عالم أزهري: هذه أسباب فتح مكة وعدم بقاء النبي فيها (حوار)
يرتبط شهر رمضان بالعديد من المناسبات الدينية الخالدة في الوجدان الإسلامي، من بين هذه المناسبات: فتح مكة في العام الثامن من الهجرة.
فتح مكة كان نصرًا عظيمًا خلده القرآن الكريم، وكان له أثر كبير في تمدد الدعوة الإسلامية في الجزيرة العربية، بعدما تحقق حلم المسلمين المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم بالدعوة إليها مرة أخرى منصورين بنصر الله.
"العين الإخبارية" حاورت الدكتور السيد سليمان، من علماء الأزهر الشريف، للحديث عن هذا الحدث العظيم، واستخلاص دروسه ومواقفه.. فإلى نص الحوار:
متى حدث فتح مكة ولماذا حدث؟
كانت الغزوة في العام الثامن من الهجرة، وسبب هذه الغزوة أن قريش نقضت ما تعهدت به في صلح الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنصرت قبيلة بكر الموالية لها على قبيلة خزاعة الموالية لرسول الله، وكان العهد القائم بين النبي وقريش أن من أحب أن يدخل في حلف أحدهما فهو آمن، فدخلت بكر في حلف قريش، ودخلت خزاعة في حلف النبي، فحدث أن قريش تعرضت لخزاعة، فلذلك أراد الله أن يتم نوره وأن يحدث هذا الغدر، لكي يدخل سيدنا رسول الله منتصرًا في فتح مكة.
لماذا نصب النبي قبته بجوار روضة السيدة خديجة؟
السيدة خديجة لها فضل وسبق في الإسلام، وهي أول من آمنت بسيدنا رسول الله، فما فعله سيدنا رسول الله هو اعتراف لها بالفضل، ووفاء لها رضي الله عنها، حتى بعد وفاتها، وهذا كان من شيم رسول الله فكان دومًا يذكرها بخير، فتشريفًا وتكريمًا ووفاءً وبرًا لها نصب قبته بجوار روضتها.
لماذا رد سيدنا رسول الله بعض الصحابة عن القتال؟
دخل رسول الله مكة خافض الرأس خاضعًا خاشعًا شاكرًا لله عز وجل الذي من عليه بالنصر في هذا اليوم، وحينما سمع سيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه يقول: "الله يوم الملحمة"، أمر أن تؤخذ منه الراية، لأن النبي أراد أن يدخل مكة دون أن تراق الدماء، وقال للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "خذ الراية يا علي، وقولوا: اليوم يوم المرحمة"، لأن النبي أراد أن ينشر الرحمة على أهل مكة في يوم الفتح، رغم أنه عانى منهم وعانى منهم أصحابه، لكنه أراد أن يدخل عليهم بالأمان حتى لا تراق الدماء في البيت الحرام.
لماذا عفى رسول الله عن بعض أهل مكة المحاربين للإسلام؟
عفا النبي عن الذين ناصبوه العداء، وذلك لأن سيدنا رسول الله أراد أن يكون مضرب الأمثال في المحافظة على الدماء، وأيضًا كان رسول الله مثلاً كريمًا في سمو النفس والعفو عند المقدرة.
لم يفكر النبي في الانتقام لنفسه ولا للمسلمين من قريش، ولكن نظر إليهم نظرة كلها عفو ورحمة، وقال لهم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، وهذه هي أخلاق النبوة، وأخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأن الله مدحه وقال: " لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا" (الأحزاب: 21).
كيف تعامل رسول الله مع الحرم بعد أن فتح مكة؟
رفض رسول الله طلب بني هاشم لضم الحجابة مع السقاية، والحجابة هي أن القيام بمهام البيت، أما السقاية فهي سقاية الحجيج من ماء زمزم، وهناك الرفادة وهي إطعام الحجيج، وكلها من أمور الشرف التي يتنافس عليها العرب.
فقال النبي: "لا، تقدم يا عثمان، وخذ مفتاحك، اليوم يوم بر ووفاء، خذوها يا بني شيبة، خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم، يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته".
لماذا لم يبقى رسول الله في مكة بعد أن فتحها؟
لأنه عاهد أهل المدينة على ذلك، وهو أخذ العهد والميثاق معهم على الرجوع إليهم، وهذا بوحي من الله، لأن الله اختار له هذا المكان ليكمل فيه حياته، فكان هذا وفاء وبرًا من رسول الله مع أهل المدينة، وتنفيذًا لأمر الله.
ويعد هذا الموقف من جميل أخلاق رسول الله، لأنه أوفى بعهده، ولم يكن قط غادرًا.
لماذا قال رسول الله: "لا هجرة بعد الفتح"؟
لأن الهدف من الهجرة أن يفر الإنسان بدينه حتى يأمن عليه ويجد مكانًا مهيئًا لعبادة الله ونشر الدعوة، فلما حدث الفتح، وفتح الله عليهم البلاد وأدخل في دينه العباد، وانتشرت الدعوة الإسلامية في الجزيرة العربية، فأصبحت الهجرة لا محل لها، لأن الشرائع الإسلامية أصبحت تقام في مكة والمدينة والحجاز والعراق واليمن وغيرها، فلذلك ليس هناك مبرر للهجرة.
aXA6IDMuMTYuNjkuMjQzIA== جزيرة ام اند امز