الاستثمار المستدام Vs شكوك الاحتيال.. معركة محتدمة

حركة الاستثمار المستدام تقوم على فكرة جوهرية مفادها يمكن للمستثمرين وبشكل متواز تحقيق الخير للمناخ بدعم حماية المناخ وخفض الانبعاثات.

من خلال القيام بذلك أيضاً يمكن تحقيق الربحية، بحسب المراقبين يمكن تحقيق شرط الجمع بين الربح والفضيلة المناخية، شريطة أن يكون مناخ الاستثمار في بلدان مؤيدي الاستثمار المستدام غير معاد لاعتبارات الاستدامة لدوافع أيديولوجية أو حزبية سياسية.

صناديق الاستثمار الأوروبية

شكلت الصناديق المتداولة في البورصات الأوروبية والمتماشية مع الأهداف البيئية والاجتماعية والحوكمة نسبة 65 في المائة من صافي التدفقات الواردة إلى صناديق الاستثمار المتداولة أوروبيا عام 2022، حتى مع ضعف أداء استراتيجيات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، بحسب تقرير نشر حديثا للفايننشال تايمز.

يوجد الآن 249 مليار يورو في صناديق الاستثمار المتداولة المتوافقة مع ESG في أوروبا، ما يمثل 18.8 في المائة من إجمالي الأصول.

تعرضت شعبية حركة الاستثمار المستدام أو الالتزام بالمعايير البيئية والاجتماعية والمؤسسية لدى الرأي العام في أوروبا إلى هزات عنيفة، بسبب فضائح كشفت احتيال بعض الشركات وقيامها بأنشطة الغسل الأخضر، مثل قيام شركة أزياء عالمية بالاعتماد على شركة في سلاسل إمداد تقوم بممارسات مهينة للعمالة أسمتها الصحافة الإنجليزية "العبودية الحديثة"، مما يتعارض مع قواعد الحوكمة الاجتماعية.

الجمهوريون الأمريكيون معادون للحوكمة البيئية

في حين تعرضت الإدارة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لهجوم حاد في الولايات المتحدة، خصوصا في الولايات الحمراء، المدارة من جانب الحزب الجمهوري، باعتبارها حصان طروادة لتمرير السياسات البيئية للحزب الديمقراطي خصوصا ما يعتبره الجمهوريون أجندة الجناح اليساري للديمقراطي.

حاكم ولاية فلوريدا والمرشح الرئاسي رون ديسانتيس De Santis جزء من رد فعل يميني متصاعد ضد "الاستيقاظ"، الوصف الجمهوري للسياسات الليبرالية للديموقراطيين، في وول ستريت في العام الماضي نفذ الحاكم الجمهوري رون ديسانتس De Santis حظرًا على اعتبارات الاستثمار المستدام ESG من قبل صندوق معاشات ولاية فلوريدا.

قرار ولاية فلوريدا الرافض للاستدامة المالية

نص قرار حاكم فلوريدا الجمهوري على أن قرارات الاستثمار "يجب أن تستند فقط إلى العوامل المالية التي لا تشمل النظر في تعزيز المصالح الاجتماعية أو السياسية أو الأيديولوجية"، وينص على أن إدارة الأعمال الاستثمارية "لا يجوز لها التضحية بعائد الاستثمار أو مراعاة مخاطر الاستثمار الإضافية، للترويج لأي عوامل غير مالية".

قال الحاكم رون ديسانتيس في تبرير قراره "تم استخدام قوة الشركات بشكل متزايد لفرض أجندة أيديولوجية على الشعب الأمريكي من خلال تحريف أولويات الاستثمار المالي تحت اللافتات الملطفة للحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات والتنوع والإدماج والإنصاف"، "مع قرار تجاهل اعتبارات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية لن يتم الاستيلاء على أموال الضرائب لشعب فلوريدا من قبل الشركات المالية في وول ستريت واستخدامها لتنفيذ السياسات من خلال غرف مجالس الإدارة التي يرفضها سكان فلوريدا في صندوق الاقتراع، نحن نعيد تأكيد سلطة الحوكمة الجمهورية على هيمنة الشركات ونعطي الأولوية للأمن المالي لشعب فلوريدا على المفاهيم الغريبة عن الغد المثالي".

رد شركات الاستثمار على الانتقادات

ردت شركة بلاك روك، أكبر شركة إدارة استثمارات في العالم بقيمة 10 تريليونات دولار، على الانتقادات بالقول "يقع على عاتق الموظفين العموميين المنتخبين والمعينين واجب التصرف بما يحقق أفضل مصالح الأشخاص الذين يخدمون. إن تسيس صناديق التقاعد الحكومية، وتقييد الوصول إلى الاستثمارات، والتأثير على العائدات المالية للمتقاعدين، لا يتماشى مع هذا الواجب، تستحق ولاية تكساس (تبنت سياسات فلوريدا في صورة معاقبة صناديق الاستثمار التي تقاطع شركات الطاقة) الوصول إلى مجموعة كاملة من مديري الأصول، وفرص الاستثمار التي يمكن أن تساعدهم على تحقيق أهداف التقاعد الخاصة بهم".

المراقب المالي لولاية تكساس جيلين هيجر أشار إلى أن ولاية تكساس في معاقبتها لشركات الاستثمار التي تقاطع شركات الطاقة التقليدية، قامت بذلك لأن صناديق الاستثمار المتبنية لقواعد الاستثمار المستدام تقوم بممارسات غير منطقية وغير عملية ومتعارضة مع الرفاه الاقتصادي لسكان ولاية تكساس.

مستقبل الاستثمارات المستدامة

من المتوقع نمو الاستثمارات في الولايات المتحدة حسب شركة PricewaterhouseCoopers (PwC)، و أن أكثر من ثمانية من كل عشرة مستثمرين مؤسسيين يخططون لزيادة مخصصاتهم في قواعد ESG في السنوات القادمة، لذا من المتوقع أن تصل أصول ESG الخاضعة للإدارة إلى 33 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2026، ما يمثل أكثر من 20 في المائة من جميع الأصول الخاضعة للإدارة على مستوى العالم، مقابل 1% حالياً في صناديق الاستثمار الأمريكية.