوقع أن تحقق الإمارات نمواً قوياً، متجاوزةً بذلك المتوسط العالمي في عام 2025، بدعم من التنويع الاقتصادي المستدام وتوسع الصادرات".
وأضاف عن الاقتصاد الإماراتي: "يستمر التوسع في قطاعات السياحة والبناء والخدمات المالية في دعم النمو، مدعوماً بمشروعات البنية التحتية الكبرى".
ويتوقع فريق صندوق النقد أن يسجل التضخم 1.6% في عام 2025، وحوالي 2% على المدى المتوسط.
ويتوقع فريق الصندوق أن يحافظ الاقتصاد الإماراتي على مرونته في مواجهة حالة عدم اليقين في السياسات العالمية. وأن "ستعزز الجهود المستمرة لتوسيع نطاق اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة المرونة وستدعم التنويع، بينما تواصل الأسواق المالية وتدفقات رأس المال إظهار مرونتها في مواجهة الصدمات العالمية، مما يعكس ثقة المستثمرين القوية".
وأضاف الصندوق: "يتقدم تحديث القطاع المالي في دولة الإمارات العربية المتحدة بثبات، مع إحراز تقدم في إطلاق الدرهم الرقمي ووضع لوائح استباقية جديدة للعملات المستقرة".
وقال فريق الصندوق: "تواصل أجندة الإصلاح الحكومية تعزيز التنويع والنمو متوسط الأجل من خلال الاستثمارات في التكنولوجيا والبنية التحتية والخدمات، مدعومةً بتحديث الخدمات العامة وبيئة الأعمال. كما ينبغي أن يظل التكيف مع المناخ وإدارة المياه والأمن الغذائي من أولويات السياسات طويلة الأجل".
ستاندرد آند بورز: أوضاع مالية قوية للإمارات
في يونيو/ حزيران الماضي، منحت وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال للتصنيف الائتماني، دولة الإمارات تصنيفاً ائتمانياً عند مستوى (AA) مع نظرة مستقبلية مستقرة، في أول تصنيف ائتماني سيادي للإمارات من قبل الوكالة.
وأكدت «ستاندرد آند بورز غلوبال» أن التصنيف طويل وقصير الأجل لدولة الإمارات (+AA/A-1) للعملات الأجنبية والمحلية، والنظرة المستقبلية المستقرة، يعكس توقعاتها باستمرار قوة الأوضاع المالية والخارجية لدولة الإمارات خلال العامين المقبلين، في ظل استمرار السياسات الحصيفة والنمو الاقتصادي المرن.
وأوضحت الوكالة في تقريرها أنه على الرغم من انخفاض أسعار النفط والتحديات الناجمة عن تباطؤ الاقتصاد العالمي، فإنه من المتوقع أن تدعم الفوائض المالية المستمرة على مستوى الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، إلى جانب دخل الاستثمار من الأصول السائلة، زيادة صافي الأصول إلى ما يُقدر بنحو 177% من الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2028.
وأكدت الوكالة أن التصنيف يعكس رؤيتها للمتانة المالية وقوة الأصول الخارجية لدولة الإمارات، مشيرة إلى أن القوة الاستثنائية لصافي مركز الأصول للحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، تعزز قدراتها على استيعاب آثار تقلبات أسعار النفط والتوترات الجيوسياسية في المنطقة على النمو الاقتصادي وإيرادات الحكومة والحساب الخارجي.
موديز: مكانة رائدة في التمويل المستدام
وفي أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، أكد راؤول غوش، الرئيس العالمي للتمويل المستدام في وكالة "موديز العالمية للتصنيف الائتماني"، أن دولة الإمارات تعزز مكانتها الرائدة كمركز للتمويل المستدام، مشيداً بتوسع الابتكار في مشروعاتها الخضراء ليتجاوز مصادر الطاقة التقليدية ويشمل صناعات وتقنيات متقدمة.
وقال غوش إن الابتكار في الإمارات لم يعد يقتصر على طاقة الرياح والطاقة الشمسية، بل امتد ليشمل قطاعات متقدمة مثل الصلب منخفض الكربون، والأسمنت منخفض الانبعاثات، ومراكز البيانات عالية الكفاءة في استهلاك الطاقة والمياه.
وأثنى على نجاح شركات إماراتية مثل "مصدر" في برامج السندات الخضراء، وإصدار "دي بي ورلد" أول صك أزرق بالمنطقة لاستهداف البنية التحتية للموانئ ومكافحة التلوث البحري، مؤكداً أن القطاع المالي يقود الابتكار في أدوات التمويل المستدام.
وكانت وكالة موديز قد أكدت في المراجعة السنوية لعام 2025 التصنيف السيادي لدولة الإمارات عند "Aa2" مع نظرة مستقبلية مستقرة.
فيتش: أصول سيادية من الأعلى في العالم
كما أكدت وكالة فيتش، في يونيو/ حزيران 2025، تصنيف الإمارات عند "AA-" مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وأوضحت الوكالة أن هذا التصنيف يعكس قوة الأصول الخارجية الصافية للدولة، واعتدال الدين الحكومي الموحد، وارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، مدعوماً بشكل أساسي بأصول أبوظبي السيادية، التي تُعدّ من الأعلى بين الدول التي تصنفها «فيتش».
ويعكس هذا الإجماع من وكالات التصنيف العالمية الثلاث المكانة المالية المتقدمة لدولة الإمارات، ويعزز موقعها كواحدة ضمن نخبة الدول التي تحظى بتصنيفات ائتمانية قوية من جميع الوكالات الكبرى في العالم.
وفي السياق ذاته، شهد العام إطلاق مشاريع كبرى مثل "الطي هيلز" في الشارقة و"ديزني أبوظبي" و"ثيرم دبي"، إلى جانب مبادرات ثقافية بارزة مثل افتتاح "تيم لاب أبوظبي" ومتحف التاريخ الطبيعي ومتحف دبي للفنون.
وارتقت الإمارات إلى مراكز متقدمة في التنافسية العالمية، وجاءت ضمن قائمة الخمسة الكبار في التقرير السنوي للتنافسية 2025 الصادر عن مركز التنافسية العالمي، وتصدرت العالم للعام الرابع في تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال GEM، وحلت في المرتبة العاشرة عالمياً في مؤشر القوة الناعمة 2025.
وتصدرت الإمارات جهود حماية البيئة عبر مشاريع رائدة مثل رحلة الاستكشاف البحري الأولى لقيعان البحر، مع توجه لتوسعة المحميات الطبيعية في أبوظبي إلى 20%، وإطلاق محطات للطاقة الشمسية ومشاريع هيدروجين ورياح داخل الدولة وخارجها عبر شركات وطنية.
وحققت الإمارات في عام 2025 ثورة في الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، إذ بلغت نسبة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي 97%، وتجاوز عدد المبرمجين 450 ألفاً.
وشهد 2025 تدشين مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي – الأمريكي بسعة 5 غيغاواط، وتوقيع إطار تعاون إماراتي – فرنسي، وإطلاق مركز تميز عالمي للأمن السيبراني بالتعاون مع "غوغل"، إضافة إلى مبادرة عالمية بقيمة مليار دولار لدعم مشاريع الذكاء الاصطناعي في أفريقيا.
وتوالت مشروعات البنية تحتية والتنمية الحضرية، مثل مشروع القطار فائق السرعة بين أبوظبي ودبي، وخطة طرق وطنية بـ170 مليار درهم، ومشاريع ضخمة في النقل والمياه والطاقة، إضافة إلى توسعات إسكانية كبرى في مختلف المناطق.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTUzIA== جزيرة ام اند امز