الشباب هم زهرة الأوطان، وأساس رأس مالها البشري، وقادة غدها المشرق..
ولذلك فهم عُرضة لسهام أصحاب الأجندات الدخيلة والتيارات المختلفة، وخاصة في الفضاء الإلكتروني المفتوح، الذي يعج بأشكال وأنواع من الأفكار والثقافات والاستقطاب الفكري، ولذلك فإن تحلّيهم بالوعي الإيجابي والقيم الأصيلة والمبادئ القويمة صمام أمان لهم.
إن طرق استهداف الناشئة لا تقف عند حد، بل تتجاوز كل الخطوط الحمراء والممنوعات، سواء باستهدافهم في دينهم وعقيدتهم بالشبهات والتشكيك والتحريض على الإلحاد، أو باستهدافهم في عقولهم بتحريضهم على تعاطي المخدرات، التي أصبحت الدعاية لها من قبل شبكات الإجرام حتى على مستوى تطبيقات التواصل الخاصة، فقد يتفاجأ الشاب على حين غرة برسالة أو مكالمة من غريب يُسوِّق له المخدرات بأشكالها وأنواعها، أو باستهدافهم في أخلاقهم وسلوكياتهم حتى بتحريضهم على الشذوذ، الذي تنفر منه الفطر السوية، وكسر كل المحرمات أمامهم، أو باستهدافهم في انتمائهم وولائهم الوطني بتحريضهم على وطنهم وقادتهم، تارة باسم الديمقراطية والتغيير، وتارة تحت الشعارات الدينية البرّاقة.
إن كل هذه الأفكار الدخيلة وغيرها تقتضي من الشباب أن يكونوا على درجة عالية من الوعي والتحصين الإيماني، متمسكين بدينهم القويم وعقيدتهم الصافية النقية، التي تقوّي صلتهم بالله تعالى، وتجعلهم يسيرون وفق قواعد سليمة، وأسس متينة، فيكونون كالجبال الراسخة التي لا تهزها رياح مهما كانت عاتية، وخاصة في فترة الشباب، التي هي أثمن الفترات، وأولى أوقات العمر بالعناية والاهتمام، ليكونوا ممن أخبر عنهم النبي، صلى الله عليه وسلم: "سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله"، وذكر منهم فقال: "وشاب نشأ في عبادة الله"، فيكونوا في سعادة واطمئنان، سالمين من الشكوك والاضطراب والانخداع بالأفكار الدخيلة.
ومن أعظم ما يُعينهم في هذا الباب الإقبالُ على تلاوة القرآن الكريم وحفظه، فهو ينير القلب، ويهذب النفس، ويرتقي بالروح، قال الله تعالى: "إنَّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم"، وخاصة أبناءنا الطلبة في إجازتهم الصيفية، وتحفل دولتنا بحمد الله تعالى بالبرامج الصيفية المتنوعة التي تُعنى بتحفيظ القرآن الكريم في مختلف أرجاء الإمارات، والتي تفتح أبوابها أمام الناشئة لينهلوا من معين القرآن الصافي الزلال.
ومن أهم الوسائل التي يحتاج إليها الناشئة بعد التحصين الإيماني هو التحصين المعرفي والمنهج الصحيح الواعي في تلقي الأفكار والثقافات والمعلومات والأخبار، فالعلم نور، والثقافة الإيجابية صمام أمان، وتلقي العلم من أهله المختصين المنضبطين في أي مجال كان، وأخذ المعلومات من المصادر الموثوقة أساس مهم في التعلم والتثقيف، وكذلك تلقي الأخبار من مصادرها الرسمية جدار حماية من الشائعات والأقاويل.
ومن أهم ما يحصّن الشباب كذلك من الأفكار الدخيلة التحلّي بمبدأ السلامة والوقاية، والاستخدام الرشيد الآمن لوسائل التواصل، فقديمًا قال العلماء والحكماء: "الوقاية خير من العلاج، والسلامة لا يعدلها شيء، والعاقل لا يلقي سمعه لأصحاب الفتن والشبهات، فيتأثر بأفكارهم الدخيلة، أو يبحث لها عن إجابات، فربما وجدها وربما لم يجدها"، فتبقى تلك الأفكار عالقة في ذهنه، وربما تنخر في فكره، خاصة وأن صاحب الفكر الدخيل قد يروج لفكرته بأثواب ومصطلحات مزخرفة، فقد يروج للإلحاد باسم العقلانية، وللشذوذ باسم الحقوق والحرية الشخصية، وللثورة وهدم الدول باسم الإصلاح والنضال، وللمخدرات باسم المتعة واللذة، وهكذا في سائر الأفكار، ولا يكتفي بذلك حتى يضيف إليه الوسائل الإقناعية، والمؤثرات النفسية والعاطفية، وفنون الدعاية والترويج، واستغلال مختلف المنصات الإلكترونية كسوق لعرض هذه البضائع الفكرية الدخيلة لتغرير الناشئة بها.
ومما يصون الشباب من الأفكار الدخيلة كذلك التحلي بقيم المواطنة الإيجابية، التي تجعل الشاب عضوًا صالحًا نافعًا في مجتمعه، يقف مع قيادته الرشيدة، ويصطف خلفها مؤازرًا ومعاونًا، ويتحلى بأخلاق "زايد الخير"، أخلاق التواضع والتفاني وحب الخير ونفع الناس، وقيم البر والإحسان، وانتقاء الكلام الطيب، والسلوك الراقي، في حضره وسفره، مع الناس جميعًا، والاعتزاز بهويته وثقافته، والإيمان بقدراته وطاقاته، متوكلا في ذلك كله على الله تعالى، ساعيًا على الدوام للارتقاء بنفسه، وتحصينها من كل فكر دخيل، والتحلي بأجمل المبادئ والقيم، ودعم مسيرة دولته في بناء صرح حضاري مشرق.
نقلا عن البيان الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة